رئيس التحرير أحمد متولي
 «عوموا الجنيه».. طب يعني ايه؟

«عوموا الجنيه».. طب يعني ايه؟

يتجه البنك المركزي لإصدار قرارا بتخفيض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، وسط توقعات بارتفاع سعر الدولار بالسوق، حال اتخاذ قرار التعويم إلى  12 جنيها جنيها في البنوك، وفق تقارير صحفية.

ويثير هذا الاتجاه  موجة من الاعتراضات حول «تعويم الجنيه»، فيما يعتبره البعض آخر محاولة لإنقاذ الاقتصاد المصري، ولكن ما معنى «تعويم العملة»؟ وهل هو أمر إيجابي وقد يُنقذ الاقتصاد فعلا أم هو دليل انهياره؟ «شبابيك» سيجيبك بـ«لغة الشارع».


 

                                         رسم بياني يوضح انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار

اقتصاديًا يُعرف تعويم العملة بترك سعرها دون تقييم، ويتوقف سعرها على العرض والطلب، أي كلما زاد الطلب على العملة زادت قيمتها، والعكس.

سياسة التعويم ليست مستحدثة، وإنما تتبعها الكثير من الدول في أحد الشكلين التاليين:

  • إما التعويم الحر، والذي تتبعه الدول الكبرى، ويتغير فيه سعر العملة بحرية مع الزمن بحسب قوى السوق، ويقتصر تدخل السلطات النقدية على تحديد سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد من ذلك التغير.
  • أو التعويم المُدار، والذي تتبعه الدول النامية مثل مصر،  ويعني ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب مع لجوء المصرف المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات.
«ببساطة.. الدولار قل في السوق، وزاد الطلب عليه فسعره زاد، وقرار البنك المركزي كان محاولة لتعديل سعر الصرف بعد التغير اللي حصل ده».

رسم بياني يوضح تطور سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري في السنوات الماضية

التعويم الروسي

قبل عامين، وتحديدا في نوفمبر 2014، تعرضت روسيا لأزمة اقتصادية حادة، كانت هي الأكبر بعد أزمة عام 1998، وانخفض فيها سعر الروبل -العملة الروسية- بنسبة 30% أمام الدولار، وتفاقم الأمر وسط توقعات عالمية بأن تتسبب تلك الأزمة في الإطاحة ببوتين، يمكنك قراءة المزيد حول الأزمة من هنا.

ورغم جميع التوقعات بانهيار الاقتصاد الروسي، إلا أنه على مدى الأشهر الثلاثة التالية لتعويم الروبل، ارتفعت قيمته مرة أخرى بأكثر من الثلث، ولكن كيف فعلت روسيا ذلك؟

بدأت تكلفة السندات الحكومية تزداد بشكل مطرد، كما خفض البنك المركزي أسعار الفائدة، وتم تشجيع المستثمرين على الاستثمار في روسيا. كما أن احتياطات روسيا الدولية كانت مرتفعة جدا، بحسب ما ذكرت صحيفة «The Economist».

«يعني ببساطة، روسيا في 2014 اتعرضت لأزمة اقتصادية حادة جدا، وانخفض فيها سعر الروبل مقابل الدولار بنسبة 30%، واضطرت لتعويم الروبل، وبالفعل قدر الاقتصاد يستعيد جزء قوته في خلال شهور، يعني التعويم أفاد الاقتصاد الروسي فعلا وحافظ على الاحتياط النقدي الروسي».

الروبل

إذن، هل التعويم مفيد للاقتصاد فعلا؟

الخبير الاقتصادي دكتور عبدالخالق فاروق يوضح أن هذا يتوقف أولا على معرفة دور البنك المركزي، والذي يختص بثلاث مهام، وهي:

  • إدارة الاحتياط النقدي للدولة واستقرار سعر صرف العملة الوطنيه بالنسبة للعملات الأجنبية الرئيسية.
  • رقابة أداء الجهاز المصرفي داخل الدولة، أي البنوك والمصارف سواء كانت محلية أو أجنبية أو مشتركة.
  • ضبط التضخم وارتفاع الأسعار بالوسائل المختلفة المتاحة لدى البنك المركزي ومعاونة بقية الجهاز المصرفي.

ويُكمل فاروق أن القرار الأخير بتخفيض سعر الجنيه يعني أن البنك المركزي قد ركز على مهمة واحدة منهم، وهي الحفاظ على الاحتياط النقدي للدولة، وخصوصا من الدولار، ولم يلتفت للوظيفتين الأخرتين.

هذا يعني، في رأي الخبير الاقتصادي سيعني ارتفاعا ضخما في الأسواق، وسيتضاعف أثره السلبي بسبب سياسات وزير التموين من ناحية، ونهج الدولة والحكومة الذي يرفع شعار «اقتصاديات السوق الحرة» و«بيئة الاستثمار والمستثمرين».

«يعني البنك المركزي دوره الأساسي أنه يحفظ الاحتياطي النقدي، وفي نفس الوقت يمنع التضخم وارتفاع الأسعار في الأسواق، بس قرار البنك ركز على الحفاظ على الاحتياط، بس ده هيخلي الأسعار تعلى جدا في السوق».

ولكن، هل سيساعد ذلك على إخراج مصر من الأزمة الاقتصادية؟

لا.. هكذا أجاب فاروق، وقال مفسرا: «الخلل الرئيسي في بناء الاقتصاد المصري ما زال قائما، وهو تآكل قدرتنا في قطاعات الإنتاج السلعي، وخصوصا الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة، مما أدى إلى أن 70% تقريبا من احتياجاتنا الغذائية والصناعية نستوردها من الخارج».

وأضاف: «عوائدنا من النقد الأجنبي تتراجع، ليس فقط من السياحة؛ بل أيضا من تحويلات العاملين في الخارج ومن صادرات البترول الذي انهار سعره، وبالتالي ستظل الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات، وتحديدا الميزان التجاري قائمة، وهي تتجاوز 50 مليار دولار سنويا، فمن أين نأتي بها؟».

«بمعنى أن تخفيض سعر الجنيه مش هينقذ الاقتصاد المصري، لأنه في الأساس قائم على سلع مستوردة، بنشتريها بالدولار، وده هيخلي أسعار السلع تزيد، خاصة أن مفيش دولارات بتدخل البلد مع تراجع السياحة وقلة تحويلات العاملين بالخارج، ده غير أن أسعار البترول تراجعت، وده هيخلي الفجوة بين اللي بتدفعه الدولة واللي بيدخلها توسع».

الزتونة

بفرض أن معاك 20 جنيه، قبل التعويم كان الـ20 جنيه دي قيمتها الشرائية مثلا 3 دولار.. دلوقتي زاد سعر الدولار وقل سعر الجنيه، وبالتالي القيمة الشرائية للـ20 جنيه دي بقت 2 دولار بس.. رغم أن الـ20 جنيه زي ما هي بس قيمتها قلت.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة