البطولة الثانية.. فنانون لا يعلو على بريقهم نجوم الشباك
في صناعة أفلام السينما جيدة المستوى، لا يمكن الاهتمام بعنصر على حساب بقية العناصر المكملة لإنتاجها؛ ولأن المخرج هو رب العمل الفني، فتقع على عاتقه مسؤولية خلق تلك المعادلة التي يلعب بداخلها التوازن دورا رئيسيا.
ورغم تسابق الممثلين لكي يصبحوا نجوم الصف ليذهب الجمهور إلى دور العرض لمشاهدتهم في المقام الأول، هناك منهم من يجتهد في تقديم الأدوار الثانية، لتظهر بشكل يتفوق فيه على ممثل الدور الرئيسي بالفيلم، لتبقى جمل وتصرفات تلك الشخصيات عالقة في أذهان الجمهور فور مشاهدتها.
عبد السلام النابلسي وعبد الحليم حافظ
رافق الفنان عبد السلام النابلسي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في أكثر من فيلم سينمائي؛ بينهم «ليالي الحب»، و«فتى أحلامي»، و«يوم من عمري»، و«حكاية حب»، و«شارع الحب».
وبحسب ما ورد في المجلة المصرية «الفن» في الذكرى الـ21 لرحيل العندليب الأسمر في مارس عام 1998، فإن اختيار «النابلسي» لمشاركة «عبد الحليم» في أفلامه كانت فكرة الأخير، وذلك حين رشح منتج ومخرج فيلم «ليالي الحب» حلمي رفلة الفنان الكوميدي إسماعيل يس للظهور مع العندليب، ليرفض الأخير ذلك الأمر بلباقة قائلا إنه في قمة الشهرة في ذلك الوقت، ويصنع أفلاما تحملا اسمه ويقوم فيها بأدوار البطولة، فإما إنه سيرفض الظهور في أدوار ثانية أو إنه سيطغى حضوره على العندليب وهو في بداية مشواره السينمائي بعد فيلمي «لحن الوفاء» و«أيامنا الحلوة»، وهنا رشح «النابلسي» المشهور بخفة دمه وأدائه المبتكر الذي سيضيف للفيلم، ووافق «رفلة» على طلبه ذلك.
محمود المليجي وفريد شوقي
لا يوجد بين جماهير السينما ونقادها من يختلف على الموهبة العبقرية للفنان محمود المليجي، ولكونه فنانا ذكيا لم يفكر يوما في تجربة القيام بأدوار البطولة المطلقة والمنافسة على لقب «نجم الشباك»، لأنه يعرف أن حجم الدور لا يدخل في مقارنة مع مدى إتقان الممثل لأدائه.
نبيل الهجرسي ومحمد عوض
وجنبا إلى جنب، رافق الفنان خفيف الظل نبيل الهجرسي الفنان الكوميدي محمد عوض في الكثير من أعماله السينمائية والمسرحية؛ مثل أفلام «أجازة بالعافية»، و«غرام في الطريق الزراعي»، و«شيلني وأشيلك»، ومسرحيات «أصل وصورة» و«نمرة 2 يكسب»، و«شارع أفراح الأحزان» و«العبيط» و«الطرطور».
وكان «الهجرسي» تجمعه صداقة قوية بـ«عوض»، ما جعله يقول في حوار سابق له إنه فقط يحب التمثيل معه.
سعيد صالح وعادل إمام
وبالرغم من ظهوره مجسدا الدور الأول في الكثير من الأفلام السينمائية، وبطلا للعديد من المسرحيات الكوميدية، لم يبخل عبقري الكوميديا سعيد صالح قط على أن يظهر مع صديق عمره الزعيم عادل إمام في أفلام سينمائية قام ببطولتها الأخير، أشهرها «سلام يا صاحبي» و«على باب الوزير»، و«الهلفوت»، و«المشبوه»، و«رجب فوق صفيح ساخن»، و«أنا اللي قتلت الحنش».
وشكل رفيقي مسرحية «مدرسة المشاغبين» ثنائي محبوب لدى الجماهير، ولكن عاب الكثير من النقاد ظهور سعيد صالح في أدوار ثانية لأن موهبته تؤهله كي يصبح نجم شباك من الدرجة الأولى، وليس «سنيدا» للزعيم.
محمود القلعاوي ومحمد صبحي
كما جمعت بين الفنان محمود القلعاوي ومحمد صبحي عدة أعمال فنية، مثل أفلام «علي بيه مظهر و40 حرامي» و«العبقري خمسة»، ومسرحيتي: «الجوكر» و«أنت حر»، ومسلسل «رحلة المليون»، ما جعل علاقة صداقة قوية تربطهما سويا في الحياة الواقعية كذلك.
وأحب الجمهور تلك الأعمال التي جمعت «القلعاوي» بـ«صبحي»، لما يتمتع به الأول من خفة ظل وقدرة مبتكرة على الارتجال. كما أشاد النقاد بأدائه في تلك الأدوار جميعها. ولم يشغل «القلعاوي» باله يوما بأن يكون نجم صف أول، بل كان أكثر ما يشغل باله هو وجود دور مناسب يبذل فيه الجهد المطلوب لتصبح النتيجة مرضية للجميع.
خالد صالح وأحمد السقا
ظهر الفنان خالد صالح مع أحمد السقا في 6 أفلام سينمائية، بينها «تيتو»، و«حرب أطاليا»، «ابن القنصل»؛ واستطاع من خلالها أن يوضح مدى قدرته على الأداء التمثيلي على نحو بالغ الإتقان؛، ما جعل الجمهور يتذكر جملا له في هذه الأفلام أكثر من تلك التي قالها «السقا»، مثل «أنا بابا يلا»، و«اهرب يا ياسين.. ربنا معاك»، و«معاك يا ابن القنصل».
وتقول الناقدة الفنية ماجدة موريس إنه لكي يبقى الممثل «نجم صف أول ونجم شباك»، فهناك اعتبارات كثيرة لذلك، أهمها توفر الكاريزما لتجعل الجمهور يتقبله عندما يقوم ببطولة فيلم سينمائي عقب أدائه لأدوار ثانية متنوعة في أفلام مختلفة، واستعداد بعض المنتجين للمغامرة بالانتقال من ممثل ما من الأدوار الثانية إلى الأدوار الرئيسية، وذلك لأن السينما فن وتجارة أيضا، وخاصة بالنسبة إلى المنتجين.
ونفت «موريس» أن يكون للأدوار الثانية علاقة بالتمثيل غير الجيد، فأشهر أمثلة على ذلك الفنان محمود المليجي الذي لم يختلف شخص على قدراته التمثيلية، ولكنه كان لديه من الذكاء ما يجعله يفضل تلك الأدوار على الرئيسية، ويتفوق بأدائه على نجوم الصف الأول.
وأكدت «موريس» أن أكبر دليل على ذلك هو وجود جوائز لفئات أفضل ممثل مساعد في المهرجان القومي للسينما المصرية، والجمعيات السينمائية، مثل: «جمعية الفيلم» و«جمعية نقاد السينما المصريين» و«مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما»، فالتكريم مرتبط بمدى إتقان الدور، وليس بحجمه.