في ذكرى الخطأ المتكرر.. «المنفلوطي» حياة قصيرة ونهاية محزنة

في ذكرى الخطأ المتكرر.. «المنفلوطي» حياة قصيرة ونهاية محزنة

في مثل هذا اليوم من كل عام، بما فيهم هذا العام، تفرد المواقع الإلكترونية مساحات على صفحاتها للتعريف بشخص مهم، من تاريخ الأدب العربي، هو مصطفى لطفي المنفلوطي، احتفاءً بذكرى وفاته.

ذلك ناتج عن وضع موقع ويكيبيديا الشهير وفاة الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي في صفحة أحداث تاريخ 24 مايو، ولا شيء يُثبت ذلك غير تلك الصفحة، ولكن الحقيقة أن المنفلوطي لم يَمُت في هذا اليوم، وإنما في 25 يوليو 1924.

ووفقا لتقرير أصدره موقع الجزيرة عن المنفلوطي، فإنه أُصيب بشلل بسيط قبل وفاته بنحو شهرين، وثقل لسانه عدة أيام، لكنه أخفى مرضه عن أصدقائه ولم يذهب إلى الطبيب، وسرعان ما أصيب بتسمم بولي؛ فقضى نحبه في صبيحة يوم عيد الأضحى 10 ذي الحجة 1342هـ، الموافق 12 يوليو 1924، عن عمر 48 عاما.

خطأ المواقع المتكرر

إن كنت لا تعرف المنفلوطي، فهو أحد أبرز الأدباء والشعراء المصريين في القرن الماضي. له كثير من المقالات والروايات، كما ترجم عددا من المؤلفات الفرنسية وصياغته بأسلوبه البليغ الخاص.

ولد مصطفى لطفي المنفلوطي عام 1876 بمدينة منفلوط في محافظة أسيوط. وُلد المنفلوطي لأب مصري وأم تركية. يعود نسبه إلى عائلة نبغ فيها عدد من القضاة الشرعيين والنقباء.

التحق المنفلوطي بالكُتاب وأتمّ حفظ القرآن كاملا وهو في التاسعة من عمره، فأرسله والده للتعلم بالأزهر في القاهرة. درس في الأزهر العلوم العربية والشرعية والتاريخية مدة عشر سنوات، وبدء يشعر بميوله الأدبية فأقبل على كتب التراث وحفظ ودرس دواوين الشعراء الكبار أمثال أبي تمام، والبحتري، والمتنبي.

كما حفظ لأدباء النثر أمثال ابن المقفع، والجاحظ، والأصفهاني، وابن خلدون، مما منحه أسلوبا خاصا متميزا وذوقا فنيا. أثناء ذلك تعرف المنفلوطي على الإمام محمد عبده ولزم دروسه في الأزهر حتى وفاته.

في الثلاثينيات من عمره عاد إلى قريته بالصعيد وعكف فيها عامين في التعمق في الأدب وكتبه التراثية. بدأ المنفلوطي مشواره في الكتابة بإرسال المقالات إلى مجلات تصدر في الأقاليم، مثل «الفلاح» و«الهلال» و«الجامعة» و«العمدة».

عام 1907 انتقل إلى إحدى كبرى الصحف في ذلك الوقت وهي المؤيد، وكتب مقالات بعنوان «نظرات» تناقش الأدب الاجتماعي والنقد والسياسة والإسلاميات، إضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة. جُمِعت بعد ذلك في كتاب حَمل نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.

كما أصدر المنفلوطي كتابا آخر باسم «العبرات» يتضمن 9 قصص قصيرة، 3 من تأليفه و5 من ترجمته وواحدة مقتبسة من قصة أخرى لجبران خليل جبران.

أما أحد أشهر كتب المنفلوطي، فهو رواية «ماجدولين» التي ترجمها عن الرواية الفرنسية «تحت ظلال الزيزفون» للكاتب الفرنسي ألفونس كار، بجانب رواية «الفضيلة» التي ترجمها عن الرواية الفرنسية «بول وفرجيني»  برناردين دي سان بيير.

وظل الأدب الفرنسي يداعب شغف المنفلوطي، فنشر ترجمة لرواية «غادة الكاميليا» للأديب الفرنسي ألكسندر دوماس. وبعيدا عن التراجم، فقد ألّف ديوان شعر يضم نحو 30 قصيدة من الشعر الفصيح، تغلب عليها نزعة التشاؤم والحزن اللذين رافقاه طوال حياته.

كما أخرّج المنفلوطي كتابا باسم «محاضرات المنفلوطي»، يضم مجموعة من منظوم ومنثور العرب في حاضرهم وماضيهم، جمعها بنفسه لطلاب المدارس، بجانب كتاب «التراحم» يتحدث فيه عن الرحمة، باعتبارها أبرز الصفات الإلهية.

ربط البعض بين وفاة المنفلوطي ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها سعد زغلول عام 1924، وأن الناس انشغلوا بالزعيم ناسيين الأديب الكبير، إلا أن واقعة تعرض زغلول لمحاولة اغتيال وفقا لموقع أرشيف مصر، فكانت في 12 يوليو من ذلك العام، وليس في شهر مايو كما يزعم البعض.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة