غير مقابلة الرئيس.. إيه اللي بيحصل على كورنيش الإسكندرية؟

كتبت: مي مصطفى

يعتبر كورنيش الإسنكدرية هو أجمل وأهم مكان تمتاز به المدينة على كافة المحافظات المصرية، حتى أن البعض يرى أنه لا ميزة للإسكندرية بالكامل إلا في هذا الخط الممتد من العجمي إلى أبو قير، بطول 70 كم، كافية لأن ترى من خلاله كافة أطياف أهل المدينة وتتعرف على وأعمالهم وأنشطتهم الترفيهية والرياضية وأحيانا العاطفية.

كما يعتبر طريق كورنيش هو الطريق الوحيد الذي لم يصل إليه اختراع "التوك توك" بعد أن غزا كافة الطرق والمحاور الداخلية للمدينة، بخلاف كونه من الممنوع تماما ركن أي سيارة بأي  جزء منه، حتى أن أوتوبيسات النقل العام عادة ما تقف في محطات بعينها مجاورة لأنفاق عبور المشارة لنقل الركاب، وربما يكون أحد هذه الأوتوبيسات هو الذي كان سعيد الحظ بمقابلة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، حيث حيا ركابه الرئيس وقالوا له "ماتخفش"، حسب روايته. https://www.youtube.com/watch?v=fpwrxmqM0fU

لا يوجد أي مواطن أو صحفي قد التقط أي صورة لا للرئيس ولا لموكبه ولا لهذا الأوتوبيس المحظوظ، كما هو الحال مع الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي روى أيضا أنه وجد على كورنيش الإسكندرية مواطن يجلس على الأرض، فسأله عما به، فعلم إنه يحتاج للعلاج، فأرسله في سيارة الحرس إلى مستشفى مصطفى كامل لتلقي العلاج، على حسابه، رغم أن كورنيش الإسكندرية في الأعياد يكون أشبه بالمولد !

السيسي: «أنا مبخافش»

ففي العجمي (أقصى غرب الإسكندرية) تبدأ أولى معالم الكورنيش بعدد من شواطئ المدينة التي كانت فيما سبق قبلة الأغنياء والمرفهين، وأصبحت في السنوات الأخيرة شواطئ عادية لا تجتذب إلا أهالي المدينة من الطبقة الوسطى أو أبناء الأقاليم المجاورة، وفي العجمي فلا صوت يعلو فوق صوت الباعة الجائلين المنتشرين بامتداد طريق الكورنيش لزوم التسالي (لب وسوداني وجيلاتي وذرة مشوي)، وبالطبع لا ننسى البالونات وغزل البنات للأطفال.

وفي المحطة التالية تقع منطقة الماكس الشهيرة بالصيد والصيادين، والتي لا يتواجد بها سوى شاطئين يعتبرا من أفقر الشواطئ بالمدينة، إلا أن المنطقة بالكامل ظلت محافظة على مكانتها ولقبها "فينسيا الشرق" بسبب التقاء منطقة خندق المكس المتراصة بيها مراكب الصيادين مع مياه البحر، وهو المشهد الذي عادة ما يذكر كل من يراه بمراكب الجندول في فينسيا الإيطالية.

وبعد الماكس تجد نفسك في إسكندرية القديمة (أو أصل الإسكندرية) وهي منطقة بحري التي يتشح كل نسائها بالعباءات السوداء وتنتشر بها أسواق السمك وربما تعتبر هي المكان الوحيد الي لازال أهله يقولون فيه لفظ "أيوه"، وتقع بها كذلك منطقة قلعة قايتباي وفنار الإسكندرية وبجوارهما متحف الأحياء المائية، علما بأن منطقة القلعة تعتبر واحدة من ابرز وأشهر المزارات الترفيهية في الإسكندرية، وربما تندهش إن عرفت أن عدد المترددين على القلعة لركوب الخيل وشراء الجيلاتي أكبر من المهتمين بقطع تذكرة لدخول مبنى القلعة نفسه ومشاهدة القطع الأثرية التي بداخله.

