ماتفوتكش.. مواقف لـ«مزاجنجي السينما» محمود عبد العزيز مع المشاهير

ماتفوتكش.. مواقف لـ«مزاجنجي السينما» محمود عبد العزيز مع المشاهير

بمجرد أن يطل محمود عبد العزيز في فيلم سينمائي أو مسلسل تليفزيوني، يشعر من يشاهده أنه يعيش لحظات تجلي مرتجلة ومنفصلة تماما عن الواقع، فالتمثيل لديه ليس مجرد حالة من التقمص، بل إنه حالة من "الانبساط"، جعلته يؤدي شخصيات عدة بطريقة تلقائية خفيفة الظل وقريبة إلى القلب، ليصبح النجم الأوحد الذي "مسه سحر ما" استطاع بفضله أن "يعمل دماغ" للفن، في نظر كثير من المشاهدين.

مواقف عدة جمعت بين "مزاجنجي السينما" وبين أصدقائه ومعارفه من الفنانين خارج الكادرات السينمائية؛ بينها تلك التي كانت مع نور الشريف ورأفت الميهي ومعالي زايد.. نرصد لكم في هذا التقرير أبرز تلك المواقف

رأفت الميهي:

أثناء الاستعداد لتصوير مشهد من فيلم "سمك لبن تمر هندي" في أواخر الثمانينات، فوجئ "عبد العزيز" بالمخرج رأفت الميهي يقول له: "انت دلوقتي خرجت من المواسير بعد ما فضلت تلف فيها على مدار 24 ساعة متواصلة"، ليرد "عبد العزيز": خرجت من إيه؟!، فيأتيه رد "الميهي": المواسير بعد 24 ساعة. وبعدها صعد "عبد العزيز" إلى غرفة المكياج، ليقابل معالي زايد في طريقه، ويقول لها ضاحكا: "مخرجنا ده مجنون.. نعمل اللي هو عايزه وخلاص".

ثم نزل عبد العزيز، من غرفته بعد عدة دقائق، ليؤدي لقطة يصور فيها ضيق أنفاسه إثر البقاء بداخل المواسير لمدة 24 ساعة. وعن تلك اللقطة، قال "الميهي": هي أروع اللقطات في الفيلم.

ذلك "الفيلسوف" كما غنت له سعاد حسني في فيلم المتوحشة، أكد "الميهي" أنه وجد نفسه معه و"معالي زايد"، ليكون الثلاثي صداقة فنية قوية، ويصبح "الميهي" معهما على موجة فنية واحدة، فظل يستغل شعبيتهما لطرح أفكاره الفنتازية الساخرة من الواقع، ذلك بجانب إشادته بقدرتهما على تقمص شخصياته التي يكتبها على الورق.

وظهر ذلك القبول الجماهيري الذي تمتع به "عبد العزيز"، وتحدث عنه "الميهي"، في بقاء اسم الساحر منافسا للزعيم عادل إمام لدى شباك التذاكر دائما، ومن خلال تقليد شريحة كبيرة من الشباب لتسريحة شعره من مسلسل رأفت الهجان، ومحاولة كثير من معجبيه تقليد ضحكته المميزة في فيديوهات مختلفة.

معالي زايد:

في حوار تليفزيوني لها، سبق وصرّحت الفنانة معالي زايد بأن محمود عبد العزيز ارتجل مشهد رقصه على أغنية أحمد عدوية "زحمة يا دنيا زحمة" في أشهر مشهد من فيلم "الشقة من حق الزوجة"، ما جعلها تضحك ونبيلة السيد والمخرج عمر عبد العزيز وطاقم العمل بشدة أثناء التصوير.

وبعد أدائه العبقري لذلك المشهد، أصبح محمود عبد العزيز هو الأكثر حضورا في أذهان مستمعي تلك الأغنية عوضا عن تخيلاتهم لعدوية ذاته أثناء غنائها.

ومثل ما حدث مع "عدوية"، بقت أغنية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ "أول مرة تحب يا قلبي"، مرتبطة بـ"عبد العزيز" لدى جمهوره، لأنه ذكرها في أحد مشاهد الفيلم ذاته، حين قال أثناء استماعه إليها: "أنا بحب الغنوة دي قوي يا كريمة".

