محمود شلبي يكتب: الحراك الطلابي الذي لا يراه أحد

محمود شلبي يكتب: الحراك الطلابي الذي لا يراه أحد

في ظل التراجع الواضح الذي يصيب الحركات الطلابية التقليدية التي ظهرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مثل طلاب "مصر القوية" و"الدستور" و"الاشتراكيون الثوريون" و"6 أبريل" وغيرها لأسباب متعددة ليست محل ذكر الآن يري الكثيرون أن الحراك الطلابي في العموم يعيش حالة من الخمول والركود، إلا أن هذه الملاحظة تعتبر إلى حد كبير غير دقيقة.

هناك الكثير من التحركات تحدث في الساحة الآن ربما ظهرت بعد وجود الاتحادات الطلابية، ولكنها تحدث دون أن تنال القدر الكافي من التغطية الإعلامية أو حتي تضامن المهتمين والأبعد من ذلك أن أغلبها يحدث دون أن يعلم بها المهتمون الذين اعتادوا على صب غالبية اهتمامهم ومتابعتهم علي الحركات التقليدية السابق ذكرها لأنها فعلاً كانت تتصدر المشهد الطلابي في وقت ما.

طلاب كليات التربية علي مستوي مصر بقيادة اتحاد طلاب تربية طنطا ينظمون أنفسهم الآن للمطالبة ببعض المطالب المتعلقة بمستقبلهم المهني أهمها عودة التكليف الذي يسمح لهم بالتعيين في المدارس بعد تخرجهم مباشرة والذي ألغي عام 1998 بحجة عدم تحمل ميزانية الدولة, هذا الحراك يعتبر حراك فريد من نوعه لأنه تحرك مقترن بالمستقبل المهني للطلاب خارج سور الجامعة تتبناه الاتحادات الطلابية, وبالفعل نظم الطلاب في كلية التربية بطنطا بداية الأسبوع الحالي وقفة رفعوا فيها مطالبهم بعودة التكليف والغاء كلية التربية في نظام التعليم المفتوح لأنها في نظرهم تكدس أعداد من التربويين أكثر مما تحتاجه الدولة, والطلاب مستمرون في التنسيق فيما بينهم من خلال الاتحادات الطلابية لكليات التربية في الجامعات لدراسة الخطوات التالية وفي انتظار وقفات لكليات أخري الأسبوع المقبل.

في نفس الصدد يقود اتحاد طلاب كلية الطب البيطري بأسوان حراك مشابه يهدف إلي تحسين أوضاع البيطريين في مصر عموماً, بدأ هذا الحراك منذ حوالي أسبوعين تقريباً عندما نظم الطلاب في أسوان وقفة صامتة للمطالبة بتحسين أوضاع البيطريين والاعتراض علي قانون الهيئة العليا للدواء المصري المقدم من نقابة الصيادلة والذي يرون أنه سيحرمهم من حقهم في تداول وبيع الأدوية البيطرية, أيضاَ سجلوا اعتراضهم على قانون سلامة الغذاء المقدم من وزارة التجارة دون تمثيل نقابة الأطباء البيطريين. ويدرس الطلاب الآن كيفية تنظيم أنفسهم في كيان علي مستوي جامعات مصر يجمع طلاب كلية الطب البيطري.

في نفس التوقيت يقدم اتحاد طلاب جامعة أسيوط نموذجاً فريداً لدور اتحاد طلاب "الجامعة" بالتحديد, اتحاد يعمل علي حل مشكلات الطلبة ومؤازرتهم في احتياجاتهم ويمثلهم أمام مجلس الجامعة تمثيل شفاف وفي نفس الوقت لا يغفل عن دعم الأنشطة التي تثري الحياة الطلابية.

فالاتحاد قد استحدث لجنة تحت مسمي "قضايا المرأة" لتوعية الطالبات في الجامعة بحقوقهن وتعزيز دورهن في المجتمع بشكل عام ووجود هذه اللجنة في جامعة داخل قلب الصعيد يشير إلي فهم اتحاد الجامعة جيداً للدور المجتمعي للاتحاد وللجامعة بشكل عام.

أيضاً استحدث الاتحاد لجنة تحت مسمي "الحقوق والحريات" التي تهتم بتوعية الطلبة بحقوقهم من خلال الورش التدريبية والدفاع عن الطلاب المعتقلين وتقديم الدعم لهم, وفي كل مرة يحضر فيها ممثل عن الاتحاد مجلس الجامعة يقوم الاتحاد من خلال صفحته على "فيسبوك" بنشر استمارة لتجميع مشاكل الطلاب لعرضها في المجلس ولا يتوقف الاتحاد عند هذا الحد بل يحرص علي اطلاع الطلبة لما وصل إليه الاتحاد مع الادارة بشأن هذه المشكلات بشكل دوري وغيرها من الممارسات المتميزة للاتحاد يمكن الاطلاع عليها من صحفة الاتحاد على "فيسبوك".

الأمثلة السابقة علي سبيل الذكر وليس الحصر أبدا, فما يحدث في ساحة الجامعة أكثر بكثير, ومن المفارقات أن هذه الأحداث تجئ في وقت الغلق الذي يعاني منه المجال العام بكل مكوناته في مصر.

ولكن ما ينقص كل هذه التحركات هو كيان أو تنظيم يستوعبها, يرتبها وينظمها فتتناقل بين الطلاب في مختلف الجامعات وتراكم خبرات لأجيال قادمة سوف تقود الحراك في أحد الأيام, يوجهها ويحركها في المسار الصحيح فتحقق المطلوب منها دون أن تنتهي بشكل محلي بدون أن يسمع بها أحد فيشعر اصحابها بالاحباط، يبرزها ويعطيها الزخم الإعلامي المطلوب فتنتشر وتظهر على ساحة الرأي العام بدلاً من أن تغرق في وسط التطورات والأخبار اليومية للبلاد فيشعر الطلاب بعدم جدواها. وكنت أتمني بشكل شخصي أن يقوم بهذا الدور اتحاد طلاب مصر, فهو الأقدر والأنسب لما يمتلكه من رمزية عند الطلاب والصحافة وكل المهتمين.

في كل الأحوال إذا كان اتحاد طلاب مصر لا يقوم بهذا الدور بسبب الغاءه أو لأي سبب كان واذا كان لا يوجد تنظيم يستطيع القيام بهذا الدور فكل هذا يزيد من المسؤولية علي عاتق المهتمين من منظمات المجتمع المدني والحركات الطلابية والصحافة, كل هؤلاء مطالبون بتكثيف ومضاعفة الجهود لإظهار هذه التحركات التي تعطي ثقة للطلاب في قدرتهم علي التأثير والتغيير, مطالبون بتقديم كل الدعم والتضامن لهذه التحركات بقدر الاستطاعة, ومطالبون بمتابعة الوضع الطلابي بشكل أكثر دقة وبتجديد مصادر هذه المتابعة وعدم التقيد بالشبكات الطلابية القديمة خصوصاً أن الانتخابات الأخيرة أفرزت قيادات طلابية جديدة – أغلبها من تيار المستقلين- لا يعرفها الكثيرون.

الحياة الطلابية ليست في حالة خمول بقدر ما هي في حالة تهميش وتناسي قد يجعلاها بشكل فعلي تدخل في حالة من السبات العميق.

12919918_1862825727277688_1949521369384267373_n 12963452_1862825737277687_1513611563662125227_n

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر