بسبب حقوق الإنسان.. المغرب غاضب من أمريكا
نقلا عن روسيا اليوم
استدعت وزارة الخارجية المغربية السفير الأمريكي في الرباط، للاحتجاج على مضمون تقرير أمريكي، اتهم المغرب بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ووصف التقرير السنوي، الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان، وضع حقوق الإنسان في المغرب بالسيئ، نتيجة الانتهاكات في السجون والمعتقلات. وخصص التقرير اثنتي عشرة صفحة للحديث عما قال إنها انتهاكات يتعرض لها الناشطون الصحراويون على أيدي رجال الأمن المغربيين.
صورة قاتمة
ورسم تقرير الخارجية الأمريكية صورة قاتمة للواقع الحقوقي في المغرب؛ حيث قال إن عناصر الأمن المغربي يرتكبون انتهاكات جسيمة ومتكررة لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، تشمل القمع وتعذيب الموقوفين لانتزاع اعترافات.
وواصل التقرير بالقول إنه "لا توجد استقلالية قضائية، وإن القضاء لا يوفر محاكمة عادلة، ويمنع المتهمين أحيانا من حقهم في الدفاع عن أنفسهم... كما أن سياسة الإفلات من العقاب، التي تكرسها السلطات المغربية، تدفع رجال الأمن إلى التمادي في سلوكهم".
التقرير الأمريكي أثار سخط المغرب، وأدخل العلاقات بين الحليفين التقليديين في نفق مظلم. فقد بادرت السلطات المغربية إلى استدعاء السفير الأمريكي في الرباط دويت بوش، واستفسرت منه بشكل مطول حول ما جاء في التقرير.
وأورد بلاغ، صدر عن الخارجية المغربية عقب استجواب السفير بوش، أن المغرب أبلغ الجانب الأمريكي بانزعاجه البالغ من مضمون التقرير "المليء بالمغالطات والتزييف"، مؤكدا أن "مؤسسات الدولة المغربية تتمتع بمهنية ومصداقية عالية، وأن المزاعم التي تضمنها تقرير الخارجية الأمريكية يترك الانطباع بأن هذه المؤسسات لا تقوم بمهماتها".
المواجهة العلنية
ولجأ المغرب إلى خيار المواجهة المباشرة والمعلنة مع الولايات المتحدة بعدما فشل في إقناع الحكومة الأمريكية بالتراجع عن اتهاماتها للسلطات المغربية؛ حيث حاولت الرباط في لقاءات عديدة ثني الأمريكيين عن التمادي في تصوير واقع حقوق الإنسان بهذه الطريقة، غير أنها لم تجد آذانا صاغية، وهو ما أرغمها على استدعاء السفير وإصدار بيان غير مسبوق في حدته.
ويعكس توجه المغرب نحو خيار المواجهة مع واشنطن تراكمات كثيرة، باتت تشوش على حلف الرباط-واشنطن؛ خاصة فيما يتعلق بموقف أمريكا من ملف الصحراء الغربية.
وهنا تحديدا، ترى الرباط أن واشنطن تمارس ضغوطا خفية للإبقاء على ملف الصحراء الغربية من دون تسوية، كي يظل سيفا مسلطا على رقبة المغرب. فقد تدخلت الولايات المتحدة نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي لدى مجلس الأمن، عبر تقديم قرار يلزم المغرب بالسماح بعودة أفراد من بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "مينورسو"، كان المغرب قد طردهم إبان خلافه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
إلى العداوة؟
ويثير التوتر الحالي في العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة أسئلة كبيرة حول مستقبل علاقاتهما، خاصة أن المغرب لم يعد يخفي انزعاجه من سياسة واشنطن في المنطقة.
فالرد المغربي بلهجة حادة على تقرير الخارجية الأمريكية ليس سوى حلقة في مسلسل التصعيد اللفظي، بعد حديث العاهل المغربي الملك محمد السادس أمام القمة الخليجية الشهر الماضي عن مؤامرات تحاك للمغرب من طرف حلفائها الغربيين.
وبادرت الولايات المتحدة إلى الرد على خطاب الملك المغربي بإبداء تمسكها بالعلاقات الاستراتيجية مع المغرب بما يضمن مصالح البلدين، خاصة فيما يتعلق بالأمن وبترقية حقوق الإنسان بشكل عام.
ورغم أن العلاقات الدبلوماسية والتنسيق الأمني بين واشنطن والرباط ما زال قائما، فإن بعض المراقبين يرون أن واشنطن تريد معاقبة المغرب على التوجه نحو توطيد علاقاته مع قوى دولية أخرى مثل روسيا، التي زارها العاهل المغربي منتصف شهر آذار/مارس الماضي، ووقع مع رئيسها فلاديمير بوتين اتفاقيات عدة في مختلف المجالات؛ والصين التي وقع المغرب قبل أيام اتفاقيات أخرى معها. وهو ما يرجعه المحللون السياسيون في المقابل إلى امتعاض مغربي من تصرفات واشنطن.
تدهور العلاقات المغربية-الأمريكية قد تكون له انعكاسات سلبية على الوضع في منطقة المغرب العربي، التي تبدو بحاجة إلى الهدوء أكثر من حاجتها إلى التصعيد.