للأسف.. حين أتت نهاية رامي قشوع «معرفش يوقفها»
داخل صالة الألعاب الرياضية يمارس رياضة الجري، يعلم مدى أهمية لياقته البدنية لصحته، بسنوات عمره الـ60، غير أن نجوميته تستلزم جسدًا ممشوقًا مثلما كان دومًا. يتذكر كم تطلب فيلمه «سمع هس» من جهد؛ لكثرة ما به من استعراضات وغناء.. «أنا حمص حمص يا حلاوة.. آخر عفرته كلّي شقاوة» تتردد في الخلفية لذكرى أيامٍ ولّت.
يستمر في الجري، في أحد مشاهد فيلمه الرائع «بطل من ورق»، الذي أحبه كل من رآه، كان هو «رامي قشوع» يركض في شوارع القاهرة حاملًا حقيبة النقود وفي جيبه ذلك المنديل الأحمر الطويل، يحاول اللحاق بسمير، ذلك القاتل المعتوه، الذي حوّل السيناريو الذي كتبه قشوع إلى خطة محكمة للسرقة والقتل.
يزداد جهده، قلبه يَضعُف، تنازع رئتاه كي تستوعب كمًا أكبر من الأكسجين ينقذ القلب المسكين، يؤلمه صدره بشدة، ماذا دهاه؟ يتوقف قليلًا علّها أزمة طارئة ستنتهي بأن يلتقط أنفاسه، ثم يعود للركض مرة أخرى، أو قد يكتفي بهذا القدر ويعود لمنزله سعيًا لنيل قسط من الراحة.
الراحة، لم يهنأ بها قط حين كان هو «رفيع بيه العزايزي» في المسلسل الشهير «الضوء الشارد»، كان يحمل فوق عاتقه إرث عائلة العزايزي.. «الأرض اللي العين متجيبش آخرها»، حتى حين تزوج، فعل ذلك فقط لمصلحة العائلة، في النهاية فقط، تمكن أخيرًا من اختلاس قدرًا من الراحة والسعادة بصحبة الوحيدة التي حركت قلبه.. «فرحة».
يشاهده الجميع يسقط، تتحول حركته إلى سكون تام، تحمله الأيدي في ذعر وتركض لإنقاذه، تتوتر الأجواء فجأة، الفنان دائم الشباب فجأة تحول إلى جسد ساكن لا يتحرك، ولا يملك من أمره شيئًا، مثلما كان عاجزًا وهو «علي سليم البدري» في المسلسل الملحمي «ليالي الحلمية»، حين سُجِن في أعقاب نكسة 1967، قبل أن يخرج ويعود لعالمه بقوة.
نُقل إلى المشفى، محاولات مستميتة لإنعاش قلبه، والأخير يأبى، على مدار 60 عامًا استنفذ كل ما لديه من قوة وطاقة، يستقيم الخط، ويعلو صوت الأجهزة بذلك الصوت المميت، عدد من الصافرات المنتظمة في إيقاع ثابت تؤكد وفاة القلب، عادت الروح لمن خلقها، قضي الأمر.. ليسقط بذلك الضابط «يوسف» الفرد الرابع والأخير من «كتيبة الإعدام» بعد وفاة الثلاثي شوقي شامخ، معالي زايد ونور الشريف.