مجمع اللغة العربية - في اليوم العالمي للغة العربية

مجمع اللغة العربية - في اليوم العالمي للغة العربية


«للعربية رب يحميها» شيوخ اللغة يبكون على أطلالها.. فهل من منقذ؟

في قاعة مكتظة  بمن تخطّوا سن الستين، تلفّظ شيوخ اللغة العربية في احتفالية غلبت عليها مظاهر «التأبين»، عن مناقب اللغة وماضيها العريق، وواقعها «المرير» غير متفائلين بالمستقبل القريب.

أحدهم ناشد بإعادة «الهواء إلى الرئة»، وآخر تملك حديثه اليأس فاستسلم مرددا «للغة العربية رب يحميها»، بينما دعى رئيس مجمع اللغة العربية حسن الشافعي، الجميع للكف عن البكاء على الأطلال.

عقد مجمع اللغة العربية بمقره في حي الزمالك بالجيزة اليوم الثلاثاء حفلا اعتاد أن يقيمه سنويا منذ عقود، بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية المحدد له 18 ديسمبر من كل عام.

غياب الشباب

يغيب الشباب عن مجمع اللغة العربية المؤلف من أربعين عضوا، ويتغيب من هم في سن الشباب وطلاب اللغة عن المؤتمر، يُستثنى من ذلك أربعة طلاب من كليتي دار العوم والآداب بجامعة القاهرة حضروا يشكون إهمال اللغة.

يتبادلون كؤوس الأسى والحزن

تحدث «الشافعي» صاحب الـ86 عاما، عن تاريخ اللغة في مصر قبل الفتح الإسلامي وعصر صدر الإسلام من خلال القبائل العربية الناطقة بها في سيناء والصحراء الشرقية، واعتبرها أعرق اللغات.

«لا نريد أن نلتقي كل عام ونتبادل كؤوس الأسى والحزن على اللغة العربية وكأننا في مأتم» تحذير ينقله رئيس مجمع اللغة العربية عن الشاعر الراحل فاروق شوشة عضو المجمع السابق. إذ ينبغي التواصي بأن يكون هناك شيئا عمليا ينقل اللغة.

وطلب تبني إنشاء القانون الموحد لحماية اللغة العربية كمشروع قومي، ويوجب على جميع المؤسسات المدنية الالتزام به، وإجراء اختبارات لغة لكل موظف في الجهاز الإداري للدولة.

«اللغة في خصام مع ناطقيها»، «بداية انتحار الأمم يبدأ بانحدار مستوى وقيمة لغتها بين أبنائها والمتحدثين بها» هذا ما يراه عضو المجمع حافظ شمس الدين وهو أستاذ في كلية العلوم.

صلاحيات لمجمع اللغة لا تعترف بها الدولة

يعطي القانون المعدل عام 2008 لتوصيات مجمع اللغة العربية الصفة الإلزامية لجميع المؤسسات، غير أن «حسن الشافعي» يشتكي من تجاهل مؤسسات انفاذ القانون لدور مجمع اللغة العربية وتهميشه لدرجة تبلغ حد عدم الاعتراف بوجوده، إذ حدد القانون له صلاحية تصويب وتوقيع الجزاءات على جميع المؤسسات المدنية والتعليمية في حال أخطأت أو تجاوزت اللغة العربية في مضمون تعاملاتها.

للكنيسة المصرية دور بتفعيل اللغة العربية في جميع تعاملاتها بشكل رسمي منذ مطلع القرن الرابع الهجري، وفي هذا الصدد يذكّر رئيس المجمع بأن ممثلي الكنيسة في اللجنة التأسيسية لوضع دستور عام 1923 كانوا أكثر حماسا في اعتماد العربية كلغة رسمية للبلاد.

الملك فؤاد أصدر في منتصف الثلاتينيات مرسوما خاصا عن علامات الترقيم، ويقرر مجمع اللغة العربية أن «مصحف الملك» الأدق والأفضل لغويا وترقيما على الإطلاق.

عبدالناصر يحارب التغريب بقانون اللافتات

في عام 1958 أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مرسوما بشأن الحفاظ على اللغة،  عُرف بقانون اللافتات، ويوجب في مادته الأولى كتابة اللافتات والإعلانات باللغة العربية الفصحى دون الإنجليزية، ولا بأس من كتابة لغة أجنبية لكن بخط أصغر وأقل وضوحا.

يشترط القانون المصري أن يكون التعليم باللغة العربية والاستثناء في دراسة بعض العلوم باللغات الأجنبية، غير أن حافظ شمس الدين خبير اللغة، يرى أن الاستثناء أصبح أصلا. ويعيب على نظام التعليم ويُفرّق في ذات الوقت بين تعلم لغة أجنبية والتعلم باللغات الأجنبية.

أسلوب العمل التقليدي يعوق التطور

يفتقد مجمع اللغة العربية لآليات عمل متطورة، فما زال ينشر إصداراته مطبوعة ويقترح البعض نشر إصدارات لغوية بالصوت، ويدعم «الشافعي» هذا الرأي بالقول المأثور: «إن الغناء لهذا الشعر مزمار».

اختفى الإعلام عن تغطية الحفل الرسمي الوحيد في مصر باليوم العالمي للغة العربية، اللهم بث إذاعي لإذاعة القرءان الكريم بعض الوقت، وفريق عمل يتبع التليفزون المصري، شاهدنا أحد أعضائه يطلب أتعابا نظير التغطية وإلا فلن يكرر الحضور.

«إسرائيل» تحتفل باللغة

وغاب التفاعل السياسي على جميع مستوياته ومن جميع مؤسسات الدولة مع اليوم العالمي للغة، في وقت أجرى فيه المتحدث باسم الجيش الاحتلال الإسرائيلي سباقا عبر صفحته بموقع فيس بوك حول التشكيل الصحيح لعبارة «جيش الدفاع الإسرائيلي أكثر جيوش العالم أخلاق»، الأمر الذي اعتبره الشيخ حسن الشافعي «مؤلما يخرج من منافق لا يمتلك أخلاقا بل يقتل الأطفال والعزّل».





 

محمد علي

محمد علي

رئيس تحرير التنفيذي لمنصة شبابيك، محرر الشئون القضائية السابق بدوت مصر، الفائز بمنحة شبكة الصحفيين الدوليين