محمد خان.. سينما الحكايات الشعبية والحب والتفاصيل الصغيرة
من لاعب الكرة بالشارع، إلى سائق سيارة بيجو، ثم عاملة بمصنع، حكايات متنوعة من الناس وإليهم جعلت المخرج محمد خان يخلق عالما فريدا من السينما الشعبية، تفاصيله دقيقة ومتقنة، ليلقب دون غيره بـ«مخرج التفاصيل الصغيرة»، ويكوّن عالما سينمائيا يقترب من الكمال.
الشخصية أولا
لدى «خان»، تحتل الشخصية المقام الأول من التفكير، فهو يخلق الفيلم بأكمله بناء عليها، ما جعله يتصدر قائمة مخرجي الواقعية الجديدة، ولذلك فهو لا يهمه قصة الفيلم بقدر ما يهمه تناول الشخصية ذاتها بأبعادها النفسية والإنسانية، فمن الممكن أن نجد الفيلم بلا قصة، أو ما يسمى بالـ«Non- Plot»، مثلما حدث في فيلمه الأخير «قبل زحمة الصيف» من إنتاج عام 2015.
فعلى سبيل المثال، كانت «هند» مربيته الخاصة هي بذرة فكرة فيلم «أحلام هند وكاميليا» من إنتاج عام 1988، وكان ضابط شرطة تصادف معه ذات يوم هو أساس فكرة فيلم «زوجة رجل مهم»، من إنتاج العام ذاته، في الوقت الذي كان يفكر فيه في صنع فيلم عن امرأة تلعب القمار، وكان حارس عقار يمتلك سيارة «بيجو» يراه يوميا «خان» من شرفة شقته بمصر الجديدة هو الوحي الذي جعله يأتي بفكرة فيلم «طائر على الطريق» من إنتاج عام 1981، وكان لاعب كرة شراب بالشارع هو الإلهام لعمل فيلم «الحريف» من إنتاج عام 1984.
فمن بين 25 فيلما، كان حوالي 14 فيلما من تأليف «خان»، سواء بمشاركته بالفكرة فقط مثلما حدث في آخر أفلامه «قبل زحمة الصيف»، أو القصة فقط، أو القصة والسيناريو والحوار.
ولذلك، تأتي أسماء أغلب أفلامه باسم شخصيات الفيلم، أو تكون وصفا لهم، مثل «طائر على الطريق»، و«الحريف»، و«عودة مواطن»، و«خرج ولم يعد»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«زوجة رجل مهم»، و«مستر كاراتيه»، و«فارس المدينة»، و«فتاة المصنع» و«بنات وسط البلد».
ويلاحظ كذلك تكرار اسم «فارس» كالبطل الأساسي في ثلاثة من أفلامه: «طائر على الطريق»، و«الحريف»، و«فارس المدينة»، في أفلام بدا البطل فيها فارسا في مواجهته للقهر الذي يمارسه ضده المجتمع.
ولأنه يهتم بالشخصية، تحضر المشاعر الإنسانية بكثافة في أفلامه، لتصبح أغلبها بمثابة حالات إنسانية متعددة أكثر منها مجرد أفلام، ولذلك جاء تناول شخصية الرئيس محمد أنور السادات بفيلمه أيام «السادات»، من إنتاج عام 2001، إنسانيا في المقام الأول أكثر منه سياسيا.
وتتصدر الرومانسية تلك المشاعر الإنسانية، لأنه كما قال: رومانسي بطبعه، فلكل فيلم حالته الرومانسية الخاصة، ويبرز ذلك في أفلامه «طائر على الطريق»، و«زوجة رجل مهم»، و«موعد على العشاء»، و«في شقة مصر الجديدة»، و«فتاة المصنع».
رغم اليأس.. الأمل أقوى
وبالرغم من وجود الأمل بقوة في أفلام «خان»، فهناك اليأس والاستسلام أيضا، وإن كان ليس بنفس القوة التي يحضر بها الأمل، وذلك لأن تلك هي طبيعة الإنسان؛ مجموعة من جميع المشاعر المتناقضة؛ ما يجعل مشاهد الانتحار تتكرر في أفلامه، ففي فيلم «موعد على العشاء»، من إنتاج عام 1981، تشاهد «نوال»، والتي تجسدها سعاد حسني، امرأة على وشك السقوط من الشرفة، لتؤثر بها على نحو كبير، وتراها تسقط في كوابيسها، ليكون الانتحار هو ما تضطر إلى الإقدام عليه في النهاية، ولكن باستخدام السم.
وفي فيلم «زوجة رجل مهم»، يظهر مشهد حقيقي أرشيفي للفتاة التي انتحرت عقب معرفتها بنبأ وفاة المطرب عبد الحليم حافظ. وفي مشهد آخر، يظهر «هشام»، والذي يجسده أحمد زكي، في كامل أناقته، ثم يجن جنونه ويقتل حماه الذي جاء ليأخذ آخر شئ ظل يمارس سلطته عليه المتمثل في زوجته، ثم يطلق الرصاص على نفسه بعد ذلك.
وفي «الحريف»، ينتحر «عبد الله»، والذي يجسده نجاح الموجي، بعد أن يجد الشرطة تحاصره للقبض عليه، فيلقي بنفسه من فوق سطح العمارة الذي يسكن به.
ولأنه شخصية مبهجة، تغلب الأمل على كل تلك اللحظات اليائسة في جميع أفلامه، فهو لا يقدم حلولا للمشاكل أو الإحباطات التي تعاني منها شخصياته السينمائية، بل يجعل المشاهد ينظر إلى حياتهم فقط، ثم يرحل شاغلا تفكيره بكيفية حل أزماتهم، وبالأمل الذي بدأ نوره ساطعا في نهاية الفيلم، ولذلك تتعدد مشاهد الكادرات الواسعة التي تقف الشخصيات بداخلها في نهاية ممر طويل، كأن المشاهد يلقي بنظرة عليهم ثم يرحل.
ففي فيلم «أحلام هند وكاميليا»، تعثر «هند» أو عايدة رياض، و«كاميليا» أو نجلاء فتحي على الطفلة «أحلام» في النهاية، ممثلة لهم الأمل لاستمرار الحياة، وفي فيلم «عودة مواطن»، من إنتاج عام 1986، لا يصعد «شاكر»، والذي يجسده يحيى الفحراني، إلى الطائرة المتجهة إلى قطر، ما يوحي بأمل لعودته لأهله.
وفي فيلم «فتاة المصنع»، من إنتاج عام 2014، تتغلب «هيام»، والتي تتقمص شخصيتها ياسمين رئيس، على الأزمة العاطفية التي مرت بها، باعثة الأمل في الشعور ببهجة الحياة مرة أخرى، وفي فيلم «في شقة مصر الجديدة»، من إنتاج عام 2007، تحفظ «نجوى»، أو غادة عادل، رقم هاتف «يحيى»، أو خالد أبو النجا، ليأمل الثنائي باللقاء مجددا.
وحتى في أفلامه التي تنتهي بموت أبطالها، يحضر شئ من الأمل بنسبة ضعيفة، ففي فيلم «موعد على العشاء»، تخلصت «نوال» من «عزت»، أو حسين فهمي، سبب تعاستها، حتى لو كان الأمر كلفها حياتها، ولكنها حققت ما تمنت، وبانتحار «هشام» في «زوجة رجل مهم»، تصدم الزوجة لبعض اللحظات لتبدو كأنها فقدت النطق، متذكرة معاناتها مع زوجها بكل تفاصيلها، ولكنها أيضا تدرك أنها تخلصت ممن دمر حياتها.
المرأة في أفلام «خان»
ويتضح اهتمام رائد الواقعية بالمرأة على نحو خاص في جميع أفلامه، وخاصة «زوجة رجل مهم»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«موعد على العشاء»، و«في شقة مصر الجديدة» و«فتاة المصنع»، و«ضربة شمس»، من إنتاج عام 1980، والذي ظهرت المرأة فيه مؤثرة في جميع الأحداث حتى بدون أن تنطق بكلمة واحدة، والتي جسدتها الفنانة ليلى فوزي.