أحمد زكي:

وبحسب رواية المخرج عمر عبد العزيز، الصديق المقرب لساحر السينما ومخرج فيلميه "الشقة من حق الزوجة" و"المجنونة"، في الوقت الذي كان فيه "عبد العزيز" يصوّر "الشقة من حق الزوجة" معه، كان الفنان أحمد زكي يصور فيلم "المدمن" في مكان قريب منهما، وأتى لمشاهدة "عبد العزيز" أثناء تصوير الفيلم، ليقول لمخرجه: "أنا زعلان قوي وغيران من محمود.. ليه ماجبتنيش في الفيلم ده؟"، ليرد الساحر على تعليقات "زكي" بابستامته الجذابة المعروفة.

وهذه ليست المرة الوحيدة التي أشاد فيها أحمد زكي بمحمود عبد العزيز، ففي حفل مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1990، وعندما أعلن الفنان سمير صبري عن فوز "الشيخ حسني" بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "الكيت كات"، وقف الفنان أحمد زكي فوق خشبة المسرح معلنا أنه عندما شاهد فيلم "الكيت كات"، نسي أن من يجلس بجواره بداخل قاعة السينما هو الفنان محمود عبد العزيز، بل هو الشيخ حسني الموجود بداخل الفيلم بكل أشجانه وفرحه وعذاباته، وأكد أنه توحد مع الشخصية بدرجة رائعة استحق ان يحصل على جائزة تقديرا لروعة أدائه لها، بل هو يستحق جائزة الأوسكار أيضا.

وحين بدأ أحمد زكي غناء "كابوريا" فوق خشبة مسرح الحفل ذاته، صفق له "عبد العزيز" بشدة ومعه كلا من نور الشريف وسمير صبري، وذلك ما فعله "زكي" أيضا حين بدأ "عبد العزيز" غناء "يا ملتقى الصحبة" و"درجن درجن".

وروت الناقدة السينمائية ماجدة خير الله أنه بعد مشاهدة "عبد العزيز" لفيلم "حليم" في أحد قاعات السينما عام 2006، شاهدته يبكي بحرقة عقب انتهاء الفيلم.

يحيى الفخراني:

أما عن رفيق فيلمه المحبوب "الكيف"، وأفلام "نص أرنب" و"إعدام ميت"، الفنان يحيى الفخراني، فتروي الناقدة ماجدة خير الله أنه بعد انسحابه من فيلم "الذل" قبل أيام قليلة من بداية التصوير، رفض الحديث للصحافة تماما كي لا يكون سببا في إحراج أي من "الفخراني" الذي ذهب إليه الدور بعده، أو المخرج الشاب وقتها محمد النجار، أو المؤلف محمود أبو زيد الذي عمل معه في ثلاثية "العار" و"الكيف" و"جري الوحوش".

وفي حوار سابق لـ"مزاجنجي السينما" لمجلة "لها"، صرّح أنه أعجبه النجم يحيى الفخراني في مسلسل "دهشة"، وأكد أنه "لا يحتاج إلى شهادة أو كلام منه في أدائه وتمثيله، لأنه "عبقري تمثيل". كما قال إنه يحب مشاهدته دائما.

نور الشريف:

في الفترة التي سبقت وفاته، قال الفنان النور الشريف إنه في أحد المرات كان يمر بجوار بلاتوه، فسمع شخص يمثل مستخدما طبقة صوت صحيحة مائة في المائة بشكل مبالغ في الإتقان، ولم يكن يعرف من صاحب ذلك الأداء الصوتي المبهر، ليدخل البلاتوه ويكتشف أنه محمود عبد العزيز، فانتظره حتى انتهى من أدائه، وذهب إليه ليقول له: "يا محمود.. انت أكبر من كل حاجة عملتها في حياتك".

علي عبد الخالق:

في ثلاثية أفلام "العار" و"الكيف" و"جري الوحوش" التي ألفها "محمود أبو زيد"، وأخرجها للسينما "علي عبد الخالق"، كان محمود عبد العزيز هو النجم الوحيد الحاضر في جميعها متنقلا في خفة بين شخصيات "الدكتور عادل" و"المزاجنجي جمال أبو العزم" و"عبد القوي".

ولم تكن تلك الأفلام الثلاثة فقط هي ما أخرجها له "عبد الخالق"؛ حيث أخرج له حوالي خمسة أفلام آخرون هم "إعدام ميت" و"الجنتل" و"النمس" و"الأبالسة" و"السادة المرتشون"؛ ما جعله يكتشف سر تحضيره للشخصيات العديدة التي قام بتجسيدها فنيا ألا وهو "كراسة التحضيرات".

