أين الحركة الطلابية بالجامعات؟

أين الحركة الطلابية بالجامعات؟

وسط حالة تشهدها الجامعات المصرية بظهور قليل من الأنشطة التي تنظمها الاتحادات والأسر الطلابية خلال العام الدراسي 2015 / 2016، غاب عن المشهد معظم الحركات والكيانات الطلابية، الممثلة للأحزاب والجماعات.

ومع غياب الحركات عن المشهد، ظهرت كيانات أخرى مثل صوت طلاب مصر وتحيا مصر، بأنشطة تتوسع خارج أسوار الجامعة، واستطاعوا ضم عشرات الطلاب لهم.

فهل استطاعت الجامعات تأميم العمل الطلابي، أم أن هذه الحركات قلصت من دورها في وجود الاتحاد الذي يعد الممثل الشرعي للطلاب؟

أين الحركات الطلابية؟

عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، نورا السيد، تقول: الحركات الطلابية لم تختف من الجامعات المصرية بل كانت جزءا من الحراك الطلابي العام، مؤكدة أن أي حراك بالجامعات تنظمه حركة طلابية أو أكثر.

وأشارت إلى أن دور الحركات الطلابية كان مؤثرا خلال العام الدراسي 2015 / 2016 الذي ضم 3 محطات عملت على تحرك المياه الراكدة، بدأت بمعرض فلسطين بالفصل الدراسي الأول ثم حملة «الطلاب مش هتبيع» التي شارك فيها العديد من الحركات، وأخيرا حملة «حلب تحترق» التي دشنها طلاب ضد الانقلاب وشاركت فيها باقي الحركات.

وقال المسئول الطلابي للتيار الشعبي، أحمد بغدادي، إن الحركات الطلابية ظهرت خلال هذا العام بمشاركتها في انتخابات الاتحادات ومؤتمرات دعم اتحاد طلاب مصر، والمشاركة في الفاعليات من خلال الأسر المسجلة بالكليات.

«معظم الحركات شاركت في الانتخابات الطلابية ولعبت دور كبير في وصول عبدالله أنور لاتحاد طلاب مصر، وكان عندنا أمل إن التضييق الأمني يحف شوية بعد تشكيل الاتحادات لكن محصلش»، يقول الأمين العام لحركة طلاب مصر القوية، محمد جمال حامد، ويشير إلى أن الحركة تبنت مشروعا مركزيا بالجامعات لتوعية الطلاب بحقوقهم في صندوق التكافل.

وقال إن الحركات دورها يتمثل في الدفع باتجاه الأفضل وحصول الطلاب على حقوقهم في مستوى تعليمي جيد وكتاب جامعي بشكل مجاني، مضيفا «لازم يكون فيه حد بيمثل صوت المعارضة».

ومع بداية الفصل الدراسي الثاني ظهر كيان جديد حمل اسم «تحيا مصر» واختار ممثليه بمختلف الجامعات المصرية، ويعرفه المنسق العام السابق، محمود نور الدين، بأنه كيان طلابي خدمي لا يعمل في السياسة، كما استطاع الكيان ضم طلاب بالجامعات لعضويته وشكل وفدا لزيارة روسيا عقب حادث الطائرة الروسية مطلع العام الجاري، لكنه لم يقم بأي نشاط ملحوظ داخل الجامعات حتى الآن.

«تحيا مصر» كيان طلابي انتشر فجأة بالجامعات.. ايه الحكاية؟

وأوضح المنسق العام لـ«صوت طلاب مصر»، سعد نديم، أن المجتمع الطلابي ظهر فيه العديد من الحركات والكيانات التي يعمل مؤسسوها لمصلحتهم الشخصية دون مراعاة مصلحة الطلاب، مؤكدا أن ائتلاف صوت طلاب مصر يعمل على تقديم الخدمات للطلاب داخل وخارج الجامعات.

وأضاف أن الخدمات التي يعمل الائتلاف على تقديمها تتمثل في تأهيل الطلاب لسوق العمل من خلال الدورات التدريبية وتنظيم الملتقيات التسويقية.

بينما اعتبر عضو طلاب 6 أبريل، نور الدين محمود، أن نشاط الحركات الطلابية داخل الجامعات قل بشكل ملحوظ، بسبب الملاحقات التي تطال الطلاب المنضمين لهذه الحركات، مبينا أن قضية جزيرتي تيران وصنافير أحيت الحراك الطلابي مرة أخرى وكانت نقطة تحول للعمل خلال هذا العام.

بسبب «تيران وصنافير».. الحراك الطلابي ينتعش بالجامعات

وعن الدور الذي تلعبه الحركات داخل الجامعات، أضاف أن التوعية السياسية تعتبر العامل الرئيسي في دور الحركات وتعريف الطلاب بحقوقهم.

الجامعات نشأت بها العديد من الحركات والكيانات الطلابية مثل طلاب 6 أبريل ومصر القوية وطلاب ضد الانقلاب والدستور وصوت طلاب مصر وطلاب الإخوان المسلمين والاشتراكيين الثوريين ونبض الأزهر ممثلا لطلاب السلفيين وتحيا مصر وحركة مقاومة وطلاب العيش والحرية.

وشهد العامين الماضيين حراكا داخل العديد من الجامعات المصرية ومظاهرات قادتها حركة طلاب ضد الانقلاب، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، أدى للاشتباك مع قوات الأمن ومقتل وإصابة عدد من الطلاب داخل الحرم الجامعي.

لكن هذا الحراك أُخمد هذا العام، ولم تظهر حركة طلاب ضد الانقلاب في أي فاعلية، حاولنا التواصل مع المسئولين عن هذه الحركة من خلال صفحتهم على موقع «فيس بوك» لكننا لم نتلقى أي ردود.