وبعد الشخصية، تأتي الصورة في المرتبة الثانية من تفكيره، لأنه كان يرى أن «هناك استهتار بشع بالتكنيك في السينما المصرية» بحسب قوله، ولذلك اهتم خان بإبراز جماليات الصورة السينمائية المعروضة.
وتظهر عبقرية «خان» في إدارة الكاميرا بداخل شوارع القاهرة، ليصبح ملك التصوير الخارجي، حيث احتوت جميع أفلامه على مشاهد من داخل الشارع المصري، ليعكس البيئة الشعبية التي يريد أن يعرضها بطريقة دقيقة؛ ويبرز ذلك في أفلام: «ضربة شمس»، و«طائر على الطريق»، و«الحريف»، و«خرج ولم يعد»، و«أحلام هند وكاميليا»، و«زوجة رجل مهم»، و«مستر كاراتيه»، من إنتاج عام 1993.
الديكتاتور الناعم
لم يأتِ وصف الفنان عادل إمام لـ«خان» من فراغ حين قال له أنه بمثابة «الديكتاتور الناعم»؛ حيث كان يدرس كل تفاصيل الفيلم قبل أن يقرر إخراجه ليكوّن رؤية فنية خاصة به لا يشوش عليها أحد، وشملت تلك الرؤية أفيشات أفلامه أيضا، فتدخل في جميعها لتظهر كما يريد لها أن تكون في النهاية.
فعلى طريقته الخاصة، ظهر انتقامه من أحمد زكي، صديقه الأقرب والذي كان لا يرى غيره بطلا لأفلامه، ومن محمود عبد العزيز، صديقه كذلك، على أفيش فيلم فارس المدينة، من إنتاج عام 1993، متمثلا في وضع اسم محمود حميدة بطل فيلمه قبل اسم الفيلم، مع وجود الضمير «هو» بخط صغير كفاصل بينهما.
ويرجع ذلك إلى اختفاء أحمد زكي قبل بداية التصوير، والتي رآها «خان» طريقة اعتذار ضمنية معروفة في الوسط الفني، وإلى موافقة محمود عبد العزيز على القيام ببطولة الفيلم مع طلبه مهلة لانشغاله في عمل آخر؛ ما رفضه «خان»، وقرر إعطاء البطولة للشاب الصاعد «محمود حميدة» لتكون البطولة السينمائية الأولى له.
وحدث أن قابل «خان» الفتى الأسمر عندما كان في زيارة للمنتج حسين القلا بعد طباعة إعلانات الفيلم بالشوارع، ليقول له «زكي» مازحا: بقى «هو» فارس المدينة؟!
علي عبد الخالق.. سينما الحرب والفلسفة والـ«بهججة»
تفاصيل «خان» السينمائية
وأبدع مخرج التفاصيل الصغيرة في خلق عالم سينمائي خاص به دون غيره تحضر فيه التفاصيل بقوة، لتصبح الصورة العامة لها مكتملة، تستحق أن توصف بالـ«مبهرة». وتنوعت تلك التفاصيل لتخدم أفلامه جميعها بشكل عام، وكل فيلم منها على حدة؛ فنجد مشاهد الطعام متكررة في كل الأفلام؛ ولكن تختلف أنواع الأكل وطريقة تناولها بحسب طبيعة الشخصية وطبقتها الاجتماعية وحالتها النفسية، وعن ذلك قال خان: «دي حياة كاملة.. فطبيعي الناس تكون بتاكل فيها.. ده أساسي».
ففي فيلم «الحريف»، يتكرر مشهد تناول «فارس»، والذي يجسده الفنان عادل إمام، ابن الطبقة الفقيرة للفول والسجق والكبدة على عربات بالشارع. ذلك بجانب تناوله للكشري والأيس كريم في محلات متواضعة، والتهامه للكباب والكفتة على طاولة مطعم تستقر بالشارع.
