حكاية 5 أغاني لحنها «ملك الموسيقى» بليغ حمدي
له لون فريد في الموسيقى يجعل أي مستمع إليها يميزها عن غيرها، لينسبها إلى صاحبها الذي قدمه المطرب العبقري محمد فوزي إلى كوكب الشرق أم كلثوم، قائلا: «عندي ليكي حتة ملحن يجنن.. مصر هاتغني ألحانه أكتر من 60 سنه قدام»، ووصفه الشاعر كامل الشناوي بأنه «أمل مصر في الموسيقى»، فهو «بلبل» الموسيقى: بليغ حمدي.
تعرف على حكايات لـ5 أغاني لحنها بليغ حمدي.
انت عارف قبله معنى الحب إيه؟!
«حب إيه اللي انت جاي تقول عليه».. كلمات معاتبة رقيقة كتبها الشاعر عبد الوهاب محمد، ثم أسمعها لصديقه بليغ الذي أعجب بكلامها للغاية، ليقوم بتلحين مطلعها على الفور، ويظل يرددها في مجالس الأصدقاء.
ثم دعا محمد فوزي بليغ إلى سهرة ستحضرها السيدة أم كلثوم مع عازف الكمان أنور منسي والمطرب عبد الغني السيد والشاعر مأمون الشناوي. وهناك، وبعد أن ارتفعت الكلفة بينه وبين كوكب الشرق على الفور، طلبت عودا وأعطته إياه، قائلة: اتفضل سمعنا حاجة من ألحانك، ليطلب فوزي من بليغ أن يسمع الجمع مطلع أغنية «حب إيه»، لتعجب «سومة» بها وتسأله: وليه ماكملتش لحن الأغنية؟، فيجيب بأنه لا يجد سببا للاستعجال، ثم تطلب منه سومة أن «يفوت عليها بكره».
وبالفعل يذهب بليغ إلى منزل كوكب الشرق في اليوم التالي، ليفاجأ بها تسأله إذا كان يتذكر بقية كلام الأغنية، فيجيب بالنفي، ثم تسأله عن كاتب تلك الكلمات، ليرد: عبد الوهاب محمد. وبعد ذلك، تطلب منه أم كلثوم أن يجعله يحضر حالا إلى منزلها، وهو ما حدث بالفعل، لتطلب منهما «سومة» أن يستكملا العمل على الأغنية حتى تقوم بغنائها، فيقرر الصديقان محاولة إنهاء العمل على الأغنية في أسرع وقت، لتصبح جاهزة بعد عشرة أيام فقط، وتصبح أول الأغاني التي لحنها بليغ لكوكب الشرق، قبل ألحانه لأغنيات عديدة للست، منها: «أنا وانت ظلمنا الحب» و«أنساك يا سلام» و«سيرة الحب» و«كل ليلة وكل يوم» و«بعيد عنك» و«فات الميعاد» و«الحب كله» ورائعة «ألف ليلة وليلة».
تخونوه
تصادف أن قابل عبد الحليم حافظ بليغ في ستوديو الإذاعة، ليقول له الأول: إزيك.. بتعمل إيه؟، ليرد بليغ: جاي أحضر تسجيل كوبليهات أول لحن أعمله لـ ليلى مراد، فيقول العندليب: طيب سمعني. وعندما غنى بليغ «تخونوه»، قال حليم: أنا عايز الأغنية دي في فيلمي الجاي، ليرد بليغ: ليلى مراد متعاقدة عليها. وكانت ليلى مراد قد سجلت الجزء الأول منها بالفعل.
ثم طلب منه «حليم» أن يتوسط له لدى ليلى مراد، ليستلم «حليم» بعدها خطاب مكتوب بخط يدها تقول فيه: «الفنان الجميل صاحب الصوت المميز عبد الحليم حافظ.. لقد حضر عندي الشاب الملحن بليغ حمدي وقد طلب منى التنازل عن غنوة تخونوه علشان تغنيها في فيلمك الجديد الوسادة الخالية على حد علمي، وعلى فكرة الموضوع كان مفاجأة لي لأني قمت فعلاً بتسجيل الجزء الأول من الغنوة هذا أولا.. وثانيا الأستاذ إسماعيل الحبروك لا بد له من الموافقة .. يعنى الموضوع مش خاص بي ولكن هناك عدة أطراف وهناك شركة اسطوانات والعقد المتفق عليه بيني وبينهم».
وأضافت: «ولكن على فكرة أنا موافقة من ناحيتي أنا .. المهم الأستاذ إسماعيل الحبروك .. أنا هحاول أن أوضح له الأمر وأنا هكون سعيدة بتقديم أي شئ يكون سبب في نجاحك يا عبد الحليم.. أنا سأتنازل عن أي حقوق مادية أو قانونية خاصة بي وطبعا أنا عارفة إن بليغ موافق لأنه هو اللي عرض عليه الموضوع».
وبالفعل أصبحت الأغنية في النهاية هي التعاون الأول بين حليم وبليغ، ليقوم بتلحين مجموعة من أجمل أغانيه لاحقا، أكثرها روعة: حاول تفتكرني.
ولنفس الأغنية حكاية أخرى؛ حيث شكلت بداية إعجاب وردة الجزائرية ببليغ حين سمعت حليم يغنيها في فيلمه «الوسادة الخالية»، لتقول فجأة وبشكل لا إرادي: سأتزوج من صاحب لحن هذه الأغنية، لترتبط بحب عمرها بالفعل بعد سنوات عديدة من ذلك القرار الفجائي.
وصلت الـ30 ومعملتش حاجة؟.. اقرأ الموضوع ده
بعيد عنك حياتي عذاب
«تعالى يا واد .. انت صحيح عملتني كوبري علشان تبعت من خلالي رسالة للبنت اللي بتحبها؟».. بهذه الكلمات داعبت «أم كلثوم» بليغ حمدي عندما رأته، قاصدة بذلك واحدة من أجمل أغانيها «بعيد عنك». وهو ما كان حدث بالفعل؛ حيث شارك بليغ في كتابة الأغنية ليرسل بها رسالة إلى محبوبته «وردة»، ورفض كتابة اسمه عليها. وهو ما كان حدث أيضا في أغاني «أنساك» و«سيرة الحب»، ثم «الحب كله».
اه يا أسمراني اللون
ولم تقتصر رسائل بليغ إلى محبوبته على أغاني «سومة» فقط؛ فكانت أغلب الأغاني التي شارك في كتابتها ولحنها بليغ ما هي إلا مراسيل لحبه الكبير، وحدث أن كانت الفنانة شادية هي مرسال الهوى في واحدة من أشهر أغنياتها: «آه يا أسمراني اللون.. حبيبي يا أسمراني».
بودعك
كانت آخر أغنية يلحنها بليغ في مشواره الفني من نصيب محبوبته «وردة» لتغنيها، والتي كانت من كلماته أيضا. ووقتها، كان بليغ منفصلا عن وردة، وهاربا في باريس بعد انتحار فتاة مغربية تدعى سميرة مليان من شرفة منزله، فبقي في باريس لمدة خمس سنوات، وكعادته، كتب أغنية يرسل بها مرسالا إلى محبوبته الذي ظل يحبها رغم الانفصال، فسطر: «بودعك وبودّع الدنيا معك». وعندما ثبتت براءته في تلك القضية، عاد إلى مصر، ولكن بسبب تدهور حالته الصحية والنفسية، سافر مجددا إلى باريس لاستكمال علاجه، ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك.
بليغ حمدي ملحن مصري احترف العزف علي العود وهو في التاسعة من عمره، ولحن لكبار المطربين، لينال اسمه شهرة واسعة في فترة الستينيات والسبعينيات، وتبقى أشهر أغاني هؤلاء المطربين من تلحين «بليغ حمدي»، وحين توفى في 12 سبتمبر عام 1993 إثر معاناته مع مرض الكبد، نعته جريدة الأهرام في صباح اليوم التالي بالخط العريض: «مات ملك الموسيقى».