الفلوس ما بتعملش فرح.. (مقال)
مقال بقلم: مي الفحام في ظل تزايد الأسعار المستمر (في كل حاجة وأي حاجة)، توقفت العديد من مشاريع الزواج، بعضها تعثر من مرحلة الشبكة والبعض عافر حتى وصل لمحطة «أنا مش حدفع 25 ألف عشان المعازيم يرقصوا وياكلوا»، ولكن بمرور الوقت أثبت الشباب والفتيات أنهم يمتلكون قدر كبير من الحكمة لم يكن متوقعا، أكبر حتى مما يمتلكه آباؤهم، وأصبحنا نرى زيجات كثيرة تتم الفترة الأخيرة بتكاليف أقل في كل شيء.
ما كان بالأمس «عيبة» أصبح اليوم عادي ورفع الشباب مبدأ «طظ في الناس.. المهم إن إحنا مبسوطين»، حتى أصبح لكل خطوة مكلفة من خطوات الزواج بديل موفر لها وبانتشار تلك الحلول أصبحت مقبولة لدى الآباء الذين أخيرا اقتنعوا أن ما كان مطلوبا من سنوات أصبح مستحيل تحقيقه اليوم، وأن الأهم هو تحقيق فرحة العرسان بدلا من أن يضطروا للانتظار 10 سنوات أخرى لشراء كل ما يحتاجونه ليكتشفوا وقتها أن الأسعار زادت من جديد.
غير الشبكة.. مصاريف ملهاش تلاتين لازمه في الجواز
لو نظرت للزيجات الحديثة خاصة من أبناء الطبقة الوسطى ستجد أن هناك فكر جديد بدأ ينتشر ويتزايد حتى أصبح التبسيط هو المعتاد، بدأ بالشبكة التي كان يشترط أن تتكوّن من كوليه وخاتمين ومحبس وأسورة بخلاف الحلق، وأخذت تلك «الرصة» تقل شيئاً فشيئاً، الكوليه أصبح عقد بسُمك أرفع أو سلسلة، والأسورة أصبحت أنسيال والخاتمين أصبحوا خاتم ولا داعي للحلق أصلا لأن العروسة عادة لا ترتدي هذه الشبكة بعد كتب الكتاب ولحين أن يأتي يوم زواج ابنتها، من قبل حتى الاتجاه الأخير باستعاضة الطقم الذهب بالفضة.
وفي الخطوبة، أصبح من العادي أن تكتفي الأسرتين بالتجمع في بيت العروسة لتقديم الشبكة في احتفال ضيق، فالمبالغة في أسعار قاعات الأفراح أصبحت لا تسمح بتخصيص حفلة للخطوبة بخلاف حفلة الزفاف، وعوّض الشباب هذا بالاستعانة بمتخصصين في الديكور يقوموا بإضافة لمسات خاصة على شقة العروس في هذا اليوم وكذلك بمصورين محترفين لتوثيق اليوم، ووجدوا أن هذا كافيا جدا.
أما عن الجهاز وتعقيداته، فقد أصبح الجميع الآن يفلت من أسطورة «اشتروا أوضة البيبي من دلوقتي عشان مش حتعرفوا تحوشوا بعدين» بعدما أثبتت الأسطورة أن الزوجين «بيعرفوا يحوشوا بعدين وبيجيبوا في وقتها عادي».
وبعدها مباشرة انهارت أسطورة «النيش» ويكفيك مجرد نظرة على أي معرض للأثاث الحديد لتجد أن كل غرف السفرة المعروضة معروضة بدولاب «بوفيه» وليس بنيش إلا فيما ندر، بعدما أصبح هناك قناعة عامة بأن النيش ليس له داعي ولس له مكان أيضا في الشقق الجديدة التي يكون أغلبها ضيق، وكذلك قلت أحجام الدواليب في غرف النوم فأصبح من النادر ملاحظة وجود «البلاكار» ذي «الثمانية أضلف»، بل أصبحت أغلب الدولايب مؤخرا بثلاثة ضلف عريضة فقط وهي كافي جدا بالمناسبة في حالة إن تم استغلالها بذكاء.
للولاد.. 5 مقترحات تغنيك عن «الدهب» في الجواز
أما من حيث تخفيض عدد الحلل والملاءات وأطقم الكوبايات وفناجين القهوة (التي لا تُستخدم أبدا)، فهذا كله انتصار يحسب للعروسة ولأهلها إن وافقوها على أنه ليس من حق أحد حساب عدد الأطقم التي اشترتها سواء في الملاءات أو الأطباق والكاسات لأن هذا يتوقف على احتياج وعلى ميزانية كل عروس، وقبل ذلك طبعا طقم الخشاف والجيلي والكاستر والمهلبية الذي نجح الإنسان المصري المعاصر في دمجهم في طبق واحد أخيرا، فمن كان يسأل ويدقق في الماضي أصبح الآن يكتفي بكلمة «مبروك» دون التدخل فيما لا يعنيه بعدما أصبح اتجاه التوفير هو السائد لدى الأغلبية.
ولا ننسى البراويز والفازات والكائن اللوزعي (البونبونيرة) التي أصبح كثيرون لا يهتمون بشرائهم قبل الزواج على اعتبار أنهم الهدايا المتعارف عليها والتي عادة ما يقدمها الأقارب والأصدقاء للعروسين وقت تهنئتهم بالزفاف، فأصبح لا يوجد داعي للاستعجال وشراء هذه الكماليات في ظل وجود احتمالية كبيرة بتوفيرها عن طريق الهدايا.
وأخيرا بالنسبة للفرح، فهو أكثر أمر ظهر له حلول أكثر بساطة أصبح الغالبية يلجأون لها، بدءا من تأجير فستان الزفاف بدلا من شرائه، علما بأن كثير من الأسر لا تجد مانعا من أن يكون يوم كتب الكتاب هو هو يوم الفرح بدلا من تكليف احتفالين في وقتين متقاربين، ويتم هذا إما في مسجد بتكاليف بسيطة أو عن طريق بدائل ظهرت مؤخرا، ومنها تأجير مطعم أو كافيتريا كبيرة لمدة 4 ساعات فقط، أو تنظيم الحفل في حديقة مفتوحة بعد العصر (عادة أجنبية) ولكنها اوفر في المصاريف من قاعات الفنادق و حتى قاعات الأفراح المتعارف عليها، التورتة ذات الـ8 أدوار تحولت لـ 4 وأتمنى أن يأتي يوم وتختفي تماما لأن لا أحد يأكل منها والجميع يفضل الحلويات الأخرى، وكذلك البوفيه المفتوح تحول لأطباق توزع جاهزة على الطاولات بدلا من أطنان الطعام المهدر التي كان يتم رميها .
أثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشك أن «الفلوس مش بتعمل فرح»، بدليل أنه من بدء الخليقة وهناك زيجات تتم دون مهر ولا شبكة ولا حفلات ورغم ذلك يكون العرسان في منتهى السعادة، إلا أن هناك عائلات ما كانت ستقتنع بالمبدأ لولا التجربة الحية ولولا تكرارها بهذا الشكل، فكل التحية لجيل الشباب الذي قرر أن يحقق حلمه ويتم فرحته بأي شكل وكل طريقة.