ولم يكن غريبا أن تكون المنطقة الواصلة بين بحري والمنشية أشهر منطقة بها عشرات من محلات "الآيس كريم" بامتداد كورنيش البحر كله، حتى أن بعض الأسر تعتبر النزول لبحري لتناول "الآيس كريم" والرجوع مرة أخرى نزهة كافية بالنسبة لهم، علما بأن شواطئ بحري أو "الأنفوشي" تعتبر هي أيضا من أفقر شواطئ المدينة خاصة أن مراكب الصيادين تحتل السواد الأعظم منها.

وبمجرد وصولك للمنشية يتوتر الوضع قليلا بسبب زيادة قوات الأمن المنتشرة بمواجهة المحكمة البحرية ومجمع محاكم الإسكنردية والتي عادة ما تخلق اختناقا مروريا في المنطقة لا يتفض إلا بوصولك إلى محطة الرمل أو (وسط البلد بتاعة الإسكندرية).

وتعتبر منطقة محطة الرمل من أقدم أحياء المدينة والتي لازال الكثير من مبانيها يحافظ على تراثه المعماري المميز حتى ان كثير من مقاهيها ومطاعمها التي كان قد بناها يونانيين حرص أصحابها الجدد على الإبقء على شكلها واسمها حتى الآن لتظل تحمل رائحة الماضي، وعلى كورنيش محطة الرمل فبائعو الآيس كريم والمسليات ينافسون في عددهم المصيفين وكثيرا ما يستغلونهم في زيادة أسعار سلعهم المباعة تحت مبدأ "دة موسم بييجي من السنة للسنة".

التقاء الحبيبة

وبمرورك بطريق كورنيش الإسكندرية من غربه إلى شرقه، فيمكنك الملاحظة بسهولة أن منطقتي المنشية ومحطة الرمل يعتبرا أكثر منطقتين ينتشر الرواد والمصيفين بهما، في حين تقل الأعداد تدريجيا كلما اتجهت شرقا حتى تقل تماما بمناطق الشاطبي و كليوباترا وسيدي جابر، وتفسير هذا ببساطة أن مساحة الشواطئ الرملية قد انتهى وحل بدلا منها خط متواصل من الصخور التي تقع فاصلا بين المياه وبين كورنيش المارة، ولذا تعتبر منطقتي كليوباترا وسيدي جابر من أشهر مناطق التقاء "الحبيبة" الذين يرون أن الجلوس منفردين فوق الصخور أنسب بكثير من الجلوس على الكورنيش مع الجمع الأعظم من الأسر وأطفالهم، بينما ظل العنصر المميز لمنطقة الشاطبي أن بها الجامعة ومكتبة الإسكندرية.

علما بأن نفس تلك المنطقة أصبحت تنتشر بها الكافيتريات السياحية –ذات الطلبات الغالية- والتي ينظر لها قطاع كبير من شعب الإسكنردية على أنها مشاريع استثمارية تستهدف استغلال المصيفين والرواد بعد حرمان سكان المحافظة الأصلية من جلوسهم على الشاطئ بالمجان كما كان في الماضي.

وبعد تخطي سيدي جابر ومنطقة رشدي، تكون قد وصلت للتحفة المعمارية (كوبري ستانلي) وشاطئه الذي لازال يمتاز وجود كبائن مؤجرة بداخله للعائلات وتبلغ تذكرة دخوله 10 جنيهات بخلاف سعر الكراسي والمشروبات ويعد من أشهر وأرقى شواطئ المدينة، التي طل على عشرات من الكافيتريات ومطاعم الطعام التي تنتعش طوال فصل الصيف، بينما في سابا باشا فلا صوت يعلوا فوق صوت أندية النقابات التي احتلت الكورنيش بالكامل من استانلي وصولا إلى جليم لتحجب رؤية البحر نفسه عن المارة لامتداد كبير، مما أدى لعدم وجود مصيفين ولا باعة بتلك المنطقة.

