شعوب اختارت العزلة.. «الإيبان» مهر العروسة جمجمة

عدنا معكم إلى ما وراء التاريخ بينما لا نزال فيه، شعب جديد ممن اختاروا العزلة وفضلوا الماضي عن الحاضر، لم تغرهم طائرات السماء أو سيارات الأرض وتكنولوجيا الاتصالات بالنسبة لهم..قطعة معدن تتحدث، والإضاءة زجاج ينبعث الضوء منه.

"شبابيك" تستكمل سلسة (شعوب اختارت العزلة وتخلفت عن الحضارة)، نعرض لكم الحلقة الثالثة، ومعلومات قد لا تعرفها عن شعب "الإبيان".

شعوب اختارت العزلة وتخلفت عن الحضارة.. (الأميش)

شعوب اختارت العزلة وتخلفت عن الحضارة.. (الكازاخ)

الحلقة الثالثة... الإيبان "إيبان" أو قاطعي الرؤس كما يطلقون عليهم، هم أشبه بأحد تلك القبائل في أفلام الرعب التاريخية، إلا أنهم ورغم غموضهم صاروا واحدة من أفضل الوجهات السياحية في ماليزيا. من هم ؟

هي قبيلة ماليزية حصنت نفسها ضد المدنية والحداثة وارتضت بغابات جزيرة (ساروك) مستقرا، شكلوا حوالي 30% من سكانها وأطلق عليهم "داياك البحر" بسب مهاراتهم بصنع و عمل القوارب و المراكب.

بعض أفراد القبيلة مازالوا وثنيين رغم زحف حركات التبشير إليهم، وهناك من اعتنق المسيحية منهم، تشهد بذلك صورة ضخمة للمسيح معلقة على باب من أبواب غرف البيت الطويل، أيضاً وجد الإسلام طريقه لأفراد هذه القبيلة واعتنقه الكثيرون بعد خروج بعض من أبناءها خارج حدود الغابات والتحاقهم بالمدارس واحتكاكهم بالماليزيين المسلمين، ورجعوا لأهلهم لينشروا الاسلام هناك.

المجتمع

تطغى الحياة الاجتماعية الموحدة المنفصلة داخل قبائل الإيبان، فتحافظ على نسيجها الخارجي بينما ينقسم داخلها إلى قبائل صغيرة، تعيش كل واحدة منهم في منزل كبير يشبه المجمع السكني يطلق عليها لونجهاوزز وتعرّب (البيوت الطويلة)، رفعت عدة أقدام عن سطح الأرض عن طريق ركائز قوية متعددة تصنع عادة من لحاء الشجر والعشب،  ولكن العديد من القبائل أصبحت تستخدم مواد أكثر تنوعا و لكنها أقل جمالاً، مثل (الصفائح) المعدنية، تتكون عادةً من صالة مطولة مع غرف عائلية خاصة تتفرع من الجانبين، وقد يتسع لقرية بأكملها يضل عدد سكانها في بعض الحالات إلى 500 شخص من ثلاثة أجيال مختلفة- في كل واحدٍ من منازل اللونجهاوز. وقد يختلف تصميم وشكل المبني  من قبيلة إلى قبيلة، إلا أن جميعها تمتلك خصائص مشتركة فيما بينها . الحالة الإجتماعية

رجل الإيبان لديه من القناعة ما يجعل إمرأة واحدة تكفي، يقترن بها طوال حياته على أن يسمح له بالزواج مرة أخرى في حالة وفاتها،إذا أردت أن تتزوج امرأة "إيبانية" عليك أن تقدم إليها روح إنسان كمهر، فعلى الشاب أن يقتل أحد أفراد قبيلة العدو ثم يرسل الرأس مع أحدهم لوالد العروس كي يراه (بشحمه ولحمه)، على أن تعود إليه ويضعها لفترة أسبوعين في النهر كي يتحلل اللحم وتأكله الأسماك، يدهن بعدها الجمجمة المتبقية بمادة غريبة تسمح بتحنيطها لمئات السنين ويضعها بعد ذلك في النار-اعتقاداً بأنه يطرد الشياطين منها- يحضرها بعد ذلك في موكب فخم مع الهدايا لبيتها ويسلم الرأس لوالدها، وليت الجمجمة كفت مهراً، فيزف العريس إلي بيت العروس ويقيم ثلاثة أشهر مع عائلتها حتى يختبر ولدها أخلاقه، وفي حالة نجاحه يعود في موكب لا يقل فخامة عن الموكب الأول إلى بيته، والذي عادة ما يكون غرفة واحدة في أحد البيوت الطويلة المملوكة لأسرته .

المرأة تعتبر حجر الزاوية لقبيلة إيبان، فهي من تتولى تربية الأبناء وتعلمهم الصيد بواسطة رمي السهام وصيد السمك النهري وزراعة الفلفل، فضلاً عن كونها صيادة أسماك ماهرة ومربية حيوانات أليفة كالخنازير ( التي يأكلون لحمها ويستغلون جلدها في صناعاتهم ) والدجاج والقردة والكلاب، والأروع أنها تصنع عدة الحرب للرجل من أقنعة وملابس مزركشة بالريش والألوان الفاقعة وسلال حفظ السهام الملونة وشباك الصيد- روح إنسان واختبار أخلاق أمر شاق لكنه ليس بالكثير على مرأة كتلك الإيبانية-.

الرجل هناك محارب شجاع قد يخوض حروبا طويلة مع القبائل الأخرى من أجل امرأته، أو حقول الفلفل أو حتى الاستئثار ببعض حيوانات الغابة وهو أيضا صاحب الكلمة المطلقة في منزله فهو المسؤول الأول والأخير عن أبنائه وزوجته وهو الذي يكون مسؤلا أمام زعيم القبيلة عن أي تصرف خاطئ يبدر منهم .

الزعامة في هذه القبيلة بالوراثة، ويدين الجميع كباراً وصغاراً للزعيم، وإذا مات يتولى ابنه الأكبر الزعامة تلقائيا ولا ينزعها منه إلا الموت، أما إذا كان الزعيم الجديد سيء السمعة ولا يحبه أفراد القبيلة فهم جميعا يقفون يداً واحدة أمامه ويرفضون الانصياع له وعادة ما يقومون بمبايعة أحد أبناء الزعيم الراحل أو أحد إخوته أو أقاربه، كدلالة على وفائهم لزعيمهم الأول. [caption id="attachment_9283" align="alignnone" width="600"] يُعرف الإيبان بقطع رؤوس أعدائهم في الحرب ويعودون بها كغنيمة، ولا يتحول الطفل لرجل عندهم حتى يذهب للغابة ويعود برأس أحدهم، ولا مهر لعروس غير جمجة بشرية، حتى أنهم أطلقوا مسابقة لجمع الرؤوس يتبارى فيها أبناء القبائل، الأمر تغير بعض الشيء الآن وأصبح تحقيق الرجولة يستبدل الرأس بسلع أكثر فائدة؛ مثل المولدات الكهربائية، و أجهزة تكييف الهواء أو أجهزة التلفاز يعود بها الصبي إلى قريته.[/caption]   هؤلاء وغيرهم موجودون معنا على الأرض بمثل تلك البساطة وإن اعتبرها البعض تخلفا، فجئنا بحكاياتهم إليكم وليحكم التاريخ بيننا وبينهم. سنعد إليكم بحلقة رابعة وشعب قابع بعيداً عن الحضارة ... انتظرونا.