احذر.. مواقع التواصل الاجتماعي قد تدمرك
تدريجيا بدأت حياتنا تتحول إلى الـ«digital media» وبدأت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تحل محل الهواتف المحمولة التقليدية، وحين اندلعت ثورة 25 يناير، أدركنا أهمية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي.
أصبح فيس بوك أهم موقع في حياة أغلب الشباب، أول ما يُطالعونه بعد استيقاظهم، وآخر ما يشاهدونه قبل أن تغمض أعينهم. وتحولت «هبص بصة بس على الفيس بوك» إلى ساعات تمضي دون أن يشعرون بها.
ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد.. تلك قاعدة عامة، والإكثار من الانغماس في مواقع التواصل الاجتماعي تنعكس سلبا على الشباب، وتسبب لهم الضرر على حياتك الخاصة والمهنية وعلاقاتك مع من حولك، بل ومع نفسك أيضا.
الحياة in public
الكثير من الشباب مؤخرا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي نافذتهم الخاصة لعرض أدق تفاصيل حياتهم، يلتقط صورة لنفسه عقب استيقاظه، مع تعليق صباح الخير، ثم صورة لوجبة الإفطار، وكوب الشاي من بعده، وصورته في العمل أو الجامعة، ومساء مع أصدقاءه.
لا يقتصر الأمر على الصور، بل تجد الكثيرين يذكرون أصغر تفاصيل يومهم على صفحاتهم، كلما مر بهم موقف ساعوا إلى نشره، والأسوأ أن يُشارك الشاب أو الفتاة مواقفهم مع بعضهم إن كانوا مرتبطين أو مخطوبين أو حتى متزوجين، حتى لتشعر أنك تعيش معهم.
من يفعل ذلك سيدرك في لحظة ما أن الجميع يعرف عنه أدق تفاصيل حياته، أصدقاءه وأهله ومتابعيه وزملاء العمل، وبالتالي سيفقد أكثر ما قد يجعلك تشعر بالراحة، أن يكون لك حياتك الخاصة ومساحتك الشخصية التي تعيش فيها بعيدا عن أعين الجميع.
لا تجعل حياتك كتابا مفتوحا لكل من أراد مطالعته، حافظ على علاقاتك الشخصية وقدّسها، لا داعي لأن يعرف الجميع أنك مُتعب، إن كنت متعبا بحق لن تتمكن من كتابة هذا حتى.
الابتذال
مؤخرا، ومع ظهور صفحات مثل «الكومنت الفشيخ» و«screenshot» وأمثالها، والتي تقوم بنشر «البوستات» أو الكومنتات أو «التويتات» الساخرة والمضحكة، واكتسبت شعبية كبيرة، أصاب ما يشبه الهوس الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
أصبح معتادا الآن أن تجد من يحاول أن يجعل نفسه خفيف الظل، فيبدأ في كتابة منشورات عن مواقف مختلقة فقط ليقول أنه «روش»، ولعل ذلك برز بشدة أثناء أزمة اختطاف الطائرة المصرية في قبرص، ففي حين يواجه من على متن الطائرة خطر القتل بحزام ناسف، يسخر الكثيرون من الأمر.
الأمر بدأ يتطور، الكثيرون بدأوا في إقحام الأديان، رغم قدسيتها، في السخرية، ناهيك من السخرية من البشر أنفسهم، و«السف» عليهم، فقط لاكتساب المزيد من «اللايكات» والشهرة.
حاول ألا تكون مبتذلا، لا تسخر من أمثالك من بني آدم، لا تجعل من الأديان السماوية مجالا لسخريتك، لا تجعل من معاناة غيرك نكتة تتندر بها على صفحاتك الشخصية، إن كنت ساعيا للمزيد من الإعجاب، يمكنك نشر محتوى مفيد وستحصل على ما تريد.
الإدمان
قبل سنوات، كان الإدمان يقتصر على المواد المخدرة، ولكن فجأة ظهر نوع آخر من الإدمان، إدمان مواقع التواصل الاجتماعي. كثير من الشباب حاليا يقتاتون على الفيس بوك فعلا، يعيشون عليه حياة وهمية بالكامل تفصلهم عن الحياة الواقعية.
يصبح «اللايك» هدفا في حد ذاته، قد يقضي ساعات فقط لينتقي ما سينشره تاليا، وإن نال إعجاب كثيرين تنتعش حالته النفسية، وإن عزف متابعوه عن الإعجاب بما كتب يكتئب. هؤلاء تتعرض حياتهم الشخصية للانهيار بالفعل، فهم يهجرون الواقع إلى الفيس بوك، ويتمحور كلامهم حوله.
الشهرة
الساحرة التي يسعى خلفها الملايين حول العالم، كي تنال الشهرة قد تضطر إلى مصادقة مشاهير لتنتقل الشهرة إليك عبرهم، وحينها يطالبك متابعوك لمعرفة تفاصيل حياتك، وآرائك في جميع القضايا المثارة مجتمعيا وسياسيا، وبالتأكيد رأيك سيعجب البعض ويثير غضب الآخرون.
حين تُغضب متابعوك، سينصب عليك غضبهم ولعناتهم، ستصبح أنت مادتهم للسخرية لأيام، سينال السباب منك ومن عائلتك وأصدقائك، ومن يدافع عنك.
أن تصبح مشهورا على مواقع التواصل الاجتماعي سيجعلك تضطر رغما عنك عن تحري ما تنشر، لأنك تعلم عواقب إثارة غضب المتابعين، والخطأ لا يُنسى.
على الملأ
مواقع التواصل الاجتماعي تعرف عنك ما لا تعرفه أنت، طوال تشغيل الإنترنت على هاتفك فإنه يسجل كل ما تقوم به، كل مكان تزوره، كل صورة تلتقطها، كل ملف تحتفظ به على هاتفك حتى وإن مسحته أنت فيما بعد.
لدى أي شخص الآن القدرة على معرفة اسمك بالكامل، عنوانك، رقم هاتفك، أفراد عائلتك، أصدقائك، حبيبتك السابقة، زملائك في العمل، رؤساءك، وكل المعلومات الخاصة بك في دقائق.
هذا مخيف بالطبع، أن تفقد خصوصياتك وتعيش مهددا بكشف جميع الأماكن التي زُرتها أو الكلمات التي بحثت عنها، أو الأشخاص الذين التقيت بهم والمحادثات التي تمت بينكم، جميعها معلومات قد يستغلها أي شخص ضدك إن أراد.