بـ«التعليم المرح» اليابان في الصدارة .. طب إزاي؟
اليابان دولة متألقة ننظر إليها بكثير من الانبهار كأنها جزء من عالم آخر، لكن سرها هو أنها تعلمت الدرس جيدا بعد أن دمرتها الحروب؛ ولم تجد لها حلا سوى في «التعليم».
في اليابان أفضل نظام تعليمي على مستوى العالم، لا تنافسها في هذه المكانة غير كوريا الجنوبية.
الطالب الياباني يذهب للمدرسة في العطلة الصيفية بإرادته الكاملة، والمعلم يزور الأطفال في منازلهم للاطمئنان عليهم وعلى تحصيلهم الدراسي.
أما عن التعليم العالي، فنادرا ما تجد طالبا يابانيا قد التحق بكلية لا يحبها. كيف حدث كل ذلك؟ وكيف أحدثت اليابان طفرة في نظام التعليم؟ هذا ما ستعرفه في السطور القادمة.
تقديس المعلم في اليابان
وظيفة المعلم يتهافت عليها الشباب في اليابان. فالمعلم ليس موظفا عاديا. المعلمون ينظمون حلقات لمناقشة أحدث الأبحاث والتطورات في العملية التعليمية كل ثلاثة أشهر.
ويحظى المعلم الياباني بمكانة اجتماعية مرموقة، بالإضافة إلى المرتبات المغرية. فإذا كان الطفل هو مستقبل اليابان القادم، فالمعلم هو ذلك الشخص المؤتمن على صناعة هذا المستقبل.
يغرس الأبوان في طفلهما احترام المعلم الياباني إلى درجة التقديس، حتى إن الطلاب ينحنون للمعلم عند دخوله الفصل، ويغسلون أرجل معلميهم في حفلات تخرجهم عرفانًا بالجميل.
ورغم ذلك لا يبدو المعلم الياباني شخصا متغطرسا، فمن ضمن واجباته المدرسية أن يشارك تنظيف الفصول ودورات المياه. بل وغسل أقدام تلاميذه أيضا لكسر الكبرياء.
التعليم المرِح في اليابان
نظام التعليم الياباني من أكثر نظم التعليم مرحا بين الدول المتقدمة، فالمناهج تتبع فلسفة التعليم المريح، الذي يجذب الطالب ويحببه في التعليم، حتى إن الطالب الياباني يذهب إلى المدرسة خلال عطلته الصيفية، إذ تعتبر مكانا لممارسة أنشطته وهواياته.
والمنهج التعليمي قائم على أساس تعريض الطفل للتجارب العملية المختلفة، كأن يتدرب الأطفال على مهنة الطب بالتعامل مع دمية تماثل البشر، أو على تقديم نشرة تليفزيونية أو التصوير الفوتوغرافي.
في المدرسة لا وجود لموظفين لإعداد الوجبات المدرسية أو تنظيف دورات المياه، بل يتعاون الأطفال للقيام بهذه الأعمال.
وما إن يبلغ الطالب الياباني المرحلة الإعدادية، حتى تصبح المناقشات الحرة جزءًا أساسيا من الدراسة، والهدف منها هو تدريب الطالب على التفكير والنقاش، والنقد البناء، وترتبط هذه النقاشات كثيرا بالواقع والقضايا المطروحة.
دعم المتعثرين
يصنف الطالب الياباني على أنه الأذكى بين طلاب الدول المتقدمة. كما أن معدل ذكاء طفل عمره 12 عاما، يعادل ذكاء طفل أوروبي عمره 15 عاما. ومع ذلك لا تعتبر اليابان أن الذكاء شيئا تفضيليا يدل على النجاح؛ فالجد والاجتهاد هو المفتاح الأهم إلى النجاح.
الطالب المتمرد على التعليم سيجد الكثير من الدعم في المدرسة؛ فنظام التعليم كفيل بأن يعيده إلى الطريق السليم. فبدلا من توبيخه، يبدأ المعلمون في الحديث معه وإشعاره بقيمته؛ يقولون له أن مستقبل اليابان بين يديه، ولذلك فإنه إذا فشل ستفشل اليابان.
والمدرس الياباني لا تقف مهمته عند حدود ساعات العمل، بل تتعداها إلى متابعة التلاميذ في حياتهم اليومية، وزيارتهم في المنازل والحديث مع آبائهم والاطمئنان على تحصيلهم الدراسي في المنزل، وتقييم مستواهم.
صرامة التعليم
غير أن كل هذا المرح والبيئة التعليمية الصديقة، تصب في نظام امتحانات شديد المنافسة، فالطلاب الياباني لا ينتقل إلى المرحلة الثانوية بمجرد انتهاء الصف، بل يدخل امتحان يحدد إذا كان مؤهلا لتلك المرحلة أم لا، وكذلك في الجامعة.
وعلى صرامة هذا التعليم، فإنه يراعي الطالب أيضا؛ فنادرا ما تجد طالبا يابانيا يلتحق بكلية لا يحبها؛ فإذا لم يحقق النتيجة المرجوة في الامتحان، فلديه الفرصة كي يدخل عامين تمهيديين للكلية التي يحلم بها. ومع كل هذا قد تمثل الامتحانات ضغطا وتوترا شديدا للطلاب، قد تؤدي ببعضهم إلى الانتحار إذا لم يلتحق بالكلية التي يريدها.
الطالب الياباني لا يحصل إلا على خمسة أسابيع كأجازة صيفية ويتخللها بعض الأنشطة. أما عن ساعات اليوم الدراسي فهي ثماني ساعات، من الثامنة صباحا حتى الرابعة عصرا، يتخللها يومان إجازة في الأسبوع.