وكان للطعام طبيعة باهتة في فيلم «زوجة رجل مهم» تناسب اليأس والاستسلام وفقدان الرغبة في الحياة الذي غلب على شخصيات الفيلم «هشام» و«منى». فتطهو الأخيرة، والتي تجسدها ميرفت أمين، البيض لزوجها أثناء عراكها معه بطريقة سريعة تنفي الاستمتاع بما تقوم بعمله، لتوحي بأنها تؤدي ما تراه أنه واجبها فقط، وتريد الخلاص منه بأقصى سرعة، لينظر له «هشام»، في النهاية نظرة ملية ثم يقوم بقلب الطاسة على الطاولة.
وفي مشهد آخر من الفيلم، يكاد يصبح البطل هو الطعام ذاته؛ حيث يجلس «هشام» و«منى» أمام بعضهما على طاولة بمطعم إضاءته خافتة بالرغم من أن إضاءة الشمس تنعكس بداخله من خلال النوافذ، وتبدأ «منى» تقطيع اللحم بالسكينة، لتجده نيئا، ما يشير إلى ذاتها التي أصبحت نصف ميتة ونصف حية، فتتركها وتنحي الشوكة والسكينة جانبا في الحال.
ويظهر التشابه بين ذلك المشهد وبين مشهد آخر في بداية الفيلم؛ حيث تجلس «منى» مع والدها ووالدتها يتناولان الطعام في جو مبهج تزينه إضاءة النهار، وبالرغم من اعتراضهم على اللحم غير المطهو جيدا الذي يتناولوه، ولكن لا تبدي «منى» اعتراضا قائلة لوالدتها: هي فعلا مش مستوية، لكن هنعمل إيه بقى جعانين، ليشير «هشام» إلى النادل بإشارة سريعة أثناء مراقبته لهم، فيأتي النادل ليأخذ أطباقهم؛ قائلا: إحنا أسفين جدا يا فندم.. هانغيّر الأكل، ليتبادل الثلاثة نظرات استغراب، ثم تنظر «منى» إلى أعلى خائفة، لتجد «هشام» ناظرا إليها نظرة رضا وتملك.
وحتى في المشهد الذي بدأ فيه الزوجان يتناولان الطعام باستمتاع، يصيح «هشام» في زوجته وقت أن كانت تمرح معه، لتتوقف هي عن الطعام، وتظل تحرّك الشوكة بداخل الطبق فقط، ثم يتوقف هو عن الطعام لبرهة.
ويتجلى الاهتمام الأكبر بالطعام في فيلمه «خرج ولم يعد»، من إنتاج عام 1984، والذي تعددت فيه مشاهد تناول الطعام ليبرز اهتمام ساكني الريف به.
كما أظهر الفيلم اهتمام أهل الريف بتنوع الأطباق المقدمة للأكل، والاهتمام بتناول الثلاث وجبات رئيسية، والأخرى الفرعية أيضا من حلويات وفاكهة، بالقدر الذي قد لا يعتاد عليه أهل المدينة، ويجدونه أمرا غير مألوفا.
أما في فيلم «موعد على العشاء»، فالعشاء الذي ينتظره الجميع بناء على عنوان الفيلم، يأتي حاملا مفاجأة تشبعه بالسم بالرغم من كونه نوع الطعام المفضل لدى إحدى الشخصيات، وهو المسقعة.
ذلك بجانب مشاهد الطعام المتفرقة التي ظهرت بالفيلم، والتي ظهرت في باقي أفلام «خان» من «أيام السادات» إلى «مستر كاراتيه» و«أحلام هند وكاميليا» و«طائر على الطريق»، و«بنات وسط البلد»، و«فتاة المصنع» و«قبل زحمة الصيف» وغيرها.
وأولى «خان» كذلك اهتماما بوسائل النقل في أفلامه؛ بداية من الموتوسيكل في أفلامه «ضربة شمس»، و«في شقة مصر الجديدة»، إلى السيارة في أفلامه «طائر على الطريق» و«الحريف» و«فارس المدينة»، والجرار الزراعي في فيلمه «خرج ولم يعد»، والمترو الذي اعتبراه الصديقتان «جومانا»، أو هند صبري، و«ياسمين»، أو منة شلبي، وسيلة مواصلاتهم الدائمة في فيلم «بنات وسط البلد»، من إنتاج عام 2005، أو حتى الأسانسير في فيلمه «الحريف»، إلى العجلة التي كان لها حضور أساسي في مشاهد آخر أفلامه «قبل زحمة الصيف»، كما تصدرت أفيش الفيلم بناء على رؤيته الخاصة.
وفي مدرسة «خان» الإخراجية، لعبت المشاهد القريبة، الـ«Close Up»، دورا أساسيا، فكانت دائما وسيلة للتعبير عن أشياء معينة، ولذلك، كانت حاضرة في جميع أفلامه، وبرز اهتمامه بها في مشهد تكرر في فيلمي «موعد على العشاء» و«زوجة رجل مهم»؛ حيث يرن جرس الشقة، فتقوم البطلة بفتح الباب في ترقب وخوف.
وذلك بعد أن غلب على البطلة النوم أثناء جلوسها في الصالة.
وكان وجود المرايا كذلك من التفاصيل التي اهتم بها «خان»، لتعكس المشاعر الداخلية التي تشعر بها شخصيات أفلامه المتنوعة، ففي فيلم «طائر على الطريق»، من إنتاج عام 1981، يضبط «فارس»، أو أحمد زكي، مرايا السيارة ليتمكن من رؤية «فوزية»، أو فردوس عبد الحميد، الجالسة في المقعد الخلفي؛ ما يعكس إعجابه بها.
وفي فيلم «الحريف» يظهر رجل الشرطة، والذي يجسده صبري عبد المنعم، يحدق في المرايا الجانبية بالسيارة فور أن تنعكس صورة «فارس» بها؛ ما يوحي بمراقبته الدقيقة له.
أما في فيلم «زوجة رجل مهم»، ينظر «هشام» لانعكاس صورته بالمرايا عقب مشاجرة مع حارس العقار، ثم يقوم بكسرها، ويظل ينظر لصورته المحطمة والمخيفة فيها؛ ما يعكس قوة صراعه الداخلي ورفضه للواقع الذي أصبح مجبرا على العيش بداخله.
وبين تلك التفاصيل الدقيقة أيضا، المشاهد التي يعطي فيها الممثل ظهره للكاميرا، ففي فيلم «موعد على العشاء»، يظهر «عزت» متأثرا بما يقوله، ولكن لا تظهر ملامحه حتى لا يتعاطف معه أي شخص، وفي فيلم «زوجة رجل مهم»، يظهر «هشام» أمام الكاميرا في أكثر من مشهد بظهره، ما يوحي بعدم اكتراثه بأحد عدا من يريد في الوقت الذي يريد، لدرجة تصل إلى عدم رؤيته لمن حوله.
ذلك بجانب صوت أنفاس «فارس» في فيلم «الحريف» الذي يطلقها وهو يلهث في أثناء لعبه بالكرة في الشارع، والتي استخدمت كخلفية لأكثر من مشهد بالفيلم، والذي يعبر عن الضغط الذي يعاني منه والذي تسببت فيه الأشخاص التي تتعامل معه بحياته اليومية، فتجعله يبحث عما يساعده على التقاط أنفاسه.
منها «تتجوزيني يا بسكوتة؟».. حكايات من مسرح فؤاد المهندس
افتتاحيات أفلام خان
وتميزت أغلب أفلام «خان» بوجود افتتاحيات خاصة، أغلبها في صورة إهداءات لمطربي زمن الفن الجميل، والتي تظهر أغانيهم بكثافة في الأفلام المهداة إليهم. وأبرز تلك الأفلام هو «زوجة رجل مهم»، الذي خلق حالة خاصة تزينها أغاني عبد الحليم حافظ المهدى الفيلم إلى صوته.
