شعوب اختارت العزلة وتخلفت عن الحضارة.. (الأميش)
في كل يوم يتغير العالم وتظهر اكتشافات واختراعات جديدة، وتقام مؤتمرات ومباحثات، ودول تكبر وتتنافس في شتى المجالات لتحقق مزيد من التقدم والنمو، ولكن في ظل كل هذا هناك شعوب على ذات الكوكب بعيدة تماما عن كل هذا، ولها أسلوب حياة مختلف
"شبابيك" تفتح لك نافذة من خلال سلسلة (شعوب اختارت العزلة وتخلفت عن الحضارة) على قبائل وطوائف تعيش معنا على الكوكب لكنها قررت الانفصال عن العالم والحياة بعيدا عن كل ملامح التقدم التي يعيشها العالم.. في حلقة اليوم سنتطرق إلى طائفة "الأميش" أحد هذه الشعوب والتي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.
من هم "الأميش"؟
رأى الراهب "أمان جاكوب" إن أفضل حل للحياة والعيش والبعد عن مشاكلها والتقرب من الله والوصول للجنة، هو التمسك بتعاليم المسيح والإنجيل والمحافظة على الحياة التقليدية.. هذه الفكرة جاءت للرجل منذ 350 عاما، بعدما هرب هو وجماعته من ثورة الإصلاح الديني في أوربا ووصولوا للعام الجديد وقتها وهو أمريكا، حيث استقروا في مدينة "بنسلفانيا".
التاريخ توقف بالنسبة لـ"جاكوب" وجماعته" منذ ذلك الوقت، ويعيش أفراد هذه الطائفة حتى وقتنا هذا على نفس الطريقة التي كان يعيش عليها أسلافهم منذ 350 عاما. وقد أطلق عليهم اسم "الأميش" نسبة لزعيهم "أمان"، وهم يرفضون سلطة الكنيسة والاعتراف بالبابا، وخلقوا لغتهم الخاصة الشبيهة بالألمانية وتوقف استعمالهم للإنجليزية على التعليم فقط.
ما هو دستورهم؟
رغم ما وصلت له أمريكا من تقدم وحضارة، إلا أن شعب "الأميش" لم يأخذ من هذا التقدم شئ، فقد أسس لنفسه مجلس خاص يحكمه اسمه "مجلس الأعيان"، يستشيروه في كل شئ يخص حياتهم، فهم لا يلجأون للمحاكمة والشرطة الأمريكية وكذلك لا يطبقون القانون الأمريكي، ولا يعترفون بأي دستور سوى "الإنجيل" ودستور غير مكتوب يطلقوا عليه "أوردننج" وهو مثل العادات والتقاليد الموجودة في بلادنا، وهذا الدستور يحدد طريقة لبسهم وأكلهم وحتى قصة الشعر التي يقصونها.. خلاصة القول الـ"أوردننج" هو الذي ينظم كل حياتهم.
ويفرض الـ"أوردننج" على شعب "الأميش" عدم الاختلاط بين الرجال والنساء، ويحدد أيضا ملابس المرأة، التي لابد أن تكون محتشمة، ويجب على المرأة أن تضع غطاء على رأسها كـ"الحجاب" في البلاد العربية. كما أن إطلاق الرجل للحيته أمر إجباري بعد الزواج، فضلا عن أن الـ"أوردننج" يحرم الزنا والخمر.
التنقل
ليس غريب أن يكون شعب قرر أن يعيش بلا كهرباء وتلفاز وهواتف، ألا تكون وسيلة النقل عنده السيارة وإنما العربة التي تجرها الخيول، حيث يعتمد عليها في التنقل ونقل البضائع والمحاصيل.
رفض "الأميش" كل ما نراه شيئا ضروريا في حياتنا مما سبق سببه هو قناعتهم بأن هذه الأشياء تخلق نوع من الطبقية وتقضي على تماسكهم كمجتمع مترابط. وبمناسبة الترابط شعب "الأميش" لا يعرف شيئا اسمه ملكية أو بيع وشراء فكل شيء (الأرض والمال) عندهم ملك للجميع، ومن يحتاج شيئا ما يذهب إلى مخزن يشبه بيت المال عند المسلمينفي صدر الإسلام ليحصل عليه.
الأسرة والحياة
بالنسبة للحياة الاجتماعية، فأسرة "الأميش" متماسكة جداً وتقريباً لا يوجد حالات طلاق، والزوجة تعيش لتخدم زوجها وبيتها وأولادها فقط.
متوسط الأبناء الأسرة الواحدة 10 أطفال، وذلك ما ساهم في أن يصل عددهم يوصل لـ 300 ألف فرد، بعد ما كانوا 40 شخصا في البداية سافروا من أوروبا لأمريكا.
الحياة عند "الأميش" هي أسرة وبيت وعربة يجرها الخيل، أما البترول بالنسبة لهم فهو الجاز الذي يستخدموه في الإضاءة والطهي.
التعليم
بالنسبة للتعليم فهو مقتصر على فصول من غرفة واحدة أو اثنين لا أكثر، وهذا هو المكان الوحيد المسموح فيه باستخدام اللغة الإنجليزية، والمادة الدراسية التي تدرس هي تاريخ "الأميش" وبعض تعاليم المسيحية والحساب والجغرافيا.
اكتشاف العالم
ديمُقراطية الحياة بالنسبة لـشعب "الأميش" تتلخص في خروج الشاب عندما يكمل 18 سنة لاكتشاف العالم الخارجي لمدة 3 سنوات، بعد انتهاء هذه المدة يتم منحه حرية الاختيار إما العودة للعيش مع الطائفة مرة أخرى أو البقاء بعيدا عنهم.
في النهاية كثير منا يسأل كيف يعيش هؤلاء هكذا، ولكني أرى أن السؤال الأهم هو كيف حافظ هؤلاء على هذا الأسلوب في الحياة؟