روي "عبد الخالق" أن "عبد العزيز" كان يدوّن كل شئ خاص به سينمائيا في كراسة التحضيرات تلك؛ بداية من المشهد وحالته الانفعالية إلى الراكور والملابس والاكسسوارات، وتفاصيل تطور شخصيته السينمائية من المشاهد التي تم تصويرها بالفعل، وذلك لكي يظل محافظا على ضبط إيقاع الشخصية.

واعتبر المخرج السينمائي فيلم "إعدام ميت" من أكثر الأدوار التي أرهقت "عبد العزيز"، فبجانب تحضيره الدقيق لكي يستطيع أداء شخصيتي "الجاسوس" و"الضابط"، كان يصوّر في كثير من الأحيان الشخصيتين معا في ليوم ذاته، محافظا على ضبط أدائه الانفعالي بهما.

وربما يرجع رأي مخرج فيلم "الكيف"، في محمود عبد العزيز حين قال إن كل الأدوار تليق عليه بنسبة 100%، مطلقا عليه "الجوكر"، ومشيدا بذكائه في اختيار أدواره السينمائية، لحقيقة أعلنها "عبد العزيز" عن ذاته في أحد حواراته الصحفية حين قال إنه "يهتم دائما بالمواضيع الإنسانية التي تكون مغلفة بالأسلوب الكوميدي".

كما روي "عبد الخالق" أنه خلال تصوير فيلم "الأبالسة"، اكتشف طاقم العمل خفة الظل الرهيبة التي تمتع بها "محمود عبد العزيز"؛ ما جعل "عبد الخالق" يفكر في توظيفها سينمائيا؛ ليكون "العار" هو أول تلك الأدوار السينمائية.

وساعدته خفة ظله المعهودة تلك على الحصول على قبول جماهيري واسع المدى بمجرد ظهوره أمام الكاميرا، حتى في ظل صمته التام، بدون أن ينطق بكلمة واحدة. فكانت تعبيرات وجهه كافية لخلق حالة من الضحك الهيستيري بين مشاهديه، وهو ما اتضح حين قام بأداء مشاهد مثل رقصته في فيلمي "الشقة من حق الزوجة" و"سيداتي آنساتي"، ووضع رأسه تحت صنبور الماء وذهابه للنوم بجوار حارس العقار في فيلم السادة الرجال، ومشهد صفعاته المتكررة للمحيطين به في فيلم "البحر بيضحك ليه"، ومشهد كيفية تلقيه لسماع الأخبار السيئة المتتالية في فيلم خلطبيطة.

مجدي أبو عميرة:

وأشار مخرج مسلسله "محمود المصري" مجدي أبو عميرة إلى كراسة التحضيرات تلك أيضا، قائلا إنه كان يكتب بداخلها ملابس كل مشهد ولا يعتمد على مشاعد المخرج المتخصص في "الراكورات" وحده. كما أكد أنه كان يصر على إعادة المشهد بالكامل في حالة وجود خطأ ما كي يحافظ على وحدة الإحساس.

كما شهد "أبو عميرة" على حرص ساحر السينما على احترام وتقدير أصغر عامل في المسلسل، مستعينا بخفة ظله التي كانت تهون على الجميع متاعب التصوير.

سلوى خطاب:

ظهرت الفنانة سلوى خطاب مع "مزاجنجي السينما" في أكثر من عمل فني مثل مسلسل "رأفت الهجان" وفيلم "الساحر" ومسلسل "جبل الحلال"، وبجانب كونه صديق عزيز لديها، اعتبرته "خطاب" في مثابة "الأستاذ" و"المعلم الكبير" الذي استفادت منه كثيرا على مستوى الأداء الفني.

وروت "خطاب" أنه في أحد أيام تصوير "جبل الحلال"، كان الجميع يجلس على السفرة أمام "عبد العزيز" أثناء تأديته لمونولوج ضمن لقطات المسلسل، وفوجئت "خطاب" بكحة تهاجمها، فظلت تقاوم ظهورها كي لا تتسبب في مقاطعة أدائه، حتى أطلقتها بغتة فور انتهائه من الأداء، ليقول لها "عبد العزيز": "ومانعاها ليه كل ده.. طيب ما كنتي تقولي".

أحمد السقا:

اعتبره الفنان أحمد السقا بمثابة الأب له، ووقف فوق خشبة المسرح في العرض الخاص لفيلمه "إبراهيم الأبيض" الذي جمعه به وعُرض في مايو 2009، ليقول: "افرحي ياااماااا.. أنا اشتغلت مع محمود عبد العزيز".

يذكر أن محمود عبد العزيز ممثل مصري من مواليد غرب الإسكندرية عام 1946، وتوفى في يوم 12 نوفمبر من عام 2016.

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.