رئيس التحرير أحمد متولي
 البقاء للأقوى.. أفلام تستعرض صراع الإنسان والطبيعة، فمن ينتصر؟

البقاء للأقوى.. أفلام تستعرض صراع الإنسان والطبيعة، فمن ينتصر؟

تحاكي السينما خيال المؤلف الجامح وأحيانًا واقع الحياة الأكثر غرابة من الخيال، وتبقى وحدها قادرة على نقل االصورة حية، هذا العدد المحدد من الدقائق قادر على أن يأخذك إلى عالم آخر هناك في أقصى البقاع حيث الحياة وحيدًا وسط الغابات أو تحت الأرض في مواجهة الظلام، وأحيانًًا على متن قارب وسط أمواج المحيط.

ينتهي صراع الطبيعة والإنسان في النهاية لصالح الأقوى والأقدر بالحياة.. صراع أزلي نقله مبدعي السينما على مر العصور. نستعرض في السطور القادمة بعض الأفلام التي عرضت صراع البقاء، وتناولت قصصًا بعضها حقيقي والآخر من  خيال المؤلف.

the 33

محاكاة الواقع بصورة تنقل القصة الحقيقية بلمحة إنسانية قريبة إلى القلب، كان وسيلة المخرجة باترشيا ريجن التي جسدت قصة 33 عامل من عمال مناجم الذهب، ظلوا محبوسين لمسافة 700 متر تحت الأرض في صحراء أكاما بتشيلي لمدة 96 يومًأ، حدث كبير تناقلته وسائل الإعلام حول العالم لمتابعة عملية البحث وإنقاذ العمال.

استاطاعت باتريشا تجسيد القصة ونقل معاناة عمال المناجم بشكل عام، وجاءت اللقطات الأولى تستعرض الحياة الاجتماعية لهؤلاء العمال الذين يعملون في بيئة صلبة وصعبة يطوعوها لتمرير الأيام التي حملت لهم مزيد من الإثارة ودفعتهم إلى مواجهة الموت البطيء، والغوص في داخل النفس البشرية في معركة بين الفطرة البشرية والحاجة في محاولة للتمسك بالحياة.

مشاعر إنسانية واجهت هؤلاء العمال الذين دفعوا ضريبة إهمال مالك المنجم الذي تغاضى عن التحذيرات بتهالك المنجم واحتمالية انهياره، وحدهم داخل المنجم المتهالك يواجهون اليأس في عتمة ظنوا أنها لآخر المدى، الصراعات بين الخير والشر عرضها بسلاسة سيناريو جوسي ريفيرا، الذي غزل الواقع مع الخيال الجامح لكاتب القصة هيكتور توبار الذي قام بعمل مقابلات مع الناجين ليحكي تجربتهم ويوثقها للتاريخ.

لقطات وثائقية لعمليات البحث وصور للعمال وتغطيات وسائل الإعلام استعانت بهم المخرجة لتوثق القصة التي جسدها أبطال الفيلم بواقعية شديدة، تزعمهم الممثل الأسباني بانديرايس رئيس العمال وقائدهم الحكيم، دراما متلاحقة دون كلل يتخللها الكثير من المشاعر المتناقضة بين جنبات الحياة التي تلوح للأبطال معلنة نهاية محتومة، نجح صناع العمل في وصولها لقلب المشاهد ومسامع كل صاحب مسؤولية متخاذل في حق رعيته.

127 hours

فيلم آخر ينقل تجربة حقيقية عاشها متسلق الجبال آرون رالستون الذي ظل عالقًا لمدة خمسة أيام بين جبلين، 127 ساعة من مواجهة الموت في كل لحظة نجح في نقلها المخرج داني بويل الذي برع في حكي سيرة ذاتية بفعل البطل الأوحد دون الشعور بالملل أو فقد الإثارة أثناء مشاهدة الفيلم.

في قلب الطبيعة وبينما يمارس البطل هوايته الخطيرة في تسلق الجبال والاستمتاع باكتشاف ذلك الوتد الذي يحمل بين ثناياه مظاهر الحياة، في غفلة يسقط ذلك المغامر والذي جسد دوره الممثل جيمس فرانكو بين جبلين ويهاجمه حجر يضغط على يده ويتركه معلق في نقطة صغيرة من العالم بعيدًا عن الأعين وحيدًا يواجه الساعات التي لا تنتهي ، يحاول تمريرها بمهارات البقاء التي درسها قبل البدء في رحلاته ولكنها تأبى أن تمر.

ألم شديد يشعر به ويده بين الأحجار وجسده معلق، يغفو ويفيق على الذكريات التي تهاجمه فهي الصورة المتحركة الوحيدة في تلك اللقطة الثابتة، تلك الحالة التي تغلب عليها مخرج العمل عن طريق الصورة البديعة وزوايا اللقطات التي أظهرت مدى الوحدة واليأس الذي يعيشه بطل الفيلم الذي نجا بعدم صراع طويل مع البقاء.

Life of pi

تخيل لو كنت وحيدًا في المحيط؟ تخيل لو كنت في المحيط بصحبة ضبع وحمار وحشي ونمر؟، قد يعجز فكرك عن تخيل ذلك السؤال الثاني، وهو ما برع في تخيلة ديفيد ماجي ونقله في صورة حية عبر شاشة السينما في واحد من أروع الأفلام التي عرضت رحلة القتال من أجل البقاء.

طفل هندي نجل حارس حديقة حيوان، والذي قرر والده الانتقال برفقة الحيوانات إلى كندا، وأثناء السفر عبر المحيط الهادي تغرق السفينة ويهلك كل من عليها ماعدا الطفل وضبع وحمار وحشي وقرد ونمر، وفي صراع حول البقاء للأقوى أم للأصلح يحاول «باي» برفقة حيواناته التأقلم مع الحياة عبر الأمواح المرتطمة للتمسك بالحياة.

يأكل الضبع الحمار الوحشى والقرد، فيقتل النمر الضبع، فيتبقى «باي» في مواجهة النمر على متن قارب صغير، مغامرة شيقة يتخللها الكثير من الإثارة في محاولة للتعايش، فيتحول ذلك الصراع الكائن بين القوة والحكمة، إلى صداقة بين الناجيين، ولكنها تنتهي بمجرد الوصول إلى بر الأمان حيث يختفي النمر وسط الغابة موطنه الذي رحل منه رغمًا عنه.

تكوين الصورة بين مياة المحيط التي تلاقى السماء، والشمس التي تجدد آمال «باي» ورفيقه في الحياة مع سلاسة الأداء وإثارة المغامرة جعل الفيلم يستحق عن جدارة أربعة جوائز في مسابقة الأوسكار.

Cast away

فيلم كلف القائمين عليه معايشة الواقع واختبار الحياة فاختاروا الانعزال على جزيرة بمفردهم لمساعدتهم في نقل صورة حية تضفى على الفيلم الصدق، ساعدت تلك التجربة تكوين شخصية تشاك نولاند بطل العمل الذي يجسد دوره الفنان توم هانكس صاحب الأدوار الصعبة والملهمة.

قصة حب ستكلل بالزواج السعيد هكذا بدأ الفيلم بعرض الملمح الرئيسي في حياة تشاك الذي يستعد للزواج من حبيبته كيلي في أعياد الكريسماس، ولكن مهمة عمل طارئة تؤجل تلك الخطة فذهب في رحلة قصيرة إلى ماليزيا لإنهاء المهام المحددة منه، ووعد رفيقته ألا يطيل الغياب.

رياح طارئة تعصف بحياة هانكس، فتسقط الطائرة بعد أن تعرضت لعطل بسبب العواصف على جزيرة استوائية مهجورة، فيفيق البطل ليجد نفسه وحيد على تلك الرقعة المعزولة عن العالم، واقع مرير يعيش فيه البطل لسنوات ما بين اليأس والأمل يكيف بيئته للحياة دون انتظار للقادم.

All is lost

تدور أحداث الفيلم حول ريدفورد الذي خرج في رحلة منفردًا بالمحيط الهندي، غلبه التعب ونام لوقت قصير وأثناء استيقاظه يجد يخته مثقوبًا وتتدفق مياه المحيط من خلاله بعد اصطدامه بحاوية شحن عائمة، مشهد مؤثر تتوقف عنده الحياة نقله مخرج العمل جي سي شاندور بيسر.

تتوالي الصدمات فيحاول البطل الصمود أمام عاصفة قوية تهب عليه بعد محاولة إصلاح يخته، إلا أنه يفشل في الصمود كثيرًا خاصة بعد فقده لمعدات الملاحة والاتصال، حينها يضطر إلى المصارعة من أجل البقاء بعد صنعه لقارب يحمله إلى ممر ملاحي يجد فيه خلاصه، لكنه يجد نفسه بعد كل هذا محاطًا بالعديد من أسماك القرش

.

يعرض فريق العمل صورة الأمل في جسد روبرت ريدفورد، الوحيد بين الأمواج في ظلام الليل الدامس إلا أنه يتمسك بالحياة ويصارعها حتى النجاة في لقطات حية وبديعة تم تصويرها في ثلاث مواقع مختلفة المكسيك، الولايات المتحدة الأمريكية، وجزر البهاما.

   

 

 

 

 

 

ندى سامي

ندى سامي

صحفية مهتمة بشؤون المرأة والمجتمع