ما الذي أثر على الحركات؟

«فصل الطلاب وحبسهم وملاحقة قيادات الحركات أنشأ حالة من الترهل والإحباط لديهم، ولو لم يتم تحليل الواقع بشكل جيد ستختفي هذه الحركات» تقول عضو حركة الاشتراكيين، وتضيف أنه خلال الـ5 سنوات القادمة لو غفلت الحركات عن تطوير نفسها وضم اعضاء جدد وربطت الملفات الطلابية بالسياسية سيكون حال الجامعات «سكوت».

واعتبر «بغدادي» أن الحركات الطلابية قدمت ما يمكنها داخل الجامعات، موضحا أنه من الصعب توقع خريطة الحركات الطلابية خلال العام القادم بسبب تقلب أوضاع البلاد.

وفي ظل ما وصفه ممثلوا الحركات الطلابية بتضييقات أمنية عليهم، فإن أمين طلاب مصر القوية يوضح «لو استمرت السياسة الأمنية بالشكل ده خلال السنوات اللي اية أكيد الحركات كلها هتندثر».

حبس 3 طلاب شاركوا في احتجاجات «الطلبة مش هتبيع» بجامعة طنطا

استفادة الطلاب من الحركات

باعتبار أن هذه الحركات لعبت دورا أساسيا بالمشاركة في «الفاعليات الضعيفة» التي شهدتها الجامعات من خلال حملة «الطلاب مش هتبيع»، هل تستطيع أن تقدم خدمات ملموسة للطلاب أم يقتصر دورها على الحراك الذي يأخذ صبغة سياسية.

تقول «نورا»، «الحركات مش هتقدر تقدم حاجة في الوضع الحالي، وعشان تقدم حاجة للطلاب لازم تكون الحرات دي في الاتحاد أو ليها ممثلين في هيئة التدريس يقدروا يخدموا الطلبة، لكن في الوضع الحالي الحركات بتقوم بدورها في توعية الطلاب وتحريكهم في المطالبة بحقوقهم».

ويرى «بغدادي» أن دور الحركات هو تشكيل وعي الطلاب بالأنشطة وحقوقهم في التعليم والخدمات والتأهيل لسوق العمل، لافتا إلى أن هذا الدور انحصر خلال هذا العام بسبب التضييقات الأمنية وتهديدات أعضاء الحركات.

الحركات والاتحاد

بعد إجراء الانتخابات الطلابية المتوقفة منذ عامين وتشكيل اتحادات الطلاب، زادت الأنشطة الطلابية الترفيهية التي تنظمها الاتحادات داخل الجامعات.

منسق عام صوت طلاب مصر اعتبر أن الاتحاد أصبح ممثلا شرعيا للطلاب ومنوط به تنظيم الخدمات والأنشطة المختلفة، وهو لا يتعارض مع وجود كيانات طلابية تسعى لخدمة زملائهم.

وفي ظل انتخاب هذه الاتحادات، أوضحت «نورا» أن وجود الاتحاد لا يغني عن وجود الحركات الطلابية والقيام بدورها، لافتة إلى أن الاتحاد والحركات الطلابية لا يمثلون جميع الطلاب وإنما لكل طرف مجموعته التي تدعمه.

وبينت أنه ينبغي على الحركات الطلابية أن تقوم بدور الضغط على الاتحادات الطلابية للاهتمام بمشاكل الطلاب والمطالبة بحقوقهم، وعدم تأييده على طول الخط، مضيفة «أكيد الاتحادات ضيعت فرص كتير ونجحت في فرص كتير».

الحركات الطلابية تدعم «الاتحاد» وتطالب برحيل وزير التعليم العالي

وبحسب مسئول المكتب الطلابي للتيار الشعبي، أحمد بغدادي، فإن الحركات الطلابية عقدت اجتماعات خلال العام الدراسي لبحث القضايا التي تخص الطلاب، والضغط على الاتحادات للسعي في حل المشاكل والدفاع عن حريات الطلاب.

من جهته أوضح «نور الدين» أن الضغط على الاتحادات الطلابية من قبل الحركات لا يكون بشكل علني، وإنما يكون من خلال تقديم النصائح لهم ومطالبتهم بالدفاع عن الطلاب خاصة في ملفات المحبوسين والمفصولين.

وقال أمين طلاب مصر القوية إن الحركات تدعم الاتحاد ضد توغل الدولة وإدارات الجامعات وتقدم له يد العون، وأيضا تهاجمه إذا حاد عن الطريق أو لم يحقق مطالب الطلاب.

تقييم الحركات الطلابية لأزمة «الدولة – اتحاد طلاب»

و لعبت الحركة الطلابية دوراً كبيراً على مدار عقود، كما كانت أروقة الجامعات المصرية ميداناً سياسياً ترفع فيه أصوات الطلاب ضد السياسات التي يرونها خاطئة من جانب السلطات الحاكمة المتعاقبة والأزمات السياسية التى مرت بها الدولة المصرية.

ناضلت الحركة الطلابية بداية فى مواجهة الاحتلال الإنجليزي لمصر، ثم تصاعد النشاط الطلابي داخل الجامعات في عهد الرئيس أنور السادات، إلا أن هذه الحركة خفتت منذ تولي الرئيس الأسبق مبارك وتلاشى العمل الطلابي أمام السيطرة الأمنية القوية التى اعتمد عليها ذلك النظام، قبل أن يعود النشاط مجدداً لتلك الحركة بعد ثورة 25 يناير 2011، وأثناء فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، ثم سرعان ما اختفت عقب 30 يونيو.

عبدالله الشافعي

عبدالله الشافعي

صحفي مصري متخصص في الملف الطلابي بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام ومتابع لأخبار الأقاليم، مقيم في محافظة الجيزة.