شكل الطاقة التي يصعب خزنها طاقة حرارية أم كيميائية أم ضوئية أم نووية؟

شكل الطاقة التي يصعب خزنها طاقة حرارية أم كيميائية أم ضوئية أم نووية؟

يشكل تخزين الطاقة حجر الزاوية في سباق العالم نحو تأمين مصادر مستدامة، خاصة مع التوسع في الاعتماد على الطاقات المتجددة كالشمس والرياح.

وبينما تتجه الأنظار نحو تطوير البطاريات الكيميائية، يواجه العلماء والمهندسون تحديات متفاوتة جذريا في حبس الأشكال المختلفة للطاقة، سواء كانت كامنة في الروابط الكيميائية، أو حبيسة في نواة الذرة، أو منبعثة كفوتونات ضوئية، أو محسوسة كحرارة.

أكثر أشكال الطاقة صعوبة في التخزين

تكشف المقارنات الفيزيائية والهندسية أن الطاقة الحرارية هي، وبفارق كبير، الشكل الأكثر صعوبة وتكلفة في التخزين الفعال، خاصة للفترات الطويلة.

وعلى الرغم من أن الطاقة الضوئية بحد ذاتها تمثل تحديا فريدا، إلا أن الصعوبة الجوهرية للطاقة الحرارية تكمن في طبيعتها الفيزيائية الأساسية.

وتتمثل العقبة الكبرى، بحسب القانون الثاني للديناميكا الحرارية، في ميل الحرارة الحتمي للتبدد والانتشار والتسرب من الوسط الساخن إلى الوسط المحيط الأبرد، وهي عملية تعرف بالفقد الحراري.

وتعتبر الطاقة الكيميائية، في المقابل، هي الشكل الأسهل والأكثر شيوعا ونجاحا في التخزين العملي، حيث تعمل البطاريات، من بطاريات الليثيوم أيون في هواتفنا إلى بطاريات التدفق العملاقة، عبر تخزين الطاقة في الروابط الكيميائية بين الجزيئات.

وينطبق الأمر نفسه على الوقود الأحفوري سواء الفحم أو النفط أو الغاز الذي يخزن طاقة شمسية كيميائية قديمة لملايين السنين، وكذلك على الهيدروجين الأخضر.

وتتميز هذه الطريقة بكثافة طاقة عالية وقدرة على الاحتفاظ بالشحنة لفترات طويلة نسبيا بأقل قدر من الفقد.

وبالمثل، تكمن الطاقة النووية في القوى الهائلة التي تربط مكونات نواة الذرة، ويعد تخزين المواد الانشطارية، مثل قضبان اليورانيوم المخصب، عملية مستقرة وآمنة نسبيا بحد ذاتها.

وتبقى هذه الطاقة مخزنة بكفاءة تامة داخل المادة لعقود طويلة لحين الحاجة إلى إطلاقها عبر التفاعل المتسلسل في المفاعلات النووية.

أما الطاقة الضوئية فإنها تمثل تحديا من نوع مختلف تماما، إذ يؤكد الخبراء أنه من المستحيل عمليا تخزين الضوء نفسه في وعاء أو صندوق، نظرا لأنه ينتقل بسرعة هائلة ويتم امتصاصه أو عكسه أو تحويله فور اصطدامه بالمادة.

ولذلك، لا يتم تخزين الطاقة الضوئية مباشرة، بل يتم تحويلها فورا، وتعمل الألواح الشمسية الكهروضوئية على تحويل الفوتونات مباشرة إلى طاقة كهربائية، ويتم بعد ذلك إما استخدام هذه الكهرباء فورا، أو تخزينها في بطاريات.

ويعود التحدي الأكبر إلى الطاقة الحرارية بسبب مشكلة التسرب الحتمي، وتتطلب جميع محاولات الاحتفاظ بالحرارة، سواء كانت ناتجة عن محطات الطاقة الشمسية الحرارية المركزة أو الحرارة المهدرة من العمليات الصناعية، أنظمة عزل فائقة التعقيد ومكلفة للغاية.

وتستخدم التقنيات المتقدمة اليوم، مثل صهاريج الملح المنصهر الضخمة أو "البطاريات الرملية" الحديثة، مواد ذات سعة حرارية عالية لتخزين الدفء لساعات أو أيام، ولكن حتى مع أفضل المواد العازلة المتاحة، يظل الفقدان الحراري المستمر إلى البيئة المحيطة أمرا لا مفر منه، مما يجعل التخزين الموسمي لأشهر مثلا غير فعال اقتصاديا وتقنيا حتى الآن.

ويجمع المتخصصون على أن المعركة الحقيقية في سباق تخزين الطاقة لا تكمن فقط في زيادة كفاءة البطاريات الكيميائية، بل في إيجاد حل هندسي جذري لترويض الطاقة الحرارية ومنعها من الهروب، وهو ما يمثل أحد أكبر التحديات التقنية في عصر الطاقة النظيفة.

عمر مصطفى

عمر مصطفى

صحفي مصري يقيم في محافظة الجيزة ومتخصص في ملف التعليم وكتابة الأخبار العاجلة منذ عام 2011