«جمهور وفلوس».. طلاب يروون معاناتهم مع دور النشر
«نفسي أبقى كاتب مشهور» كلمات بسيطة تترد في أذهان الطلاب ذو المواهب الكتابية، أحلام مشروعة يفكرون بها، واقع يصدمهم بالبداية بعيدا عن خيالهم الوردي، هكذا تكون البدايات دائما، لكن الإصرار والإيمان بالنفس هو مفتاح الطريق للنجاح.
تحدث «شبابيك» مع عدد من الطلاب المشاركين بأعمالهم بمعرض القاهرة الدولي للكتاب؛ ليقف حول المشاكل التي يتعرضون لها في بداية مشوارهم، كما ناقش المعايير التي تضعها دار النشر في اختيار الأعمال التي ترعاها.
الجمهور والعلاقات
الطالبة بكلية التربية جامعة الإسكندرية، ومؤلفة رواية «دوست»، ريهام هشام توضح أن أي كاتب في مصر يحتاج لثلاث أشياء حتى ينجح هي «الفلوس أو العلاقات أو الجمهور».
وتؤكد ريهام لـ«شبابيك» أن دور النشر الكبيرة لا تنشر للطلاب أو المبتدئين بالكتابة إلا إذا كان لهم شهرة على «السوشيال ميديا» أو إذا كان لديهم علاقات قوية تساعدهم، والنشر في مصر أنواع «دار بالفلوس ودي اعتبر نفسك مش كاتب لأن اللي بينشروا بفلوسهم مبيعرفوش يكتبوا، ودار معتمدة على شهرة الكاتب وأعماله السابقة، ودار صغيرة لسه بتبدأ ودي بتهتم بشباب ملهوش اسم».
يتفق الطالب بأكاديمية أخبار اليوم يوسف حسن، فيما قالته ريهام واختلف معها في نقطة المال، قائلًا: «في ناس بتنشر بفلوسها وبتعرف تكتب، بس ده سبيلها الوحيد لأن مش معاها الحلول التانية لا جمهور ولا علاقات».
في معرض الكتاب 2017.. هذا ما تقدمه الجامعات لطلابها
دار فاصلة: أهم حاجة المحتوى
مدير النشر بدار فاصلة، محمود محي الدين، يقول عندما تطلب الدار أعمال من الشباب يتم عرضها على لجنة القراءة ويتم تقييمها وإذا حصل على أقل من 7 درجات يتم رفضه وإذا حصل على أكثر يتم مناقشته ونحددنستطيع النشر أم لا، مؤكدا أن العمل الجيد تتحمل الدار تكاليفه بالكامل قائلا: «في طالب بالثانوية العامة اسمه محمد خواجه عامل رواية حلوة أوي اسمها (ورأيناه شيطانا) الدار متحملة تكاليفها وطبعنا منها 5 طبعات ومستمرة».
الطلاب متستعجلش
ينصح الكاتب والمحامي، عادل السمري الشباب بعدم الاستعجال على النشر حتى يتأكدوا من جودة ما كتبوه ويجب عرضه على النقاد والكتاب قبل نشره أو عرضه على دار نشر، قائلا: «اصبر على نفسك واقرأكويس، على سبيل المثال أنا بكتب بقالي 10 سنين ومنشرتش كل الكتابات وفضلت مستني لحد ما اتأكدت إن العمل يستحق النشر».
فيديو| يضم كتبا تخطت الـ100 عام.. الأزهر يشارك بجناح خاص في معرض الكتاب
تكاليف النشر
الطالب بأكاديمية أخبار اليوم، وكاتب رواية «ليه» يوسف حسن، يقول إن مع صدور أول عمل له واجهته مشكلة «الجمهور» وأنه غير معروف لديهم حتي يحقق النجاح المرغوب، لذلك رفضت دور نشر ديوانه.
وأضاف «يوسف» أنه يرفض تحمل تكاليف النشر في أعماله لأنه يثق فيما يكتبه، قائلا: «مدفعتش فلوس لا في الديوان ولا في الرواية، ورافض فكره إني ادفع فلوس في عمل عشان يتنشر، لأن الناشر لو واثق في اللي بيقدمه مش هيدفعني مليم، وهحارب عشان اقنع اللي بينشروا إني استحق».
الطالب بكلية الهندسة جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، وكاتب رواية «أوركسترا» أحمد عادل، يرى أن العلاقة الحالية بين دور النشر والمؤلف نسبة وتناسب، موضحا «اللي مش بيدفع بياخد نسبة قليلة، وكل ما تدفع بتزيد نسبة الأرباح».
