خلق الكون.. من هنا بدأت قصة الهرم عند الفراعنة
هل فكرت من قبل لماذا بني المصريون القدماء الأهرامات؟ الإجابة البديهية هي أنها كانت مقابر للملوك، لكن هل سألت نفسك لماذا اختار الفراعنة هذا الشكل تحديدًا لبناء مقابرهم؟
تقول مفتشة الآثار بمنطقة سقارة ياسمين علاء الدين في حديث خاص لـ«شبابيك» إن الشكل الهرمي له علاقة بأسطورة خلق الكون عند الفراعنة؛ فبعد أن استقر في وادي النيل وأمّن حاجته من الغذاء، تفرغ عقله للتفكير في أصل الكون والحياة والموت.
ومن هنا نشأت نظرية الخلق التي ترجع لعهد ما قبل الأسرات. وكان أول اكتشاف لأسطورة الخلق هو نقش على الرحى (الطاحونة اليدوية) التي استخدمها المصريون القدماء لطحن القمح وصنع الخبز، وهي خاصة بأسطورة الخلق لمدينة منف.
يصف الفراعنة الإله بتاح بأن عرشه كان على الماء، وهي المياه الأزلية التي خُلِق منها الكون.
وتتابع مفتشة آثار سقارة أنه "عندما قرر الإله بتاح خلق الكون أمر المياه الأزلية فتكونت منها قبة على شكل هرم، جلس عليها بتاح ليبدأ خلق الكون". وهنا قدس المصري القديم الهرم، فهو بالنسبة له لم يكن بناء ضخما لدفن الملوك، فهو رمز للإله بتاح.
ولم تكن نظرية منف هي الأسطورة الوحيدة للخلق. فهناك ثلاثة نظريات أخرى، واحدة لمدينة هيليوبوليس ولمدينة هرموبوليس وواحدة لمنف.
واختلفت هذه الأساطير في محتواها لكنها اختلطت ببعضها واتفقت في بعض التفاصيل، وكانت أحد النقاط التي اتفقت عليها جميعا هي أن الإله الخالق، خلق الكون من المياه الأزلية، بعد أن شكل منها ربوة جلس عليها ليخلق الكون.
اقرأ أيضا⇐«مش بس في مصر.. 5 حضارات أخرى بنت الأهرامات»
لماذا قدّس الفراعنة الهرم؟
تؤكد «علاء الدين» لـ«شبابيك» أن الربوة الهرمية كانت ترمز للإله بتاح، ولأن المصريون القدماء اعتقدوا أن الفرعون هو نصف إله، فهو رمز، لذلك بنيت له القبور بالشكل الهرمي، الذي يرمز للإله بتاح، وكأن الفرعون يعود لطبيعته الإلهية بعد الموت.
وعلى غرار الإله بتاح، كانت الشمس أيضا من الأشياء التي قدسها المصريون القدماء، في عصور ما قبل التاريخ، فهي رمز للقوة والتجدد والبعث بعد الموت، وكان يرمز لها بالإله رع. واعتقد المصري القديم أن أشعة الشمس تسقط على الأرض بشكل هرمي.
وهناك تفسير آخر لبناء الأهرامات، فقد كان يطلق على بتاح الباني أو الفاتح لارتباطه بنظرية الخلق وكونه إلهًا للحرفيين وخصوصا الحرف الحجرية. وكان أيضا إله البعث ويرمز إليه برجل مغطى بالكفن ويمسك بيديه مفتاح الحياة وصولجان الواس الخاص بالآلهة. ولأن أهم الحرف اليدوية أيام الفراعنة كانت البناء بالحجارة، تفنن الفراعنة في بناء المقابر لترمز للإله بتاح إله البعث والحرفيين والإبداع.
أول من بنى الهرم
كان الملك زوسر ثاني فراعنة الأسرة الثالثة هو أول فرعون يحول مقابر الملوك من مجرد مصاطب تبنى فوق غرفة الدفن إلى مقبرة مهولة بالشكل الهرمي. وأول هروم بناه زوسر هو هرم سقارة بالجيزة.
وتوضح مفتشة الآثار أن هرم زوسر لم يكن هرما في البداية، كان مجرد مصطبة واحدة، ثم بنيت فوقه ستة مصاطب حتى أخذ الشكل الهرمي المدرج، ليرمز للإله رع، إله الشمس القوية المتجددة التي لا تموت.
كان هرم زوسر هو أول بناء حجري عرفه التاريخ، بعد ذلك حاول الملك زوسر بناء الهرم الكامل، فجاء الهرم المائل والهرم الأحمر بدهشور، وهما أقدم من أهرامات الجيزة المعروفة، خوفو وخفرع ومنقرع.
اقرأ أيضا⇐«من الأحمر للأسود.. 10 أهرامات مصرية لم تسمع عنها من قبل»