بنما.. كهف نظام مبارك لإخفاء ثروة المصريين
أصبحت بنما الدولة الأكثر جدلا خلال 48 ساعة ماضية، بعد الضجة الإعلامية الكبرى التى خلفها تسريب وثائق سرية من إحدى الشركات سميت بـ«ثائق بنما»، وأظهرت تورط عدد كبير من رؤساء الدول، وأفراد من أسرهم و حاشياتهم في جرائم غسل أموال وتهريبها.
رغم صغر مساحة بنما كدولة وحداثتها النسبية، حيث اكتُشفت في القرن الـ16 الميلادي، إلا أن اسمها ارتبط بعمليات الفساد والتهرب من الضرائب في مصر، التهم فيها رموز نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
البداية
تردد اسم «بنما» في مصر لأول مرة عقب كارثة غرق العبارة السلام 98 وعلى متنها 1400 شخص بمياه البحر الأحمر، في فبراير 2006، أثناء رحلتها من ميناء ضبا السعودي إلى سفاجا، وذلك لعدة أسباب على رأسها أنها كانت ترفع علم دولة "بنما".
بعد الكارثة بـ 11 يوما، كتب مصطفى بكري، بصفته عضو مجلس الشعب ولجنة النقل والمواصلات في البرلمان المكلفة بالتحقيق في القضية، مقالا بعنوان «الساعات الحاسمة قبل الغرق!»، قال فيه: «وهذه السفينة تحمل علم بنما.. حتى تستطيع الهروب من كافة إجراءات الأمن والسلامة ودفع الضرائب وحقوق الأطقم.. كل ذلك مقابل مبالغ مالية يدفعها الملاك لهذه الدولة».
وتعتبر بنما، وفقا لموقع ويكيبيديا، من أكبر دول العالم من ناحية عدد السفن التجارية المسجلة بها، وذلك نظرا للتسهيلات القانونية وتبسيط إجراءات الأمن والسلامة بها. [caption id="attachment_65682" align="aligncenter" width="631"] وفقا لهذه الوثيقة، تم إنقاذ 388 شخص وانتشال 400 جثة من البحر، واعتبر الـ600 الباقون كمفقودين [/caption]
تؤكد تلك الوثيقة ملكية كل من ممدوح إسماعيل، وصفوت الشريف، وزكريا عزمي، وجمال مبارك، للشركة المالكة للعبارة السلام 98، وأن هناك تسجيلات واتصالات جرت بين الشركاء الأربعة أثناء وقوع الكارثة، تبين منها امتناعهم عن إخراج قوارب الإنقاذ فورا من السواحل المصرية القريبة.
وثائق بنما
وحسبما أكدت وثائق «ويكيلكس»، كانت «بنما» الملجأ في حادث العبارة السلام 98، وجاءت الوثائق الجديدة «وثائق بنما» لتكشف أن تلك الدولة «الكهف» الذي يلجأ إليه رموز نظام مبارك المتورطين في الفساد هربا من المسائلة القانونية والضريبية.
«وثائق بنما» هذه المرة تحدثت عن «علاء مبارك» نجل الرئيس الأسبق، ووصفته بـ«العميل فائق الخطورة»، كاشفة امتلاكه لشركة استثمارات «بان وورلد» للاستثمارات، التابعة لشركة «بريتيش فيرجين أيلاند»، التي تدار أعمالها عبر شركة الخدمات المالية «كريدي سويس».
وثائق بنما.. أول تسريب بخصوص عائلة «مبارك»
وذكرت الوثيقة المسربة أسماء أسرة مبارك بالكامل، بدءا منه وزوجته سوزان ثابت، ونجليه علاء وزوجته هايدي راسخ، وجمال وزوجته خديجة الجمّال.
وضمّت القائمة عدد من شخصيات نظام مبارك المتورطين في قضايا الفساد، أبرزهم رجل الأعمال أحمد عز، وزوجاته عبلة محمد فوزى، وخديجة أحمد أحمد، وشاهيناز النجار، بجانب أحمد المغربي وزير الإسكان وزوجته نجلاء عبد الله الغزالي، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة وزوجته هنية فهمي، زهير جرانة وزير السياحة، وزوجته جيلان شوكت وابنه أمير، وأخيرا حبيب العادلي وزير الداخلية وزوجته إلهام شرشر.
السؤال الآن: لماذا بنما بالذات؟
في تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC، كشفت عن أسباب تحوّل بنما إلى أفضل دولة يلجأ إليها رموز الأنظمة الحاكمة في بعض الدول، لإخفاء أموالهم المتحصلة نتيجة جرائم الفساد، وجاء في التقرير أن القصة تعود إلى عام 1919 حين بدأت "بنما" تسجيل سفن النفط الأمريكية، كي تتمكن شركات النفط من التهرب من الضرائب الباهظة التي تفرضها الولايات المتحدة.
بمرور السنين، وجدت بنما فرصتها في توسيع الخدمات التي تقدمها للعملاء، فوضعت قوانين تعفي من يريد أن يبدأ شركة جديدة من الضرائب، حتى وإن كانت شركته مجهولة، الأمر الذي جعلها أشهر دولة يلجأ إليها كل من تورط في وقائع تهرب ضريبي حيث أن قوانينها تبيح الحرية المالية للشركات، وتمنح عملائها حق أخفاء البيانات في سرية تامة. [caption id="attachment_65707" align="aligncenter" width="498"] تصدرت بنما قائمة أكثر دول العالم سعادة عامي 2013 و2014[/caption]
كما مرّرت «بنما» قوانينا تُجرّم انتهاك خصوصية بيانات الشركات والعملاء، مستغلة عدم توقيعها على أي من معاهدات الخاصة بالكشف عن الأموال مع الدول الأخرى.