منها «تتجوزيني يا بسكوتة؟».. حكايات من مسرح فؤاد المهندس

منها «تتجوزيني يا بسكوتة؟».. حكايات من مسرح فؤاد المهندس

حكايات عديدة عاشها الفنان المحبوب فؤاد المهندس فوق خشبة المسرح وبداخل كواليسه، غلب على معظمها الطابع الكوميدي وكانت العصبية حاضرة في بعضها.

في ذكرى وفاته  نسترجع أكثر من حكاية عاشها الأستاذ بالمسرح وأجوائه.

خروج عن النص

2015_6_24_16_10_17_484

«تتجوزيني يا بسكوتة؟!».. كانت هذه المرة الوحيدة التي خرج فيها الأستاذ فؤاد المهندس عن النص برغبته، وهو الشهير بصرامته تجاه هذا الأمر؛ حيث كان شديد الالتزام بالنص المسرحي ولا يحبذ الخروج عنه أبدا. ولكن أمام محبوبته «شويكار»، خالف جميع قوانينه، وهمس لها بتلك الجملة الصغيرة وقت أدائهما لمسرحية أنا وهو وهي، لترد هي: يا بايخ.. أخيرا قلتها. ويصبح المسرح أول شاهد على قصة حبهما الشهيرة.

rt

ولما عرف عن المهندس من تمتعه بذكاء شديد، كان يبدي إعجابه بالكلمة أو التصرف الخارج عن النص، بالرغم من ندرة حدوث ذلك، لأنه لا يحبذ الخروج عن النص المسرحي أبدا؛ بل وكان سريع البديهة ليرد فورا..

فعندما فاجأته سناء يونس أثناء التسجيل التليفزيوني لمسرحية سك على بناتك بجملتها للفنان محمد أبو الحسن: ماله فؤاد المهندس؟ برقبتك، لاحقها بجملته: على يدي، ليطلق الجمهور ضحكات متعددة.

كما أنه ظل يصفق ضاحكا لجملة أبو الحسن في المسرحية ذاتها، حين وقع حذائه تحت خشبة المسرح بعد أن تلقى ضربة من الفنان زكريا موافي؛ حيث قال أبو الحسن: شايف قد إيه وبيعمل عقله بالجزمة برضه؟!

مش وقته يا أستاذ مفيد

ولأنه يقدس المسرح، انفعل المهندس على المذيع مفيد فوزي إحدى المرات قبل لحظة دخوله على خشبة المسرح لتقديم عرض من عروض مسرحية هالة حبيبتي، وذلك لأنه كان يستعد بكامل وجدانه، مستجمعا جميع قواه لتأدية الدور، ثم فاجأه فوزي بسؤال عن شعوره وقت دخول المسرح، ليرد بعصبية: مش وقته يا أستاذ مفيد، ثم يعتذر له لاحقا، مؤكدا له أن لم يوفق في اختيار الوقت الصحيح لمحاورته لأن تلك اللحظة بينه وبين ربنا والمسرح فقط.

النكسة

حزن يخيم على الجميع وأحلام تنهار وإحباطات تملأ النفوس.. كان ذلك هو شعور جميع المصريين عقب نكسة 1967، وظل يرافقهم لعدة سنوات، ما ملأ قلوب المهندس وشويكار بألم الهزيمة والانكسار وقت تقديمهما لعروض مسرحية «سيدتي الجميلة »، محاولين إسعاد الجمهور.

وليشجعهما على استمرار عرض المسرحية، طلب منهما الرئيس جمال عبد الناصر أن يستمرا في تقديم عروضها لأن الناس في أشد الحاجة لوجود ما يسعدهم ويخفف عنهم، ورأى أن ذلك هو دور الفن وقتها.

طلق الولادة

فوق خشبة المسرح المقدس لديه، ووسط اندماجه في الأداء أمام صديقه الموهوب دائما عبد المنعم مدبولي، فوجئ كلا من المهندس ومدبولي بصوت مدوي يتسرب وسط ضحكات الجمهور، ليكتشفا الصديقان سريعاً أن الصوت يعود لامرأة دفعتها كثرة الضحك إلى اندفاع طلق الولادة فجأة، ما اضطرهما إلى توقيف العرض على الفور ليتمكنا من إدخالها بإحدى غرف المسرح، ويحضرا لها الطبيب سريعا، فتستقبل الدنيا مولودا جديدا تصر والدته على تسميته «مدبولي»، بسبب شدة حبها للفنان «مدبولي» ذو الوجه البشوش.

erwter

جلطة

وكان المهندس قد أصيب بجلطة في القلب وقت تقديمه لعروض مسرحية «إنها حقا عائلة محترمة» عام 1979، ونصحه الأطباء بالتوقف عن تقديم العروض، ولكنه رفض ذلك بشدة وأصر مؤكدا أن المسرح هو حياته، وبالفعل استمر المهندس في تقديم عروض المسرحية وسط قلق الأطباء على صحته، والغريب أنهم أكدوا أنه شفي منها بعد أن قام بالتمثيل فوق خشبة المسرح.

سك على بناتك

«6 كيلو سمك وجمبري والحاج عبد الموجود موجود.. ده الكوبري اللي في وسطيكوا».. «ليه.. ماتتجوزهوش ليه؟».. «اتدخل يا حنفي».. شكلت تلك الجمل الذي أداها فؤاد المهندس بطريقته المضحكة كعادته فواصلا بين لحظات ضربه لـ«فوزية»، والتي جسدتها الفنانة سناء يونس، ليصبح ذلك المشهد لاحقا من أشهر مشاهد مسرحيته الخالدة سك على بناتك.

بتضرب بنتي كل يوم

وبالرغم من قهقهات الضحك المتتابعة التي أطلقها الجمهور المشاهد للمسرحية أثناء أداء الأستاذ وسناء، أثار المشهد شيئا من الحزن والألم بداخل نفس والدتها، لتذهب إلى المهندس وتشتكي له منه: انت بتضرب بنتي كل يوم يا أستاذ.. حرام، ويرد عليها: يا هانم.. المشهد عايز كده واطمني بنتك أروبة.

fouad-400x400

وكانت «سناء» تقوم بلف وسطها بمجموعة من الأقمشة أثناء تمثيلها لذلك المشهد حتى تخفف من شعورها بالألم، كما كانت العصا مفرغة من الداخل؛ ما زاد من تخفيف إحساسها بالألم.

المهندس وراتب

وأثناء تقديم عروض المسرحية ذاتها فوق خشبة مسرح الزمالك، كان المهندس يقوم بتوصيل أحمد راتب بسيارته «البيجو» النبيتي يوميا بعد انتهاء العروض ليلا لأنه كان يعرف أن أحمد راتب، الشاب الذي ساعده ليصبح مشهورا وأقنعه بأداء شخصية «سامح» بالمسرحية، يسكن في منطقة الصحفيين.

ويؤكد راتب في حوار له في إحدى حلقات برنامج «بوضوح» من تقديم عمرو الليثي، أن المهندس لم يشعره يوما بأنه يتفضل عليه، بل كان يقول له إنه يحب القيادة في الشوارع عقب انتهائه من أداء العروض المسرحية ليتخلص من جميع الانفعالات التي جسدها فوق خشبة المسرح ويذهب إلى منزله وهو يشعر بالهدوء النفسي.

إلا المسرح

وفي أحد أيام عرض واحدة من مسرحياته، وصل الفنان المنتصر بالله متأخرا بعد أن كانت المسرحية بدأت منذ فترة، وبعد انتهاء العرض، قال له المهندس، والذي كان يحبه كثيرا وساعده ليصبح ممثلا معروفا: «اعمل أي حاجة في الدنيا إلا إنك تتأخر عن عرض المسرحية.. إلا المسرح.. اوعى ده يتكرر تاني في حياتك».

فؤاد المهندس فنان كوميدي مصري لقب بـ«الأستاذ» بسبب عشقه للمسرح وحرصه على تطويره ومساعدته لأكثر من فنان صاعد على التمثيل فوق خشبته ليصبح نجما مشهورا لاحقا، منهم عادل إمام وشريهان وسناء يونس وأحمد راتب ومحمد أبو الحسن.

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.