شيماء الخولي
شيماء الخولي تكتب: مياو مياو
كنت أجهل سبب رفض أمي القاطع لاقتنائي قط مدلل، وإن أرجعت رفضها دومًا إلى خوفها من القطط! وأنها لا تستطيع تحمل وجود كائنات حية أخرى في المنزل غير البشر!، اعتدت سؤال نفسي إن كان الأمر كذلك لِمَ جعلتني أحتفظ قديمًا بـ"مياو مياو"!
أذكر أول مرة قابلت فيها قطي الجميل "مياو مياو"، كان ذلك في طفولتي البعيدة جدًا داخل منزل أحد الجيران الذين أحبوا مداعبتي في هذا السن الصغير، كان ينظر إلى بدلال ويبتسم، نعم كان يبتسم لي، وحين أتى موعد عودتي لمنزلي تسلل برشاقة غريبة وترك بيته وتبعني في صمت، وبمجرد أن أغلقت أمي باب شقتنا كان يتربع ذلك المدلل على أرجوحتي الصغيرة.
أعتقد أن ذلك القط المشمشي كان صديقي الوحيد في هذه الفترة من عمري، شاركني لهوي وضحكي وأيضًا بكائي، خاصة حينما كانت ترفض أمي إعطائي المزيد من الحلوى، كان يحتضنني ويداعبني بفرائه الناعمة وينتظر انشغالها في طهو الطعام ويتسلل ويحضر لي المزيد منها من أجل إرضائي.
كان قط مثالي لدرجة أنه لم ينس يومًا قبلة ما قبل النوم، وإن كانت ليست كتلك التي يطبعها والداي على وجنتي، لكنه كان يحك كامل وجهه بوجهي ويختبئ خلف سرير أبي وأمي، كان يختار المنتصف بالضبط، ليكون خلفي مباشرة.
أشفقت عليه وحاولت أن أتبعه يومًا في مخبأه السري خلف السرير ولكني فشلت، فالسرير ملاصق تمامًا للحائط، كيف يستطيع هذا المشمشي أن يحشر نفسه في هذا المكان الضيق للغاية كل يوم!
كان لابد وأن أتخذ خطوة جدية تجاه صديقي الذي لم يبخل عليّ يومًا بشئ، قررت أن أطلب من أبي وأمي أن يتركا "مياو مياو" ينام بجانبنا فالسرير بالتأكيد يتسع له، كان يسمعني ذلك المشمشي في صمت، تعجب والداي ولكنهما طلبا مني إحضاره، تهللت أساريري وتوقعت أن يبتهج هو أيضًا، ولكنه نظر إلي نظرة طويلة أخيرة قبل أن يدير ظهره ويحشر نفسه في مخبأة الضيق مجددًا ولكن هذه المرة إلى غير رجعة!
مضت السنوات ولم أنسه ولم أفهم سبب رحيله الطويل، ولازمني أمل عودته لسنوات ليست بقليلة حتى بدأت أفقد الأمل تدريجيًا، وبدأت أفكر في اقتناء قط مشمشي آخر سأدعوه "مياو مياو" أيضًا وفاءً له، ولكنه الطلب الذي قابلته أمي دائمًا بالرفض.
صباح اليوم وضعت خطة محكمة لاستدرار عطف أمي والحصول على الموافقة المنشودة، واجهتها وقلت لها إن كنتي تخافين القطط لِمَ سمحتي بوجود قطي القديم! وتركتِهِ ينام خلف سريرك، كان يداعبني وكنت أحبه، رحل "مياو مياو" وأريد قطًا مثله.
لم تنطق أمي حرفًا ولكنها نظرت تجاهي طويلًا، وعندما طلبت منها ردًا محددًا وبأنني لست مقتنعة برواية خوفها من القطط أخبرتني باستغراب شديد أني لم أمتلك يومًا قِطًا قّطْ!
شيماء الخولي، كاتبة قصة قصيرة