رئيس التحرير أحمد متولي
 عباس العقاد الذي لا يعرفه أحد.. أحب ممثلة وتزوج خادمته سراً وارتبط بكلبه

عباس العقاد الذي لا يعرفه أحد.. أحب ممثلة وتزوج خادمته سراً وارتبط بكلبه

لم يكن الكاتب الراحل عباس محمود العقاد (1889 – 1964) صارماً يعيش حياة خشنة كما ظهر من كتاباته، وإنما كان مثل كثيرين له حياته غير المرئية والمليئة بالتفاصيل التي تشير إلى امتلائه بالأحاسيس والعواطف الحقيقية. في كتابه «عباقرة ومجانين» كشف رجاء النقاش الجانب الآخر من حياة «العقاد».

كان «العقاد» يبدو للناس شخصاً صارماً حازماً جاداً، لا يعرف الابتسام أو المرح، وكان في نظر الكثيرين رجلاً من رجال العقل الذين لا يعرفون العواطف الحقيقية. فقد عاش حتى سن الـ75 دون أن يتزوج، وقضى حياته الطويلة وعمره الممتد وحيداً في بيته الذي تحول إلى مكتبة كبيرة، يعيش فيها دون أن يشاركه في ذلك أحد.

حياة خشنة

كان «العقاد» يبدو للناس شخصاً صارماً حازماً جاداً، لا يعرف الابتسام أو المرح، وكان في نظر الكثيرين رجلاً من رجال العقل الذين لا يعرفون العواطف الحقيقية. فقد عاش حتى سن الـ75 دون أن يتزوج، وقضى حياته الطويلة وعمره الممتد وحيداً في بيته الذي تحول إلى مكتبة كبيرة، يعيش فيها دون أن يشاركه في ذلك أحد.

وقد ساعد على انتشار هذه الفكرة عن شخصية «العقاد» أن أسلوبه في الكتابة من الأساليب الصعبة، ولم يكن من تلك الأساليب السهلة اليسيرة التي لا يجد القارئ صعوبة في فهمها والاقتراب منها والتعاطف معها، مثل أسلوب إبراهيم عبد القادر المازني، وتوفيق الحكيم، واللذان كانا يعتمدان على على الجملة السريعة، ويختاران الكلمات البسيطة، ويكتبان كأنهما يتحدثان في جلسة عائلية حميمة لا تكّلف فيها، إضافة إلى أنهما كانا يتمتعان بخفة الظل والميل إلى السخرية، ما كان يعطي لكتابتهما قدرة على التأثير ويحقق لهما سهولة الوصول إلى القلوب والعقول.

ولكن «العقاد» كان مختلفاً. كان في كتابته صارماً دقيقاً يعتمد على تحكيم عقله وثقافته الواسعة، وقليلاً ما كانت الابتسامة تتسلل إلى مقالاته أو كتبه، مما ساعد في رسم صورته على أنه إنسان متجهم يعيش حياة شبه عسكرية، حتى يتمكن من تقديم إنتاجه الغزير والمليء بالعلم والثقافة والقدرة على التحليل.

المازني

علاقة حب

لكن هذه الصورة الخشنة لـ«العقاد» لم تكن حقيقية، فقد كانت له صورة أخرى كامنة فيه، حاول أن يخفيها كثيراً، ولكنها كانت تظهر بين الحين والحين في كتاباته وتصرفاته وطريقة حياته.

من بين مفردات حياته الكامنة علاقة حب عاشها «العقاد» عندما كان في الأربعينيات. وقع في غرام ممثلة معروفة، وذلك قبل أن تصبح ممثلة، وقبل أن يعرفها الناس. وقد تعذب «العقاد» في هذا الحب عذاباً شديداً، لأن فارق السن بينه وحبيبته كان كبيراً.

ولم تقتنع الفتاة بمجد «العقاد» وشهرته، فقد كانت مليئة بالحيوية والشباب والفتنة والجمال، وكانت تريد أن تنطلق إلى عالم الفن وتعيش في قلب الحياة الصاخبة، وقد نجحت في تحقيق طموحها الفني، وأصبحت من أشهر الممثلات.

العقاد وهو شاب

الخادمة وابنتها

وهذه القصة ليست الوحيدة في حياة «العقاد» والتي تثبت قوة عواطفه واندفاعه في عالم الحب والجمال والعواطف الإنسانية إلى مدى بعيد.

فهناك قصص أخرى متعددة أهمها ما أشيع من أن «العقاد» تزوج سراً من سيدة كانت تخدمه وأنجب منها فتاة اسمها «بدرية»، وهي نفسها الفتاة التي انتحرت عندما سمعت بموت «العقاد» في مارس 1964، فذهبت إلى بيته وأخذت تصرخ قائلة: «بابا.. بابا»، فردعها بعض أقارب «العقاد» وطردوها من منزله فعزت عليها نفسها وآثرت الانتحار.

ووفق الكاتب رجاء النقاش، فإن علاقة الفتاة «بدرية» بـ«العقاد» والقول بأنها ابنته أمر يحتاج إلى برهان دقيق، وإن كانت قصة انتحار الفتاة يوم وفاة «العقاد» هي قصة حقيقية ثابتة.

الكلب بيجو

على أن أكثر ما دل على رقة طباع «العقاد»، وعمق إنسانيته وإحساسه الكبير بعاطفة الرحمة، هي قصته مع كلبه «بيجو» الذي كان يربيه في بيته ويحبه أشد الحب، وكان يجد فيه أنيساً له في وحدته، وكائناً يملأ عليه حياته الفكرية المنعزلة بالحركة والنشاط والحيوية.

وقد كتب «العقاد» عن هذا الكلب مقالاً مليئاً بالدراسة والتحليل، واستنتج من علاقته الحميمة به أفكاراً كثيرة، وأنهى مقاله عنه بتقديم التقدير «للأستاذ بيحو» و«الصديق بيجو» و«الزائر الكريم بيجو»، ما يكشف عن تعلقه الشديد بهذا الكلب، وعن عاطفة مليئة بالرحمة والحنان ولين الجانب وسرعة التأثر، على عكس ما يبدو للناس من صرامة وتجهم.

وقد وصف «العقاد» وفاء كلبه ثم مرضه وموته وصفاً مؤثراً إلى أبعد الحدود في مقال آخر له نشر في مجلة «الرسالة» سنة 1938، حتى أنه يقول إنه «لزم كلبه في مرضه مخافة عليه - أي على الكلب – من مشقة السفر»، ما يؤكد الجانب الإنساني الكبير في شخصية «العقاد».

وبعد موت «بيحو» كتب «العقاد» قصيدة رثاء لكلبه العزيز، ما يؤكد أن عاطفته تجاه هذا الكلب كانت عميقة، وأنه حزن على عليه حزناً كبيراً حيث يصور نوع اللوع على فراق صديقه الأليف، وكيف أنه كان يستغني به عن التماس الأمان والصدق في الناس، وكان يجد فيه مؤنساً لوحدته التي فرضها على نفسه ليقرأ ويكتب ويفكر ويتأمل.

المصدر

  • كتاب «عباقرة ومجانين». رجاء النقاش.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية