عقبة بن نافع في مناهج التعليم.. ضرورة تربوية أم رجعية؟
أثارت تصريحات رئيس جامعة القاهرة، الدكتور جابر نصار، عن التابعي عقبة بن نافع، اهتمام الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي قال فيها «إن تدريس قصة عقبة بن نافع وعنترة بن شداد يعتبر حشوا بالمناهج الدراسية تدرّس منذ 100 عام، وليس بها أي فكرة تجدي الطلاب ويجب استبدالهما بتجربة طلعت حرب في الاقتصاد».
قصة التابعي عقبة بن نافع يدرسها طلاب الصف الأول الإعدادي، وقسمت وزارة التربية والتعليم القصة إلى عدة دروس وهي: «بطولة مبكرة، عقبة في طريقه إلى برقة، رسالة عقبة إلى عمرو، الزحف على طرابلس، عقبة يتولى القيادة، عقبة والدعوة الإسلامية، جيش العبادلة، موقعة سبيطلة».
مقدمة القصة ذُكِر فيها «لقد استطاع عقبة بن نافع أن يحقق انتصارات مذهلة بفضل إيمانه برسالة الإسلام الخالدة وثقته بالله تعالى وعزيمته وإصراره، فقد أبلى أحسن البلاء في فتح الشام ومصر ومنها إلى إفريقية رافعا راية الحق والنور مضيئا جنبات الكون برسالة الحب والسلام ورسالة الإسلام الخالدة.
فهل القصة لا تصلح إلا للقراءة فقط ولا تبني الطالب فكريا كما قال رئيس جامعة القاهرة، أم أنها تبرز معاني السماحة الإسلامية وترميز القيادة الإسلامية ما يعود على الطالب بترسيخ هذه المعاني في تكوين شخصيته كما تقول وزارة التربية والتعليم؟
قدوة عسكرية وحضارية
اختلف أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، الدكتور عبد الغني زهرة، مع ما صرح به رئيس جامعة القاهرة، واعتبر أن تدريس شخصية عقبة بن نافع مهم لطلاب التعليم الأساسي.
وقال إن «بن نافع» ليس مجرد قائدا عسكريا وإنما معلما حضاريا أسس مدينة القيروان وجعلها مدينة العلم وتدريس علوم الدين.
وأوضح «زهرة» أن الطالب في مرحلة التعليم الأساسي يحتاج إلى الاقتداء بشخصية سياسية وعسكرية وحضارية، وهو ما جمعه عقبة بن نافع بخلاف طلعت حرب الذي اقتصر على النواحي الاقتصادية فقط.
تكامل الشخصيات التاريخية والمعاصرة
وقال رئيس قسم الشريعة بكية دار العلوم جامعة القاهرة، الدكتور أحمد موافي، إنه لا يوجد تناقض في تدريس شخصيات تاريخية إسلامية وشخصيات معاصرة لتتكامل الصورة لدى الطلاب، لافتا إلى أنه لا يمكن الاقتصار على دراسة التاريخ وإغفال الواقع أو العكس.
وأوضح أن أي نظام تعليمي يقوم على تحقيق أهداف الدولة، فإذا كان هدف الدولة ترسيخ قيم العدل والشجاعة والصدق والأمانة، اختارت المناهج والقصص التاريخية التي تحقق هدفها، سواء أكانت تاريخية أو معاصرة.
«عقبة ملهم للشباب». هكذا يرى أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر شخصية التابعي عقبة بن نافع في كونه أعطى مثالا قويا في التضحية من أجل الأوطان، مضيفا أنه في كل العصور يحتاج الشباب إلى شخصية ملهمة في كل المجالات ومؤثرة في التاريخ ككل مثل «بن نافع».
بينما اعتبر «موافي» أن من حق الدولة في كل مرحلة من المراحل أن تضع القيم التي تحتاجها وتختار الشخصيات التي تساعدها في تحقيق هذه القيم، مشددا على ضرورة اختبار المناهج كل فترة وتغييرها إن لم تحقق ما ترجوه الدولة.
ولفت إلى أن مصر في الوقت الحالي تحتاج إلى بناء شخصية تساعد في بناء الدولة وتقدم اقتصادها وزرع قيم التراحم والتسامح بين المواطنين.
عقبة بن نافع الفهري القرشي أحد أبرز قادة الفتوحات الإسلامية، وقد فتح معظم ما يعرف الآن بالمغرب العربي، وقتل على يد الأمازيغي كسيلة بن لمزم في 63 للهجرة عن عمر ناهز 64 عاما.
وطلعت حرب (1867-1941) اقتصادي ومفكر وبرلماني مصري، وهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات التابعة له وينظر له باعتباره أب الاقتصاد المصري، ومحرر ذلك الاقتصاد من التبعية الأجنبية.
شو إعلامي
وهاجم أستاذ المناهج والتربية بجامعة عين شمس، الدكتور حسن شحاتة، تصريحات رئيس جامعة القاهرة واعتبرها «شو إعلامي» ربما يفتح مجالا للتشكيك في أن مصر تحارب الرموز الإسلامية، وأن قراراته تثير الخلاف دائما.
ويؤكد أن اختيار الموضوعات والقصص في المناهج تعتمد على أسس علمية وتربوية ونفسية، وأن قصة عقبة بن نافع تزرع قيم الانتماء والوطنية وحب الوطن والدفاع عنه.
وأشار «شحاتة» إلى أن الطلاب والمدرسين والأهالي لم يشتكوا من وجود قصة عقبة بن نافع في المنهج، وأن السبب في استمرار وجودها هو حصول النتيجة المرجوّة من ورائها بجعلها قدوة للطلاب في مجالات السلام والحرب والحضارة.
وأثارت العديد من تصريحات وقرارات رئيس جامعة القاهرة، الدكتور جابر نصار، الرأي العام وكان آخرها قرار حذف خانة الديانة من الأوراق الرسمية ومنع المنتقبات من التدريس بالجامعة.