بينما يرى «يوسف» أن الكاتب إذا استمر بالدفع للناشر لم يهتم بكتابته حتى إن كانت جيدة، معللا «مفيش ناشر عنده ضمير الموضوع في الأول والآخر تجارة».
العقد بين الناشر والكاتب
ويوضح الطالب بكلية الآداب جامعة المنصورة، وكاتب ديوان «فودكا»، محمد مغاوري، أن العقد القائم بين دور النشر والكتّاب غير موثوق به لأن لديها خطة توزيع وهمية لا تتحقق على أرض الواقع.
ويضيف الطالب أحمد عادل، أن بعض دور نشر التي تقبل الأعمال للكتاب الشباب دون دفع تكاليف لكن يكون هناك قائمة انتظار لفترة طويلة، ويعد الوقت الحالي أفضل بكثير من السابق قائلًا: «الناس قبل السوشيال ميديا كانت بتلف على دور النشر وتديهم نسخهم ويستنوا الرد مره واتنين وتلاته ويحاولوا تاني، دلوقتي بنبعت المحتوي pdf ونستنى مسدج من الدار واحنا قاعدين في البيت».
«صغار الكتاب».. مؤلفات طلاب الثانوية في معرض الكتاب
دور النشر: بنتحمل تكاليف الطباعة
يؤكد مسؤول النشر بدار فاصلةمحمود محي الدين، أن المواهب الشبابية تحتاج لدعم، وإذا كانت نسبتهم في الأرباح بسيطة لأن الدار بتتحمل كل ما يخص الرواية من الطباعة والتسويق والنقل والمكتبات التي يتوفر لها خصومات حتى تصل الرواية إليها.
أما صاحب دار سما للنشر والتوزيع، محمد عبد المنعم، يؤكد أن أهم ما في العلاقة بين الكاتب ودار النشر هي قوة العمل فقط لا غير، وبعدها تتحمل الدار تكاليف النشر للطلاب كأي كاتب، مضيفا أن هناك عدد من المؤلفين نجحوا عن طريقهم وانتقلوا إلى دور نشر كبيرة.
دور النشر والنصب
المحامي والكاتب عادل السمري،يوضح أنه لا يوجد دور نشر بمصر تقيم الموهبة على أساس سليم، وأن أي شخص لديه المال يستطيع النشر حتى لو «إسفاف».
ويضيف السمري لـ«شبابيك» أن 90% من دور النشر لا تهتم بالمحتوى، والـ10% هي التي تتعامل مع الكتاب الكبار، وبعض منها يهتم بموضوعات الشباب لأن العمل ذو المواصفات الجيدة والمضمون تصنيفه يجذب القراء.
وعن نسبة الطلاب من أرباح المبيعات، يقول السمري إن في بداية مشواره كانت نسبته قليلة جدا لا تتعدى الـ 5%، مضيفا «اتبهدلت مع دور النشر اشتغلت مع أكبر دار في مصر واتعرضت لكل المساؤي والنصب، بس أنا قدرت أخد حقي بما إني محامي، ولما قررت اهتم بالملف ده لقيت ناس منصوب عليها في مبالغ مهولة».
حصري للطلاب.. خصومات 90% بمعرض الكتاب
مبررات الطلاب
كاتبة رواية «تلغراف»، والطالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بسنت علاء، تبرر ضعف النسبة المقررة للطلاب لزيادة سعر الرواية على الجمهور، كما يعاني الطلاب في بدايتهم من عدم وصوله لعدد كبير من الجمهور، قائلة: «ده مش ذنب حد ومش قلة سعى، مشكلة بلد في كل حاجة، والورق غالي».
وأكد الطالب بكلية التجارة جامعة طنطا، وشاعر رواية «رقصة على شبر مية» محمود رفعت، لم يتفق على نسبة لأن طباعة روايته نتيجة حصوله على المركز الأول بمسابقة شيماء الصباغ، وتكفلت دار.... بطباعة ديوانه، كما أنه تأخر نتيجة أمور مالية بالدار، منها ارتفاع طن الورق من 5 آلاف جنيه إلى 18 ألف».
صناعة النجم
وأشارالكاتب عادل السمري، إلى أن السوق الثقافي قبل 2011 سيطر عليه مجموعة معينة من دور النشر وصل عددهم لـ 20 دار، 5 منهم فقط كانوا محتكرين النشر، مضيفا أن بعد الثورة ظهرت دور نشر صغيرة، ليحدث شيء منالتوازن.
وأكد السمري لـ«شبابيك» أنه مع ظهور فكرة صناعة النجم، دور النشر لم تعد تهتم بالمضمون، موضحا «عايزة تاكل عيش وهنا متطلبات القاريء والسوق هي اللي بتحكم استمرارية العمل، والكتاب السيء لن يستمر».