رئيس التحرير أحمد متولي
 حين أسكت الموت صوت العندليب.. «الذكرى الـ41 للنهاية»

حين أسكت الموت صوت العندليب.. «الذكرى الـ41 للنهاية»

البداية كانت مع قطرات من الدماء تدفقت من فمه بعد أن دعاه أحد أصدقائه على الإفطار بشهر رمضان عام 1956.. «هذا لا يبشر بالخير».. تطلب الأمر زيارة للطبيب.. والتشخيص جاء ليُعلن سبب الدماء.. «نزيف نتيجة للإصابة بمرض البلهارسيا».

ربما لاحقت المتاعب عبدالحليم حافظ منذ ولادته، في 21 يونيو 1929، حيث غيّب الموت والدته بعد أيام قليلة من ولادته، ولم يمض وقت طويل حتى غيّب والده كذلك، ليذهب للحياة في كنف بيت خاله.

طوال حياته، وحتى موته في مثل هذا اليوم، 30 مارس 1977، أجرى العندليب 61 عملية جراحية، بعد إصابته في طفولته بالبلهارسيا التي أصابته بسبب نزوله المتكرر إلى الترعة للهو.

عانى عبدالحليم حافظ في بداية مشواره الفني، حيث كان يُطلب منه غناء أغنيات محمد عبدالوهاب، وتعرض لانتقاد لازع في بدايته من الجمهور، الذي رفض أغنيته «صافيني مرة» التي قدمها عام 1952، ولم يتقبلها الجمهور سوى حين غناها يوم إعلان الجمهورية، في يونيو عام 1953.

ما يميز أغاني العندليب

في الفترة ما بين عامي 1951 و1956، تميزت أغاني العندليب بالتفاؤل، مثل «أقبل الصباح»، «مركب الأحلام»، «في سكون الليل»، و«فرحتنا يا هنانا»، إلا أنه حين اكتشف مرضه بدأت أغنياته تفقد تلك النبرة المبهجة تدريجيا.

شكّل تعاونه مع الموسيقار محمد عبدالوهاب طفرة في مشواره الغنائي، خاصة أغنيات أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا. كما تعاون مع الملحنين محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، إلا أنه شكل ثنائيا ناجحا جدا مع الأخير، وقدما سويا أغنيات مثل زي الهوا، سواح، وحاول تفتكرني.

مشوار العندليب الفني

طوال مشواره الفني، الذي تجاوز الـ25 عاما، قدّم فيها حليم أكثر من 230 أغنية، و16 فيلما سينمائيا، بجانب مسلسل إذاعي وحيد باسم «أرجوك لا تفهمني بسرعة»، وكانت آخر أغنية قدمها «قارئة الفنجان» للشاعر نزار قباني، قبل أن تتدهور صحته.

الأربعاء 30 مارس 1977، كان العندليب يصارع الموت في لحظاته الأخيرة في مستشفى «كنجز كولدج» بلندن، بعد أن تعرض لنزيف حاد لم يتمكن الأطباء من إيقافه.. ليلفظ حليم أنفاسه الأخيرة ويغيبه الموت عن عمر 47 عاما فقط.

عبدالحليم-حافظ1-625x480

شيع جثمانه في جنازة مهيبة، لم يماثلها حجما سوى جنازة جمال عبد الناصر وأم كلثوم.

طوال 21 عاما من الألم، ظل العندليب الأسمر يعمل ويكدّ.. يغني ويُطرب.. «يا خلي القلب»، «أهواك»، «موعود»، «رسالة من تحت الماء»، «حبيبها»، «جانا الهوا»، «حبيبتي من تكون».. بعض من فيض حليم الذي أطرب به آذان وقلوب الملايين.

رحيل العندليب

طوال 21 عاما من الألم، كتم ألمه بداخله، وظهر على الشاشة بأدوار خلدته إلى الآن، رغم رحيله من 41 عاما في مثل هذا اليوم، إلا أن الجميع يذكر وسادته الخالية، ويوم من عمري، وشارع الحب، والخطايا، وأبي فوق الشجرة، ومعبودة الجماهير.

طوال 21 عاما من الألم، يعالج نزف الوطن حين هُزم -رغم نزيفه الداخلي- بأغاني تُلهب الحماس وتعيد الأمل.. «عدّى النهار» حَملت كل ما يشعر به المصريون بعد النكية من قهر، ألم، رجاء وحلم بأن تنقشع الغُمّة ويعود النهار.. وحين عاد في أكتوبر 1973.. تغنى بـ«عاش اللي قال».

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة