مِهن اختفت رغم حضورها في الأعمال الفنية

مِهن اختفت رغم حضورها في الأعمال الفنية

مثل المهن الحاضرة في مصر وحدها كالسايس والمسحراتي وبائع الروبابيكيا، هناك مهن ظلت معروفة حتى وقت قريب ولكنها اختفت تدريجيا مع مرور الزمن، وبقي الحظ فقط حليفها حين جعلها تظل مستمرة الوجود في الأعمال الفنية رغم غيابها في الواقع. في هذا التقرير من «شبابيك» نستعرض معك بعض هذه المهن.

الخاطبة

امرأة لها كثير من المعارف والأصدقاء، وتجوب بين منازلهم من الحين لآخر، لتحاول العثور على العريس المناسب للعروس المناسبة، متبعة المثل الشعبي المعروف: «يا بخت من وفّق راسين في الحلال»، هكذا عرفت الخاطبة في مصر سابقا.

وفي أعمال فنية يغلب على معظمها الطابع الكوميدي، جسدت بعض الممثلات شخصية الخاطبة؛ لتكن الأشهر بينهن الفنانة نيللي، والتي قدمت 30 حلقة من فوازير تحمل اسم «الخاطبة»، وعرضت في فترة السبعينات. ذلك بجانب الفنانة نادية عزت التي قدمته في مسلسل مطلوب عروسة من إنتاج عام 1990.

كما ظهرت الخاطبة في أعمال فنية أخرى، منها فيلم «ليلة الدخلة»، من إنتاج عام 1950، والذي ألقى الضوء على بعض المشاكل التي قد يسببها الاعتماد الكلي على الخاطبة، مثل اختلاط عنوان منزل العروس عليها، ما جعلها تتوسط للحديث مع أهل عروس آخرين عن طريق الخطأ.

أما الآن فلا يفضل كثيرون الزواج التقليدي، والذي كان للخاطبة دورا فعالا فيه في السنوات السابقة. وفي حالة لجوء بعض الناس إليه، فلا يتم الاستعانة بخاطبة لتيسر الأمر، بل يكون للأهل والأصدقاء والأقارب دور كبير في ذلك عوضا عنها.

ذلك بجانب مكاتب الزواج، وما أطلق المجتمع عليهن لقب «الطنطات» اللاتي تسعى دائما لإتمام عمليات الزواج بين معارفها، وفي بعض حلقات مسلسل «عايزة أتجوز»، الذي عرض عام 2010، جسدت الفنانة نهير أمين إحداهن، والتي عرفت ضمن أحداث المسلسل باسم «طنط حشرية».

كما أن نسبة الإقبال على الزواج باتت ضئيلة في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع أسعار الشقق السكنية، والذهب اللازم لشبكة العروس، وتكاليف الحياة بصفة عامة.

الملقن

وفوق خشبة المسرح، كان الملقن يحتل أهمية لا تقل عن كل من الممثل والمخرج؛ حيث يجلس بداخل الكمبوشة المخصصة له، ناقلا تركيزه بين الجمل التي يقولها الممثل وتلك التي كتبها المؤلف بداخل النص المسرحي الذي يحمله بين يديه، ليظل يذكّر الممثل بالجمل التي ينساها سهوا.

وتضمنت بعض الأعمال الفنية مشاهد توضح أهمية الملقن بداخل المسرح؛ فظهر ذلك في مشهد من فيلم «إشاعة حب» من إنتاج عام 1959؛ حيث ظل الملقن يحاول الحد من فوضى انتشرت فوق خشبة المسرح عن طريق تذكير الممثلين بالنص المسرحي المطلوب منهم أدائه.

وكانت تلك المحاولة هي ذاتها التي ظهرت في مشهد من الفيلم الكوميدي «أكاذيب حواء»، من إنتاج عام 1969؛ حيث جسد شخصية الملقن الفنان محمد عوض.

كما قام كلا من الفنانين محمد الشرنوبي، وصبري فواز بتجسيد شخصية الملقن في مشاهد مختلفة من حلقات مسلسل «أفراح القبة»، والذي عرض في شهر رمضان من عام 2016.

أما الآن، فلا يوجد كمبوشة في المقام الأول حتى يجلس الملقن بداخلها؛ فقد استغنى المسرح عن كليهما في ظل السماح بالارتجال الفوري عوضا عن الالتزام بالنص المسرحي، وهو ما يلجأ إليه جميع ممثلي المسرح الآن.

عازف البيانولا

وفي الشوارع المختلفة، كان عازف البيانولا يجوب الشوراع بآلته الموسيقية المحبوبة من الجميع، ليظل يصدر الموسيقى المبهجة في ظل متابعة المستمعين له وخاصة الأطفال منهم.

وفي أكثر من عمل فني، جسد أكثر من ممثل شخصية عازف البيانولا؛ وكان أشهر تلك الأعمال فيلم «سمع هس»، من إنتاج عام 1991.

وكذلك رقصت الفنانة الاستعراضية «كيتي» على أنغام الموسيقى التي يعزفها عازف البيانولا في مشهد من فيلم «إسماعيل يس للبيع»، من إنتاج عام 1957.

كما جسد الفنان عبد المنعم مدبولي شخصية «حسب الله»، عازف البيانولا في مسرحية «ريا وسكينة»، والتي عرضت عام 1983، مغنيا على أنغامها «ومن الشباك شغلتني عيونه».

أما الآن فلا يوجد حضور لعازف البيانولا أو للبيانولا ذاتها في الشوارع المصرية، بل تنوب عنها بعض الفرق الاستعراضية والغنائية التي تقدم عروضا بالشارع، بجانب بعض عازفي الآلات المختلفة مثل عازف الكمان، أندرو عاطف.

الطرابيشي

ومنذ حكم محمد علي باشا، أصبح الطربوش تدريجيا اكسسوارا رسميا للباشوات والبكوات في مصر عند خروجهم من منزلهم، إلى أن أصبح الاكسسوار الرسمي للأفندية كذلك؛ ما توجب وجود مهنة الطرابيشي الذي كان يتولى صناعة الطربوش وإصلاحه في حالة تلفه، وكيه، وما إلى ذلك.

وبالرغم من انتشار ارتدائه في فترة الأربعينات تحديدا، لم تلقِ السينما المصرية الضوء على مهنة الطرابيشي على النحو الكافي، باستثناء فيلم «منديل الحلو»، من إنتاج عام 1949، والذي ظهر فيه الفنان إسماعيل يس مجسدا شخصية طرابيشي.

وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952، صدر قرار بمنع ارتدائه، ما أدى إلى قلة العاملين في تلك المهنة، ليبقَ عملهم قاصر على البيع لبعض الشيوخ وقارئي القرآن الذين يفضلون ارتدائه إلى الآن، بجانب استخدامه في التمثيل، ولحفظ التراث الشعبي أيضا؛ حيث يأتي بعض السياح لزيارة الأماكن المعروفة بتصنيعه وبيعه مثل خان الخليلي.

مبيض النحاس

في وقت كان ينتشر فيه استخدام الأواني والأوعية النحاسية، كان من الضروري وجود مهنة كمهنة مبيض النحاس، والذي يقوم يقوم بتنظيفها من البقع الخضراء التي تتكون على أسطحها.


وتم الإشارة إلى مهنة مبيض النحاس في فيلم «الستات مايعرفوش يكذبوا»، من إنتاج عام 1954، حين قالت «نبوية»، والتي جسدتها الفنانة هند رستم، أن والدها يعمل «مبيض نحاس.. طول النهار يلف في النحاس ويدعكه وإحنا يا حسرة ماعندناش ريحة النحاس».

ومع ظهور الأواني الألومنيوم، تم الاستغناء عن الأواني النحاسية تلك، لتنقرض معها مهنة مبيض النحاس. بينما ظل النحاس يستخدم في صناعة التحف الفنية، والتي يكثر بيعها في منطقة خان الخليلي.

الإسكافي

وقديما، كان كل ما يتعلق بالأحذية بداية من اخذ المقاسات وصولا إلى تصنيع الحذاء المناسب وفقا لتلك المقاسات، من اختصاص الإسكافي.

وظهرت تلك المهنة في الأعمال الفنية من خلال فيلم «منديل الحلو»، والذي ظهر فيه الفنان عبد العزيز محمود مجسدا شخصية «الأسطى عزوز الإسكافي»، وفي مسلسل «حديث الصباح والمساء»، الذي عرض عام 2001، والذي قام فيه الفنان أحمد خليل بأداء شخصية «الأسطى عطا الإسكافي».

ومع انتشار مصانع الأحذية الجاهزة المحلية والمستوردة من الخارج، انقرضت تلك المهنة إلى الأبد.

الدلالة

وكان هناك امرأة معروفة بشراء الأقمشة التي تناسب زبائنها من السيدات، ثم تقوم ببيعها لهن ليقمن بدورهن بتفصيلها إلى أنواع الملابس التي يريدونها. وكانت السيدات يلجأن إليها بحكم خبرتها في مجال الموضة وتناسق الألوان.

وألقت مسرحية «ريا وسكينة» الضوء على تلك المهنة، من خلال مشهد تشكو فيه «ريا»، والتي جسدتها الفنانة شادية، من الإرهاق بسبب ذهابها لشراء الأقمشة التي تحتاجها معارفها من الأسواق.

أما الآن، فحلت محل الدلالة «الاستايليست» التي أصبح لها أماكن عمل مشهورة، ذلك بجانب محلات الملابس الجاهزة المنتشرة في كل مكان.

السقا

وعرف «السقا» بحمله لقرب وأوعية من الماء العذب فوق ظهره ليطوف بها في الشوارع ويوصلها إلى المناطق السكنية المختلفة.

وتعد أشهر الأعمال الفنية التي ظهرت فيها مهنة «السقا» هو فيلم «السقا مات»، من إنتاج عام 1977، والذي قام فيه الفنان عزت العلايلي بتجسيد شخصية «شوشة السقا».

وبدأت تلك المهنة تختفي تدريجيا منذ إنشاء شركة المياه عام 1865، والتي أمدت خطوط لتوزيع المياة في أحياء القاهرة.

مصوراتي الشارع

وحاملا كاميراته، اعتاد رجل على الطواف بداخل الشوارع المختلفة بهدف تصوير الناس وإعطائهم صورهم مقابل مبلغ من المال.

وكان فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»، من إنتاج عام 1998، هو أشهر الأفلام التي ظهرت فيها تلك المهنة، من خلال شخصية «سيد المصوراتي»، والتي جسدها الفنان أحمد زكي.

أما الأن، ومع انتشار الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات، بجانب الكاميرات الديجيتال والأخرى البروفيشينال، لم يعد هناك حاجة لوجود مهنة مثل «مصوراتي الشارع».

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.