البيانات المنسية.. كيف بدأت قصة نصر أكتوبر؟
تحتفظ ذاكرة حرب أكتوبر بالعديد من الخطابات الرنانة، لكن يبقى البيان العسكري السادس، الذي أعلن عن احتدام المعارك الجوية، هو الأكثر رسوخا في الوجدان الشعبي المصري، ورغم شهرته، إلا أن هذا البيان لم يكن سوى حلقة في سلسلة من البيانات المنسية التي صدرت تباعا عن القيادة العامة للقوات المسلحة يوم السادس من أكتوبر 1973، والتي رسمت للمصريين والعالم، ساعة بساعة، ملامح ملحمة العبور منذ لحظاتها الأولى.
تسلسل زمني يكشف وقائع الساعات الأولى من حرب أكتوبر
بدأت القصة في تمام الساعة الثانية وعشر دقائق ظهرا، حين صدر البيان الأول الذي اتخذ نبرة دفاعية، معلنا أن قوات العدو بادرت بالهجوم على منطقتي الزعفرانة والسخنة، وأن القوات المصرية «تقوم حاليا بالتصدي للقوات المغيرة».
وقدّم هذا البيان المقتضب الإطار الرسمي لبدء العمليات العسكرية، مصورا التحرك المصري كرد فعل على عدوان معادي، وهو ما مهد الطريق لما هو قادم في واحدة من أهم لحظات تاريخ حرب أكتوبر.
وبعد 15 دقيقة فقط، وتحديدًا في الساعة 2:25، تغيرت النبرة تماما، فقد أعلن البيان الثاني عن تحول استراتيجي من الدفاع إلى الهجوم، مؤكدا أنه «ردا على العدوان الغادر» تقوم تشكيلات من القوات الجوية بقصف أهداف وقواعد للعدو في سيناء المحتلة.
جاء البيان الثالث في تمام الساعة 3:02، ليزف بشرى نجاح المهمة الجوية، مؤكدا أن الطائرات أصابت أهدافها بدقة وعادت جميعها سالمة عدا طائرة واحدة، في رسالة هدفت إلى رفع الروح المعنوية وتأكيد تفوق الطيار المصري.
شهدت الساعة 3:07 التحول الأبرز، حيث كشف البيان الرابع عن تطورات المعارك البرية، ولأول مرة، أشار البيان صراحة إلى عبور القناة، واصفا إياه بأنه عملية «مطاردة للعدو إلى الضفة الشرقية في بعض مناطقها» جاءت بعد صد هجوم مضاد ناجح.
وفي تمام الساعة 4 عصرا، صدر البيان الخامس ليعلن النصر بكلمات واضحة وحاسمة، مؤكدا أن القوات المصرية «نجحت في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة»، كما أشار البيان إلى نجاح الجبهة السورية في تحقيق إنجاز مماثل، مؤكدا على التنسيق الكامل بين البلدين في حرب أكتوبر.
ورغم أن هذا البيان حمل البشرى الكاملة للعبور، إلا أن البيان السادس، الذي صدر بعده وبدأ بالبسملة، هو الذي التصق بذاكرة الأمة، ربما لكونه عكس حجم التضحية وضراوة المعارك، معلنا تدمير 11 طائرة للعدو مقابل فقدان 10 طائرات مصرية في اشتباكات عنيفة.