وأهدى «خان» فيلمه «الثأر» إلى مدينة القاهرة وسكانها، وفيلم «فارس المدينة» إلى أم كلثوم، وفيلم «في شقة مصر الجديدة» إلى ليلى مراد، وفيلم «فتاة المصنع» إلى سعاد حسني، وفيلم موعد على العشاء إلى «نوال»، التي ألهمته فكرة الفيلم حين قرأ خبر بمجلة لبنانية في الثمانينات عن انتحار فتاة بالسم تدعى «نوال» لرفض والديها زواجها من حبيبها «شكري».
واحتوت بداية فيلم «الحريف» على افتتاحيتين؛ أحدهما «تحية من أحد الفاشلين إلى كل الناجحين»، والأخرى شعر من كلمات أمينة جاهين قالها الفنان أحمد زكي بصوته.
وجاء في افتتاحية فيلم «خرج ولم يعد» تأكيد على أن الأماكن حقيقية حتى وإن كانت الشخصيات خيالية.
دويتوهات فنية
احتل أحمد زكي نصيب الأسد من مشاركته بأفلام مع «خان»؛ حيث ظهر في 6 أفلام من إخراجه بداية من «طائر على الطريق» إلى «موعد على العشاء» و«أحلام هند وكاميليا» و«مستر كاراتيه» و«زوجة رجل مهم» وصولا لفيلم «أيام السادات».
أما المونتيرة نادية شكري، فقامت بعمل المونتاج لـ21 فيلما أخرجها «خان» بداية من أول أفلامه وحتى فيلم «كليفتي» من إنتاج عام 2004. وكان «سعيد شيمي» مدير التصوير لـ8 من أفلام «خان». وكتب السيناريست «بشير الديك» سيناريوهات 6 من أفلام «خان»، وهم «الرغبة» و«طائر على الطريق» و«موعد على العشاء»، و«1/2 أرنب» من إنتاج عام 1983، و«يوسف وزينب» من إنتاج عام 1984، و«الحريف».
اقتباسات من أفلام رائد الواقعية
وعلى ألسنة شخصياته السينمائية، ظلت اقتباسات كثيرة من أفلام «خان» السينمائية خالدة يتذكرها جمهوره دائما، ومنها:
«مسيرها تروق وتحلى»- أحمد زكي من فيلم «أحلام هند وكاميليا».
«بس أنا لا قوية قوي ولا مدردحة قوي ولا جميلة قوي»- غادة عادل من فيلم «في شقة مصر الجديدة».
«عايزاني أطاطي بنت الكلب»- عادل إمام من فيلم «الحريف».
«الأكل ده نعمة من نعم ربنا.. لذة من لذات الحياة الكبرى»- فريد شوقي من فيلم «خرج ولم يعد».
«ده إحنا يا فندم اللي حمينا البلد.. ده لولانا كانت مصر بقت خرابة.. يكون ده جزاءنا؟! نطلع معاش؟»- أحمد زكي من فيلم «زوجة رجل مهم».
«زمن اللعب راح»- عادل إمام من فيلم «الحريف».
«أنا ماشفتش في حياتي ناس بالشكل ده.. دول وحوش»- يحيى الفخراني من فيلم «خرج ولم يعد».
«لأ انت اللي غلبتني يا عزت.. في الأول غلبتني وفي الآخر ضيعتني خالص»- سعاد حسني من فيلم «موعد على العشاء».
«ملعون أبو الفقر»- عادل إمام من فيلم «الحريف».
«إحنا بقى هنا في البيت ده اتعودنا منقومش من على السفرة ونسيب عليها حاجة .. الأكل ده كله لازم يتمسح مسح»- عايدة عبد العزيز من فيلم «خرج ولم يعد».
«هات سيجارة.. كلنا هانموت يابني»- الفنان إبراهيم قدري مجسدا شخصية والد فارس في فيلم «الحريف».
محمد خان مخرج مصري من أصل باكستاني، ولد في القاهرة لأب باكستاني وأم مصرية، وكان عاشق للسينما منذ صغره، وخاصة الإيطالية، وقدم للسينما المصرية 25 فيلما عكس من خلالها البيئة الشعبية أمام الكاميرا ليصبح رائد مدرسة الواقعية الجديدة.