أزحم شاطئ

ويعود الوضع للانتعاش مجددا فور الوصول لشاطئ جليم (مظلوم) وهو الشاطئ المجاني الوحيد الذي يتوسط الكورنيش فلا يعتبر موقعه في أقصى الشرق ولا أقصى الغرب ولذا يعتبر (أزحم شاطئ) طوال أشهر الصيف ويعتبر كذلك أسوأ شاطئ من حيث الخدمات ومستوى النظافة، علما بأنه لا يفصل بين "مظلوم المجاني" وشاطئ فندق التوليب التابع للقوات المسلحة والذي يصل سعر تكرة دخوله إلى 100 جنيه سوى سياج واحد مصنوع من الأشجار كان كافيا للفصل بين عالمين مختلفين تماما .

وتكتمل سلسلة الشواطئ الراقية وصولا إلى الشاطئ المملوك لفندق "سان ستيفانو" والذي يحيط به سياج من الأشجار لحجب أنظار المارة والمتطفلين عن نزلائه والذين هم بطبيعة الحال نزلاء الفندق من الأثرياء أو الأجانب والذي بالطبع لا ينتشر حوله أي من الباعة الجائلين لتوافر كافة الخدمات بداخله، ولكن تتواجد حوله كافيتريات سياحية، كما يعتبر أشهر مكان لتجمع الشباب المشاركين في ماراثونات الجري أو ركوب الدراجات صباح كل يوم جمعة، حيث يكون طريق الكورنيش خاليا من السيارات والمارة.

مايوهات في الطريق

وفي سيدي بشر والعصافرة ، يتجسد نموذج المصيف في أوضح صوره من شواطئ كثيرة، مصيفين يعبرون الطرق بالمايوهات والعوامات، ضوضاء لا تتوقف، باعة تسالي وملابس بحر معسكرون بامتداد الكورنيش، قهاوي وكافتيريات تعمل 20 ساعة يوميا، أغنية "إسكندرية يا محلاها" التي لابد أن يقوم أي بائع متجول أو قهوة بتشغيلها لتجدها واصلة إلى مسامعك في أي ساعة في اليوم بسبب ومن دون، هذا بخلاف شارع بن الوليد المواجه للكورنيش من الجانب الآخر والذي يعتبر أشهر سوق تجاري يحتله المصيفون كل عام في نفس الموسم.

زخام وضوضاء

وفي نهاية امتداد الكورنيش شرقا، فأنت على موعد مع 3 محطات لكل منهم طابع خاص، أولهم شاطئ المندرة الذي لا يختلف من حيث الزحام والضوضاء وعدد الكافيتريات اللا نهائي، وثانيهم حديقة المنتزه الشاسعة والتي وصل سعر تذكرة دخولها 12 جنيها، والتي تضم بها عدد من المطاعم والمتنازهات وحدائق الأطفال والشاطئ المميز بكبائنه الشهيرة التي كانت مملوكة فيما سبق لرجال الأعمال ونجوم السينما، بخلاف كونها أشهر مكان لتأجير وركوب العجل في الإسكندرية، مع تميزها بوجود قصر المنتزه الأثري بداخلها، وبالطبع كوبري المنتزه الذي أصبح القبلة الأشهر لأي مصور أفراح يقنع المخطوبين والعرسان كي يلتقطوا صورهم التذكارية فوقه.

بينما تعتبر منطقة أبو قير هي آخر بقعة تفصل الإسكندرية عن محافظة البحيرة ولكن لا تشتهر إلا بوجود الميناء بها والصيادين، بينما الشاطئ الوحيد الذي يحمل اسم "أبو قير" فهو محظور العوم به لوجود مواسير صرف صحي تصب مياهها فيه منذ سنوات، وسط وعود من محافظين ومسئولين بوزارة البيئة بحل هذه الكارثة دون نتيجة.