رئيس التحرير أحمد متولي
 إدمان النظام والعمل.. تعرف على اضطرابات اليابانيين الحميدة

إدمان النظام والعمل.. تعرف على اضطرابات اليابانيين الحميدة

اليابانيون مختلفون عن بقية شعوب العالم، في تنظيمهم الجيد وإيمانهم بقيم العمل والثقافة والأخلاق، ومثاليتهم الزائدة، لكن هذه القيم تجعلهم عرضة لأمراض نفسية عند اختلاطهم بشعب آخر.

كما أن إيمانهم أيضا بالعمل الذي يصل لحد التقديس يصيب بعضهم بالإرهاق الذي يصل في النهاية إلى الموت أو الانتحار.

وفي هذا التقرير سنتعرف على أهم متلازمتين تصيب اليابانيين فقط دونا عن بقية الشعوب، ومنها متلازمتا «باريس» و«إدمان العمل».

اليابانيون الشعب الأكثر تهذيبًا في العالم.. لماذا؟

متلازمة باريس

متلازمة باريس، هي اضطراب عقلي يصاب به اليابانيون فقط، ويحدث نتيجة خيبة أمل بعد زيارتهم لباريس، العاصمة المثالية من وجهة نظرهم.

ومن ملايين السائحين يصاب المئات منهم بالمتلازمة، ويعزى السبب إلى الصدمة الكبيرة بين ما وجدوا باريس عليه وما كانوا يتوقعون أنها عليه، فالصورة الذهنية لدى اليابانيين عن العاصمة الفرنسية أن مواطنيها ملتزمون وأنيقون ومثقفون ويضعون أفضل العطور. بينما الواقع غير ذلك ففيها زحام وفظاظة في التعامل.

والمتلازمة هي أقرب لصدمة ثقافية لها تأثيرات نفسية عليهم. ويتمثل العلاج منها في العودة إلى الوطن.

العالم المسحور.. ليه الإجابة دايما تونس؟

وذكرت وكالة «بلومبرج» أن الصينيين يصابون بها أيضا عند زيارتهم لباريس، وحذرت فرنسا من فقدان آلاف السياح اليابانيين والصينيين بسبب تلك الصدمة التي تصيبهم.

وبدأ توصيف تلك المتلازمة من قبل هيئة الإذاعة البريطانية في صيف 2006 عندما أصيب عدد من السياح اليابانيين بانهيار نفسي كامل، وفوجيء الجميع بأن السبب هو الصورة المثالية التي رسموها لباريس في مخيلتهم.

وللمتلازمة جذور أعمق من ذلك ففي القرن الـ19، كتب الروائي الفرنسي الشهير ستاندال، عن متلازمة أصيب بها أطلق عليها متلازمة فلورنسا، وذلك بعد زيارته لكنيسة سانتا كروس الواقعة في فلورنسا في الجزء الشمالي من وسط إيطاليا.

ستاندال كان في مخيلته أن كنيسة سانتا كروس بناء لا مثيل له لكنه رأى أنه بناء عادي عندما زارها، وحدث له انهيار نفسي، ومن هنا تم تشخيص تلك المتلازمة.

تحدث عن المتلازمة روائي إيراني يدعى طاهر شاه، وتناولها في رواية كاملة تحت عنوان «متلازمة باريس» في 2014، حيث يقول «يظل الرجل يتعلم عن مثالية العاصمة الفرنسية طوال طفولته وفي شبابه، وعندما تحين اللحظة لزيارتها يجد الواقع مؤلما».

وهناك من شبهها بأنها مثل نوبة الغضب التي تصيب الأطفال صبيحة عيد الميلاد عندما لا تعجبهم الهدايا التي يحصلون عليها.

وقالت BBC في تقرير أفردته للمتلازمة، إنه ما بين 12 إلى 13 سائحا يابانيا يصابون بها عند زيارتهم للعاصمة الفرنسية باريس، وخصصت السفارة اليابانية، رقما خاصا بمواطنيها في فرنسا لعلاج أثار تلك الصدمة، والتي قد تصل في النهاية إلى حتمية رجوعهم إلى بلادهم ثانيةً.

إدمان العمل

متلازمة أخرى تؤدي إلى وفاة بعض اليابانيين كل عام، وهي متلازمة «إدمان العمل» والتي قد تصل إلى 15 أو 16 ساعة في اليوم الواحد.

وسجلت وزارة الصحة اليابانية في عام 2004 وفاة 243 موظفا بسبب إدمانهم للعمل، حتى أنهم أطلقوا عليها اسم «كاروشي». وتعني الموت نتيجة الإفراط في العمل وتمت إضافتها للقواميس هناك.

تم تشخيص أول حالة وفاة بسبب العمل في اليابان عام 1969، عندما مات موظف في عمر الـ29 كان يعمل في خدمة النشر لإحدى الجرائد اليابانية.

وحتى نهاية مارس 2015 كان قد تم تسجيل 1456 حالة وفاة بين اليابانيين بسبب الإرهاق في العمل وارتفعت طلبات التعويض أيضاً من قبل أسرهم.

متى أكَل الإنسان الإنسان؟

الـ«كاروشي» لا يعني أن الموظف مات نتيجة العمل فقط، ولكن تعني أيضا من يدفعهم العمل وضغوطه إلى الانتحار، فاليابانيون لا يعترفون بمهمة لا تنجز.

اليابان لا تطبق قانون يحدد عدد ساعات العمل، وهو ما دفع العديد من المنظمات هناك إلى المطالبة بتحديدها وعدم السماح للموظفين بتجاوز الحد المسموح به.

وكانت هناك محاولة من قبل رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لإصدار مشروع قانون لا يلزم صاحب العمل بدفع أجور زيادة للموظفين عن ساعات العمل الإضافية، ولكن تم رفضه لأنه سيفتح الباب إلى استغلال أصحاب العمل ذلك القانون في زيادة عدد الساعات دون دفع الأجور.

كما قدمت الحكومة اليابانية مشروع قانون للبرلمان – أبريل 2013- يُقر فرض إجازة إجبارية مدفوعة الأجر تصل لـ5 أيام فأكثر سنويًّا للموظفين والعاملين، وتأمل الحكومة بأن يحصل الموظفون على 70% من إجازتهم المدفوع بحلول عام 2020.

كما تسعى الحكومة اليابانية لخفض نسبة العاملين الذين يعملون أكثر من 50 ساعة أسبوعيًّا من 22.3% إلى 5% بحلول عام 2020.

اليابان.. فن التخلي عن المقنتيات من أجل راحة البال

المراجع: 1, 2, 3, 4

محمد ربيع

محمد ربيع

صحفي مصري مهتم بالأوضاع الاجتماعية والإنسانية