في ذكرى وفاته.. حوار مع الخليفة هارون الرشيد!
عمامته تزين رأسه، طالت لحيته حتى توارى خلفها عنقه.. عباءته تلتف حول جسده الذي استوى على عرشه، ولِمَ لا وهو خليفة المسلمين، بل أحد أشهر الخلفاء العباسيين على الإطلاق.
في حضرته.. تجري الأسئلة على الألسنة، قيل عنه الكثير، بعضه صحيح وبعضه خاطئ، بعضه بولغ في وصفه، وبعضه قُلل من شأنه.
سيدي.. من أنت؟
أنا أبو جعفر هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، الخليفة العباسي الخامس. حكمت بين عامي 170 و191 من الهجرة النبوية.
لا نعرف عنك الكثير.. كل ما وصلنا عنك أنك كنت مولعا بالترف محبا للنساء.
محض افتراء.. لم أكن يوما لاهيا، قد كنت أُلقب بالخليفة الورع المتدين. داومت على الصلاة يوميا مائة ركعة، لم يمنعني عن عادتي تلك سوى مرض أو معركة أخوضها.
واظبت على الصدقة بألف درهم من مالي كل يوم، وكنت أقضي عاما في الحج، والذي يليه في الفتح.
شعر المتنبي.. قصائد خالدة في الحب والنصح
إذن فإن عصرك سُمي بـ«العصر الإسلامي الذهبي» بالفعل؟
ربما جاءت تلك التسمية بفعل ما شهده عصري، فمن ناحية تمكنت من إخماد ثورات الخوارج المتكررة، بجانب منع تشتت الدولة الإسلامية بعد ظهور حركات ترغب في الاستقلال.
ومن ناحية أخرى قوّيت الجيش الإسلامي تحسبا لهجوم البيزانطيين، وأقمت حصونا على الحدود، ودعمت الثغور. ورغم قوة الروم، إلا أنهم طلبوا المصالحة بعد ضربات جيشي القوية والمتلاحقة.
هل انصرف كامل اهتمامك إلى الجيش والحروب؟
كلا بالطبع، فقد عُرف عني حب العلم وسِعة الثقافة، وكانت مجالسي تمتلئ بالشعراء والعلماء والفقهاء والأطباء والموسيقيين. وقد عاش في عصري اثنان من أبرز علماء الدين، وهما الإمام الشافعي صاحب المذهب الشافعي، والإمام مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي.
والنساء.. أين هم من حياتك؟
هن كثيرات، تزوجت أكثر من مرة، إلا أن أقربهم إليّ هي ابنه عمي زبيدة بنت جعفر، أم ولدي الأمين، الذي تولى الخلافة من بعدي وقُتل على يد أخيه المأمون.
كيف كانت النهاية؟
لا تختلف كثيرا عن ناموس الحياة، بعد أن تبلغ أشدك تبدأ في الضعف حتى تسقط. في الواحدة والأربعين من عمري مرضت مرضا مُهلكا أنكرته على أبنائي، إلا أن المرض اشتد بي في طريقي إلى خراسان للقضاء على ثورة رافع ابن الليث، ولم أبلغ وجهتي أبدا.
تنويه
هذا الحوار محض خيال مقتبس من سيرة الخليفة هارون الرشيد، جال في خاطري تزامنا مع ذكرى وفاته، التي توافق اليوم 24 مارس.