أمير السكري يكتب: مجتمع فى الغيبوبة

أمير السكري يكتب: مجتمع فى الغيبوبة

لا يساورني الشك مطلقا، في أننا منذ سنوات إلى الآن نعيش بداخل مشهد اجتماعى، يمكن تشبيه بـ«الطعام البائت» أو مثل «فيلم هابط» لم يحقق إيرادات!

فغالبيه  المجتمع المصرى أصبحت تسير وفقا للاصطناع، والالتفاف  والتجمل المزيف، حيث نجد أن سلوكيات الكثير من المواطنين، وردود أفعالهم أصبحت مبتذلة، ومصطنعة، ولا تعبر عن نوايا طيبة أو عن الحقيقة، حتى الابتسامة صارت مصطنعة ! فوحدها جرعات الحزن، اﻷلم، والقهر هي التي تأتى بلا اصطناع معبرة عن واقع آليم.. فهم يعرفون طريقهم جيدا ويتسللون إلى النفس ببراعة فى زمن وأوضاع مريبة قد مهدت لهم الطريق نحو نموهم واستفحالهم بالنفس، فمشكلتنا الاجتماعية وإن كانت السياسة قد أسهمت فى تمددها، فإنها تبقى قائمة بذاتها، وتتعلق بشكل مباشر بمنظومة القيم، ومدى ترنحها، وكذلك النفوس الضعيفة المهزومة والتى لم تقدر على مواجهه الضغوط المجتمعيه فتنساق مباشره نحو الشرور ،وبالنظر إلى الحاله النفسيه والعصبية للمصريين فإنها صارت رخوة تجمع بين كل أشكال الترد .

ومن هنا أصبح لزاما علينا أن نسأل أنفسنا لماذا وصلنا إلى هذه الوضعية المخزية والمحزنة؟!

لقد أثرت بشكل كبير تلك الأحوال المعيشية العسيرة على سلوكيات، وطباع المصريين وجعلتهم أكثر عرضة للأمراض سواء النفسية أو العصبية ومن هنا نجد كثرة فى المشكلات، والمشاحنات، والاحتقان بينهم، بل وتملكت مجتمعنا حاله من الشكوك، والتخوين فلا أحد يعطى الأمان والثقه لأحد !! إلا من رحم ربى وهم قلة.

أصبحنا نعيش فى واقع مريب تهضم فيه حقوق الأنقياء والأبرياء والشرفاء، ويفتح فيه المجال للأشرار وأصحاب القوة والنفوذ..

وإنطلاقا من أن لكل مقام مقال، ومع اعترافنا بضراوة الظلم الواقع على المصريين؛ نتيجة انعاكاسات متعلقة بالمناخ السياسي القائم إلا أنها لا تتعدى كونها مجرد حلقة واحدة فى سلسلة طويلة أبرز حلقاتها الأساسية هى إنعدام التربية، واﻷخلاق، وحدوث خلل جسيم بمنظومة القيم والمبادىء، وهذا ليس دفاعا عن النظام السياسى، فالحق أحق أن يتبع، وعلينا اﻷخذ بكافة اﻷسباب بالتوازى دون تلميع أو إبراز لشىء معين على حساب اﻷخر، فالواقع مرير ويقتضى تحكيم الضمير.

الوضع الاجتماعى بعيدا عن ربطه بالسياسة لا محل له من اﻹعراب! وعلينا التعامل مع هذه الواقع الاجتماعي بمفرده دون مزجه بأى مكون سياسى حتى لاتفرغ القضية من مضمونها  وبصراحة مطلقة وبدون رص كلمات أو شعارات حالمة تهرب بنا إلى الخيال بعيدا عن واقع وجوهر المشكلة ؛ اتساءل وكلة حيره كيف سننشأ أجيالا، ونزرع بداخلهم القيم والمبادىء السمحة، وهم قد تربوا على سماع المهرجانات الشعبية المنحلة والرخيصة؟! أو مشاهده المئات من القنوات الهابطه التى تعج بالراقصات وكافة أنواع الاباحه ؟! باﻹضافه إلى تفشى المخدرات والمكيفات بداخل المجتمع. فنحن بصدد أجيالا معظمها لا يشغلها سواء المزاج ومتطلباته ..

وبالحديث عن  اﻹيتيكيت اللفظى وطرق وأساليب التعامل ، فإنهم أصبحوا فى حالهة يرثى لها نهيكم عن إنحطاط الذوق العام، وتبلد المشاعر واﻷحاسيس، وكذلك اللامبالاة والافراط فى السلبية..

وهذا الواقع الاجتماعى هو من يجلب ويصنع الحكام فعلى قدر الثقافة والقيم للشعوب تأتى الحكام ولا نلوم إذن صناديق اانتخابات أو العملية الانتخابية  عن إفرازاتها، فهى تستقبل فقط مخرجات تملى عليها وعلينا القبول بهذه المخرجات والتى هى إنعكاس لواقع إجتماعى فرضته أشياء كثيره علينا .

وبغير الحديث عن نقطة إختيار الحكام، فالنواحى الثقافية والاجتماعية للشعوب تقرر مصيره فى كافه نواحى الحياة وأظن أن واقعنا الاجتماعى اﻷليم اﻷن سيذهب بنا مالم يكن قد ذهب إلى منعطفات صعبة وخطيرة. فرجاءا تعاملوا مع مشكلاتنا الاجتماعيه كمشكلات قائمة بذاتها، فهى كوارث حقيقيه دون مبالغة من غير مزجها  أو ربطها بأى مشكلات أخرى سواء سياسيهة أو غيرها حتى نكون قادرين على تضييق الخناق على هذه اﻷوبئة الاجتماعية المزمنة وعلاجها وهى مهمة يتشارك فيها النظام السياسى مع الشعب فالكل مسئول عنها، ولن نحقق تقدما فى أى مجال بوجود ذلك المناخ الاجتماعى المقزز والمشوه والذى تهدر معه قيمة وكيان اﻹنسان وكذلك قيم التعايش والمواطنه.

هذا المقال ضمن مسابقة «شبابيك» للكتاب الشباب.. تعرف على تفاصيل المسابقة وشروط كتابة المقالات عبر «شبابيك» بالضغط هنا

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر