رئيس التحرير أحمد متولي
 السر وراء كلمة «آسف».. لماذا يصعب عليك الاعتذار؟

السر وراء كلمة «آسف».. لماذا يصعب عليك الاعتذار؟

«أنا آسف» من أوائل الكلمات التي نتعلم قولها في صغرنا، لنعتذر عن سلوك سيء، أو كلام غير مناسب، ولكن كلما كبرنا صارت الكلمة أعز من أن ننطقها، بل نسي البعض كيف تُقال من الأساس.

ما الذي قد يدفع شخصا ما إلى تجاهل الاعتذار عن سلوكه السيء أو قوله غير اللائق؟ لماذا تصبح الكلمة عسيرة وثقيلة على لسان البعض هكذا فيما تجري على ألسنة آخرين دون حرج أو تكلّف؟

رغم أن الاعتذارات ربما تُنقذ زواجا من الانهيار، أو صداقة من أن تتحوّل إلى عداء، إلا أن بعض الأشخاص يعجزون عنه، ويتحول الاعتذار عن أبسط الأخطاء إلى معركة شرسة يخوضها قبل أن يصل إلى كلمة «آسف».

جزء لا يتجزأ

يَصعب على الكثيرين الاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها؛ لأنهم يعتبرون أن أفعالهم جزء لا يتجزأ من شخصياتهم، وبالتالي إن ارتكبوا فعلًا سيئًا، فهذا سيعني بالتبعية أنهم سيئون، والاعتراف بأنهم أهملوا في شيء ما سيعني أنهم أنانيون لا يكترثون لشيء سوى أنفسهم وراحتهم.

هؤلاء يمثل الاعتذار تهديدًا قويًا لهم، إذ يعني نقصا في شخصياتهم وهوياتهم، مما يجعلهم يفرون منه للحفاظ على نظرتهم الخاصة لأنفسهم واحترامهم لها.

العار

عادة ما يلازمنا الشعور بالندم بعد ارتكابنا أي خطأ، خاصة لو مسّ هذا الخطأ شخص آخر، إلا أن الأشخاص غير المعتادين على الاعتذار قد يسبب لهم ذلك شعور بالخجل والعار من أنفسهم.

في حين قد تشعر أنت بعد اعتذارك بالخجل مما فعلت، يشعر الشخص غير القادر على الاعتذار بالخجل من نفسه، وليس تصرفه فحسب كما يُفترض. إحساس الخجل من الذات أو العار أكثر قسوة وتعذيبا من إحساس الخجل من فعل بعينه، وبالتالي يهرب الشخص عادة من الاعتذار كي لا يُعاني ذاتيًا.

باب الصراعات

يعتقد الأشخاص الطبيعيون أن الاعتذار سينهي الخلاف ويقضي على الصراع المحتدم بينه وبين من أخطأ في حقه، إلا أن الأشخاص غير القادرين على الاعتذار يظنون العكس تماما.

يعتقد هؤلاء أن الاعتذار سيفتح لمن أمامهم الباب لأن يجمعوا لهم كل الأخطاء التي سبقت ذلك الخطأ ولم يعتذروا عنه، مما يعني أنهم قد فتحوا على أنفسهم أبواب الصراعات والخلافات، مما يجعلهم يتحاشون ذلك.

تحمّل المسؤولية

يخشى البعض من أن يكون اعتذارهم للطرف الآخر دليلا على مسؤوليتهم الكاملة على الخطأ أو المشكلة التي وقعت، وتبرئة ساحة الطرف الآخر من أي مسؤولية عن الخطأ، وبالتالي فهو يتجنب الاعتذار.

إن شبّ خلاف بين زوجين مثلا، تجد كليهما يتجنب الاعتذار للآخر كيلا يُحمه مسؤولية المشكلة كاملة، على الرغم من أن أي خلاف يتحمل مسؤوليته الطرفان، ولو بقدر ضئيل.

الخوف

عدم الاعتذار يؤمن لأصحابه مساحة للتحكم في أعصابهم ومشاعرهم، فهم عادة يشعرون بالراحة مع أحاسيس الغضب، والهياج، والمسافات في علاقات الحب، ويُمثل لهم القرب في تجاربهم العاطفية تهديدًا قويا.

يُشعرهم الاعتذار أن ذلك سيعني انهيار حارسهم الخاص، الذي يصون مشاعرهم، وسيفتح عليهم أبواب الجحيم من الألم والحزن واليأس، وستفيض تلك المشاعر المؤلمة عليهم ولن يتمكنوا من التخلّص منها.

قد يكونون على حق، إلا أن في كثير من الأحيان، ينال هؤلاء الأشخاص حبًا وتقديرا ودعما من الطرف الآخر، إن تمكنوا في تلك الحالة من مسايرة مشاعرهم وعدم اعتراضها، سيكون ذلك علاجا مثاليا لهم، وسيصبحون أكثر قدرة على الاقتراب والتعمّق في العلاقات الإنسانية.

المراجعة

كيف-تتخلص-من-عادات

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة