رئيس التحرير أحمد متولي
 هل يزور «شبح لبنان» مصر ويختفي «بائع الصحف»؟

هل يزور «شبح لبنان» مصر ويختفي «بائع الصحف»؟

تعرضت الصحافة المطبوعة العالمية مؤخرا إلى موجة من التغييرات، بعد انتشار الإنترنت والتكنولوجيا، مما أجبر الصحف الورقية على الاختفاء. هل يمكن أن تخضع مصر لنفس المصير ويختفي منها النداء الصباحي «أخبار أهرام جمهورية»؟

في الثاني عشر من فبراير الماضي، أعلنت صحيفة الاندبندنت البريطانية قرارها بإيقاف إصدار نسخها المطبوعة، والاكتفاء بموقعها الالكتروني، بعد 30 عاما على إصدار الصحيفة.

جاء في نص البيان «حركة الصحافة الورقية لم تواكب نظيرتها الإلكترونية، سوف نبيع حصتنا إلى جونستون برس»، وعليه، فسيتم نقل 25 شخصا فقط من أصل 150 إلى جونستون برس. في كندا، توقعت دراسة علمية أن تَندُر الصحف الورقية، إن لم تختفِ على الإطلاق بحلول عام 2025، وفقا لإحصائيات آخر 20 عاما.

canada-papers-circ
رسم بياني يوضح تراجع ايرادات الصحف المطبوعة بكندا منذ عام 1995

مؤخرا، أعلنت عدة صحف لبنانية قرارات صادمة لمواجهة الأزمة المالية الطاحنة التي تعرضت لها. صحيفة «السفير» قررت التوقف عن إصدار نسخها المطبوعة والاكتفاء بالإلكترونية، وفتحت جريدة اللواء باب الاستقالات للعاملين بها، ويتوقع الكثيرون أن تتبع جريدة النهار خطاهم وتتوقف عن الطباعة.

12528706_10205890308203430_523753252_o
بخلاف «السفير» و«اللواء» تشير أنباء غير مؤكدة عن نيّة صحيفة «النهار» الأقدم في لبنان، التحوّل لصحيفة إلكترونية فقط 

ولكن، هل يشير هذا إلى دخول الصحافة المطبوعة عالميا في طور الاحتضار؟ وهل تمكنت المواقع الالكترونية من تسديد الضربة القاضية للصحافة الورقية؟ ومصر.. هل ستشهد أزمة في الصحف المطبوعة كذلك يوما ما؟

الواقع يشير أن الأمر ليس ببعيد عن مصر. في خبر نُشر بتاريخ 18 نوفمبر 2015 بجريدة الأهرام المسائي، أفاد بأن النشرة السنوية التي يُخرجها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تؤكد تراجع أعداد النسخ الموزعة للصحف داخليا وخارجيا إلى ‏655‏ مليـون نسخة في السنة،‏ مقابل ‏758.2‏ مليون نسخة عام ‏2013‏ بنسبة انخفاض قدرها‏ 13.6‏%.

صحف

الكاتب الصحفي ومدير عام الطباعة والتوزيع في جريدة «المصري اليوم»، مجدي الحناوي قال عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، بتاريخ 25 فبراير من العام الماضي، إن الأرقام تشير إلى انخفاض أرقام توزيع الصحف المصرية مجتمعة، متوقعا أن تختفي الصحافة المطبوعة بحلول عام 2017، وفقا لموقع دوت مصر.

عقب تلك النبوءة، وتحديدا في أغسطس 2015 أعلنت جريدة التحرير عن إيقاف إصدار النسخ المطبوعة منها، مع التعميق في الصحافة الإلكترونية عبر تدشين 7 مواقع إلكترونية.

تبع هذا البيان موجة من الاعتراضات في الوسط الصحفي، وتم تدشين هاشتاج #لا_لإغلاق_جريدة_التحرير، واكتفت نقابة الصحفيين بتأكيد دعمها لإدارة التحرير لتجاوز الأزمة.

التحرير
البيان من عدد الإثنين 24 أغسطس 2015.. نقلا عن موقع إعلام

 

لم يختلف مصير جريدة البديل عن التحرير، وتحولت كذلك إلى نسخة إلكترونية فقط، استنادا إلى الكثير من الدراسات والأبحاث الصادرة متأخرا و التي تناولت انخفاض الاقبال على الصحف المطبوعة بنسبة تجاوزت الـ60 % في الأربع سنوات الأخيرة، كما جاء في البيان الرسمي للجريدة بتاريخ 7 نوفمبر 2015. من جانبها، تحولت صحيفة المصريون اليومية إلى إصدار أسبوعي، ولم تسلم جريدتي المصري اليوم والوطن، بل تعرضتا لأزمات مالية، مما اضطر الأولى إلى تقليل العمالة، والثانية إلى تخفيض رواتب العاملين بها.

هذا التراجع لم يشمل فقط أرقام التوزيع، بل امتد إلى تأثير تلك الصحف في صنع القرار أو التأثير على الرأي العام، وفقا لما قاله الكاتب الصحفي خالد البرماوي في مقال نشر اليوم على موقع المصري اليوم، بعنوان «هل يقرأ الرئيس الصحف؟!» قال البرماوي: «أعتقد أن التأثير السياسي والشعبي وبالتالي الإعلاني للصحف الورقية يتراجع بقوة، وأصبح رابعًا الآن، بعد القنوات التليفزيونية، والشبكات الاجتماعية، والمواقع الإلكترونية». وأضاف: «لو تذكرنا القضايا التي شغلت الرأي العام في الأشهر الماضية، لوجدنا تأثير الصحف الورقية عليها كـ«ضيف شرف»، مجرد ناقل للصخب، وليس مطلقه ولا مؤثرًا في مساره».

في يناير من العام الماضي، أجرت الباحثة سماح عبد الرازق الشهاوي بكلية الإعلام جامعة القاهرة، دراسة بحثية بعنوان «العوامل المؤثرة على مستقبل الصحافة الإلكترونية في مصر في الفترة من 2015 حتى 2030». توقعت الدراسة عدم اختفاء الصحافة المطبوعة كليا، وإنما الصحف المطبوعة اليومية هي التي ستختفي، أما الأسبوعية فستتأثر بنسبة أقل. كما توقعت، وفقا لرأي الخبراء الذين استعانت بهم في الدراسة، أن الصحف المطبوعة عليها بذل مزيدا من الجهد من أجل البقاء، وقد تظل ولكن يختفي النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه فتصبح مجانية تقوم في تمويلها على الإعلانات.

ورغم أن الدراسة تشير إلى استبعاد لجوء الصحف الإلكترونية المصرية لاستراتيجية الدفع مقابل الاستخدام، استنادا على الظروف الاقتصادية ومستوى الدخل لمستخدميها، باعتبار أن الجمهور اعتاد على كون جميع المواقع مجانية. إلا أن هناك توقعات متعددة حول لجوء المواقع الإلكترونية لجعل محتواها مدفوعا إن عاجلا أو آجلا.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة