رئيس التحرير أحمد متولي
 كيف تتعامل مع الشخص المتصنع أو المُبالغ فيه؟

كيف تتعامل مع الشخص المتصنع أو المُبالغ فيه؟

كان «وائل» يبالغ في تصرفاته دائمًا مع أصدقائه بمجرد أن يُتاح له الكلام خاصة حين يتعلق الأمر بالخبرات الحياتية أو الثقافة العامة.

أما فيما يتعلق بعمله، فقد قال ذات مرة لصديقه أن مستواه العملي لم يصل إليه أحد على هذا الكوكب! ولهذا فقد تجنبه الصديق الذي حكى لنا القصة وتساءل عن التعامل مع طريقة «وائل» المبالغ فيها.

«وائل» وهو اسم مستعار، مُصاب بالتصنع أو الاستعراض، وهو أحد أعراض الاضطرابات النفسية، كما يشرح أساتذة الطب النفسي في هذا التقرير من «شبابيك».

يبالغ لإخفاء عيوبه

قد يبالغ الشخص في أمجاده ليخفي عيوبه وتقصيره

استشاري الطب النفسي جمال فرويز يشير إلى أن المبالغة في القول والفعل في أي شيء قد تكون لنفي تهمة عن صاحبها، فهو يبالغ في الكلام كي يثبت عكس حقيقته للآخرين ويبرأ نفسه أمامهم.

وفي هذا الجانب يُحكى أن أحد الأزواج دخل على زوجته فوجدها تبكي، وحين سألها عن السبب قالت إن الشجرة أمام النافذة تحزنها، لأن العصافير تقف عليها وتراها في غرفتها دون أن تكون محتشمة!

قرر الزوج أن يقطع الشجرة إرضاءً لزوجته العفيفة وفعل هذا، لكنه بعد أسبوع واحد دخل على زوجته الغرفة فجأة فوجدها في أحضان عشيقها، ولم يشعر بنفسه إلا وقد هرب من المدينة كلها.

عاش الزوج في مدينة أخرى حدثت فيها جريمة قتل، وفي مسرح الجريمة كان أحد الفراشين يكنس الأرض بحرص شديد، فسأله الزوج عن السبب، فرد الفراش بأنه يخشى أن يقتل النمل المسكين أثناء الكنس، عندها أبلغ الزوج عن الفراش فاتضح أنه القاتل! وعندها أدرك أن زوجته كانت تتصنع فقط كي تنفي التهمة عن نفسها.

حب النفس الشديد

المدح الشديد للذات يأتي بسبب النرجسية

يشير أخصائي الطب النفسي سامح حجاج إلى الشخصية النرجسية التي تعشق نفسها بشكل مفرط، تسعى إلى تمجيد صاحبها بكل شكل، ولهذا يتكلم النرجسي بطريقة استعراضية ومبالغ فيها عن إنجازاته.

كلمة «نرجسية» تعود في الأصل إلى أسطورة «نركسوس» الذي شاهد صورته في الماء فظل ينظر لنفسه في هيام كامل حتى مات، والشخص النرجسي في الواقع لا يرى إلا أمجاده الشخصية ويسارع إلى إظهارها في كل مناسبة.

هيستريا صريحة

الشخصية الهستيرية تسعى لجذب الانتباه بكل شكل

الاستعراض والتصنع يصدر في الأغلب عن الشخصية الهستيرية وفق «فرويز»، فهي تسعى لإثارة الانتباه بتصرفات هيستيرية مبالغ فيها، كي يحظى بالاهتمام الذي يفتقده أو يعوض النقص الذي يشعر به.

ستجد هذا الشخص يفعل أي شيء كي يلفت نظرك حتى لو ادعى المرض، والهستيريا درجات في شدتها عند كل مصاب بها، ففي بعض الحالات قد يمرض الشخص الهستيري إذا خسر النادي الذي يشجعه مثلاً، ويحتاج إلى التدخل الطبي لعلاجه.

كيف تتعامل مع الشخص التصنع؟

يرى «حجاج» أن الشخص المتصنع قد لا يدرك حقيقة ما يفعله أصلاً، ومهما يخبره الناس بالأمر لن يصدق إلا في لحظة نضج معينة قد تأتي أو لا تأتي.

«فيس بوك» مجال خصب للمتصنعين، حسب رأي «حجاج»، فهو قائم في أغلبه على التصنع و«الفرقعة» في الصور والتعليقات وحتى الصفحات المملوكة لمؤسسات تؤدي خدمات للمجتمع.

يوصي أخصائي الطب النفسي بهذه الإرشادات للتعامل مع المتصنعين:

التجاهل خير سياسة
تجاهلهم بذوق قدر الإمكان 

المتصنع أيًا كان سبب تصنعه سيزداد في تصرفاته إذا وجد الاهتمام الزائد ممن حوله، فهو ينتعش ويبالغ أكثر حتى يخفي التهمة أو يجذب الانتباه أو يشعر بأهمية نفسه، لذا فالتجاهل بلباقة خير سياسة بقدر المستطاع فعندها قد يفهم مشكلته.

إياك والمجادلة
لا تجادل المتصنعين حتى على وسائل التواصل الاجتماعي

إذا كان تجاهل المتصنع مطلوبا، فمن باب أولى ألا تجادله بخصوص أقواله وأفعاله كي تثبت خطأه ومبالغته، لا تناقشه وإلا سيشعر نحوك بالعداء ويظن أنك تحط من قدره الرفيع.

تنبيه الناس إليه
لا تهتم بالمتصنعين وكن هادئًا

يمكنك أن تحذّر المقربين على الأقل من التعامل مع هذا الشخص كي يعرف مشكلته، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، يجب أن تختفي ثقافة الاهتمام بالمتصنعين و«الفرقعة» الفارغة حتى تقل «الأفورة» في حياتنا.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة