عقد اتحادات الطلاب ينفرط.. من المتسبب؟ «الأزمة وتبعاتها»
تتصاعد يوما بعد الآخر أزمات الاتحادات الطلابية المنتخبة مع الجامعات ووزارة التعليم العالي، ما دفع 16 جامعة للمطالبة بعقد جمعية عمومية للتصعيد ضد ما وصفوه بـ«تعنت الدولة ضد الطلاب»، إلى جانب استقالة ممثلي العديد من الكليات.
الأزمات المتصاعدة أثارت جدلا وفرضت العديد من التساؤلات، هل تسعى الدولة لإفشال تجربة الاتحاد التي ولدت بعد توقف دام ثلاثة أعوام؟ وإن كانت وزارة التعليم العالي تؤكد دوما على حسن نيتها، فهل تأخر نتيجة اتحاد طلاب مصر حتى منتصف الترم الثاني يأتي مصادفة؟ ولماذا لم يتمكن طلاب الاتحاد من ممارسة أنشطتهم؟ وهل يملك طلاب الاتحاد الخبرة الكافية لإدارة الملف؟
استقالات وتحقيقات
تعاقبت الاستقالات الجماعية لمجالس اتحادات الكليات، بعد اكتمال تشكيلها بوقت قصير، كما أحالت بعض إدارات الكليات أعضاء الاتحاد للتحقيق.
أصدر اتحاد طلاب كلية طب الفم والأسنان، بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بيانًا أعلن فيه تقديم استقالة جماعية لكافة أعضائه، بسبب إهانة رئيس الاتحاد أحمد حسني زيدان، وتهميش دور الاتحاد الأساسي في الأنشطة الطلابية.
وفي جامعة بني سويف أعلن اتحاد طلاب كلية الحاسبات والمعلومات، الأسبوع الماضي، تقديم استقالته، بسبب ما وصفه بتعنت الإدارة في المساعدة لخدمة الطلاب وعدم تعاون أعضاء هيئة التدريس لإقامة أي مؤتمرات أو أنشطة طلابية، وعدم تقدير المال المطلوب لدعم الأنشطة.
جامعة دمياط تلمّح
رئيس اتحاد جامعة دمياط، أسامة الألفي، قال إنه يعاني منذ توليهم من تعقيد الإجراءات التي تساعد مجلس الاتحاد على تنظيم الأنشطة الطلابية، وصرف الميزانية المخصصة لهم.
وأوضح أنه في حال التقدم بطلب لصرف ميزانية لإقامة إحدى الأنشطة، يتطلب ذلك موافقة وزارة المالية، الأمر الذي يؤخر إقامة الأنشطة.
عضو بمجلس اتحاد الجامعة كشف عن توجه لدى أعضاء الاتحاد بالاستقالة الجماعية، وذلك بسبب تربص عدد من أعضاء هيئة التدريس بهم موضحا: «في ناس جايبة تقديرات السنوات اللي فاتت والدكاترة شيلتهم مواد، ولما استفسروا عن ده قالولهم مش انتوا بتوع الاتحاد اللي شاغلين نفسكم بالأنشطة؟ في إشارة منهم أن يتحملوا تبعات مشاركتهم في الاتحاد».
جامعة قناة السويس هي الأخرى تعاني من مشكلة ميزانية الاتحاد، كما يقول رئيسها الطالب محمود عهدي، وهو ما يعطل كثير من الأنشطة.
مراقبة اتحاد المنوفية
كما أحالت كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة المنوفية، رئيس اتحاد الطلاب ونائبه للتحقيق الخميس، بسبب «آرائهم على موقع التواصل الاجتماعي».
رئيس الاتحاد أحمد محمد، قال لـ«شبابيك» إن خلافه مع إدارة رعاية الطلاب تسبب في إحالته للتحقيق، كما أن نائبه الطالب عصام أبو قورة أحيل للتحقيق عقب كتابته منشور يخص عمل الاتحاد على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
وعلق رئيس اتحاد طلاب الجامعة، عمرو الشريف، على الواقعة بأن عميد كلية الحاسبات والمعلومات شخص غير مسؤول يستغله موظفي مكتب رعاية الشباب، مشيرا إلى أن التحقيق مع رئيس اتحاد كلية الحاسبات أمر كيدي.
نية الوزارة سيئة
أمين لجنة الأسر باتحاد طلاب مصر، أحمد سمير، اعتبر أن ما تقوم به بعض إدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي من تعنت في الإجراءات ومماطلة في إعلان نتيجة انتخابات اتحاد طلاب مصر تثبت نية وزارة التعليم العالي السيئة تجاه الطلاب، مؤكدا أن إرادة الطلاب وحدها قادرة على انتزاع حقوقهم.
البداية كانت باعتراض عديد من الحركات الطلابية على شروط الترشح لانتخابات اتحاد الطلاب المتوقفة منذ 2013، والتي اعتبروها شروطا مجحفة لحق الطلاب في الترشح، فأعلنت حركات حينها خوض الانتخابات وأخرى قاطعت.
تقدم 22 ألف 626 طالبا وطالبة للترشح وتم استبعاد 1537 منهم لعدم توافر الشروط، وتنازل 252 طالب عن الترشح، ليصبح العدد النهائي للمرشحين 22 ألف و996 طالب.
حركات طلابية اتهمت إدارات رعاية الشباب في الجامعات بتأويل شروط الترشح لاستبعاد طلاب الحركات الثورية.
تدخلات الوزارة
انتهت انتخابات الكليات وتشكيل مجلس اتحادات 23 جامعة مصرية، لتحدد وزارة التعليم العالي يومي 6 و8 ديسمبر الماضي لانتخاب رؤساء لجان اتحاد طلاب مصر ونوابهم، على أن يكون انتخاب الرئيس ونائبه 10 ديسمبر.
مع بداية يوم انتخاب رئيس اتحاد طلاب مصر، قال مصدر من داخل لجنة الاقتراع لـ«شبابيك» إن هناك اتجاها من الوزارة لدعم رئيس اتحاد جامعة عين شمس، محمد القاضي، مؤكدا تهديد قيادات جامعية للطلاب لانتخابه، إلا أن التربيطات الانتخابية لعبت دورا كبيرا في حسم المقعد لمرشح جامعة القاهرة، عبد الله ـنور من الجولة الثالثة.
اشتعال الأزمة
واشتعلت أزمة اتحاد الطلاب مع وزارة التعليم العالي، عقب إعلان اللجنة المشرفة على الانتخابات إلغاء نتيجة فوز رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه، بسبب الطعن المقدم من جامعة الإسكندرية ببطلان إجراء الانتخابات؛ لمشاركة نائب رئيس اتحاد جامعة الزقازيق الفائز بـ«خطأ إجرائي». ومع تصعيد الأزمة بين الطلاب ووزارة التعليم العالي، قرر الوزير إحالة ملف الانتخابات للجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة للنظر في صحة الانتخابات.
وزير التعليم العالي، الدكتور أشرف الشيحي، حاول احتواء الأزمة، وعقد اجتماعا برؤساء اتحادات الكليات ونوابهم، إلا أن الاجتماع زاد من الأزمة ووسع الفجوة بين الدولة والطلاب، بسبب تبريرات «الشيحي» أن الأمر أصبح بيد لجنة الفتوى والتشريع وليس الوزارة.
لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أصدرت قرارها في 17 فبراير بحفظ ملف الدعوى لوجود نزاع قانوني عليها أمام محكمة القضاء الإداري، ما زاد من اشتعال الأزمة من جديد. مصادر قضائية أكدت أن الفصل في قضية اتحاد مصر لن ينته قبل نهاية العام الدراسي.
تعجيز مجالس الاتحادات
اللائحة الطلابية الصادرة عام 2013 ذكرت أن الاتحادات هي التنظيمات الشرعية التي تعبر عن آراء الطلاب وطموحاتهم، والتي ترعى مصالحهم وتقوم على تنظيم كافة الأنشطة الطلابية.
وحددت المادة 318 أن الهدف من وجود الاتحاد هو «العمل على إعداد جيل قادر على تحمل المسؤولية وخدمة الوطن وتيسير ممارسة الطالب للتعبير عن آرائهم بحرية تجاه القضايا المختلفة سياسيا وعلميا وثقافيا».
العديد من رؤساء الاتحادات أكدوا لموقعنا، أن وزارة التعليم العالي تتعمد تفريغ مضمون وجود الاتحادات من المطالبة بحقوق الطلاب ونشر الوعي الثقافي والسياسي، معللين ذلك بأن سبب إلغاء نتيجة الانتخابات هو تصريح عدد من أعضاء مجلس اتحاد طلاب مصر ونائبه بأن «ملف الطلاب المعتقلين ضمن أولوياتهم».
واعتبر رئيس اتحاد جامعة طنطا ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر –غير المعتمد- عمرو الحلو، أن الاتحاد هو الداعم الرئيسي لعموم طلاب مصر والممثل لهم في الجانب السياسي وحل أي مشاكل تواجههم.
مسؤول الملف الطلابي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، محمد ناجي، يرى أن انتخابات الطلاب أصبحت كابوسًا مؤرقًا لوزارة التعليم العالي، بسبب حصد طلاب مستقلين يعارضون سياسات النظام الحالي لجميع مقاعد المكتب التنفيذي، في الوقت الذي فشلت فيه قائمة «صوت طلاب مصر»، التي دعمتها وزارة التعليم العالي أثناء الانتخابات التي جرت منتصف الفصل الدراسي الأول.
افتقاد الطلاب للخبرة
ويبدو أن توقف الاتحادات الطلابية لـ3 سنوات أفقدت الكثير من الطلاب الخبرات اللازمة لتفعيل الأنشطة، وهو ما عبر عنه بيان صادر عن عدد من الاتحادات بجامعة دمنهور، حيث أكدوا أن توقف الاتحاد الفترة الماضية أدى إلى غياب هذه الثقافة في 3 أجيال موجودة، وهو ما ظهر في ضعف الإقبال على الترشح.
ما الحل؟
وزارة التعليم العالي أكدت رسميا أن حل أزمة اعتماد اتحاد طلاب مصر بيد القضاء الإداري، الذي يتولى البت في قانونية الانتخابات من عدمها، مؤكدة «نحرص على مصلحة الطلاب».
أما الطلاب فكان لهم رأي آخر، حيث أكد رئيس اتحاد طلاب مصر -المطعون عليه- عبدالله أنور، أن شرعيتهم مستمدة من انتخاب الطلاب لهم، وأنهم يمثلون 2 مليون طالب مصري، مشيرا إلى أنه سيتم الدعوة لجميعية عمومية لطلاب مصر قريبا، لاتخاذ خطوات تصعيدية تنهي الأزمة.
إلا أن الواقع يؤكد أن مكتب اتحاد طلاب مصر عاجز عن اتخاذ أي قرارات رسمية أو اعتماد ميزانياته، لتبقى الأزمة قائمة حتى يقضي القضاء.