في حديث خاص لطلاب الجامعات.. رؤية المفكر محمد عمارة للتجديد الإسلامي
تحدث المفكر الإسلامي محمد عمارة عن رؤيته لفكرة التجديد في الإسلام، خلال كلمة ألقاها الثلاثاء، على المئات من طلاب الجامعات بمنطقة العباسية بالقاهرة.
والدكتور محمد عمارة مصطفى عمارة من مواليد ديسمبر 1931 مفكر إسلامي، مؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث الإسلامية.
مفهوم التجديد في الإسلام
كشف عمارة في كلمته، عن مقصوده بالتجديد المتعلق بالمتغيرات الحياتية والاجتماعية والعلوم الإنسانية دون المساس بأصول الدين: «نصطحب الأصول ونجدد في المتغيرات».
ويرى أن التجديد سنة وضرورة وقانون كوني قبل أن يكون مطلبا اجتماعيا أو فكريا.
وحين نتحدث عن التجديد فالتاريخ مليئ بالآمال والطموحات ويجب وضع الآية الكريمة «إن تكونوا تألمون» نصب أعيننا.
بين الحداثة الغربية والتجديد الإسلامي
لم نسمع يوما عن الهندسة أو الجبر الإسلامي، لأننا لم نسعى إلى توظيف تلك العلوم التي لا ننكر أن لها رواد مسلمون، لكن فصل الخطاب في الصراع الدائم بين الحضارة الغربية والشرقية أنهم أخذوا بمبدأ التجديد الصحيح، وصدروا لنا العلمانية بمفاهيم مثل «الحداثة» التي تهدف إلى إقامة قطيعة معرفية كبرى بين الموروث (الثوابت) والمتغير، لتحقيق هدف الطامع وهو إزالة الهوية تحت مسمى الحداثة.
دلل عمارة على ما قاله بتأويل لهذا الحدث التاريخي الهام:
سقوط الأندلس في عام 1492 هو بداية الغزو الحقيقي من الحضارة الغربية للحضارة الشرقية، فتوالت النكسات بعد هذا التاريخ، وفي الذكرى الـ500 لسقوط الأندلس في عام 1992 كان احتفال الغرب في «مؤتمر مدريد» -وهي جزء من أسبانيا- بانتهاء الإسلام في غرب أوروبا، ثم البدء في القضاء عليه في وسط أوروبا بإشعال حرب البوسنة والهرسك، مع إقامة احتفال آخر عالمي بإقامة دورة الألعاب الأولمبية في برشلونة بأسبانيا بمشاركة عرب ومسلمون في ذات العام.
مناقب الحضارة الإسلامية
وعدّد المفكر الإسلامي الشهير، مناقب الحضارة الإسلامية في بداياتها، معتبرا الزكاة وبيت مال المسلمين ونظام الأوقاف، هي أول نظام اقتصادي مُحكم عرفه الناس.
وما إن ضيق محمد علي، على أوقاف المسلمين وضمها للدولة ليأخد الواعظ والخطيب راتبه من الدولة، فيتحول إلى موظف أجير يمد يده.
والمساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام مساواة بين الشقيقين المتكاملين، وليست بين الندّين المتنافرين.
كيف نقدم التجديد لجمهور الأمة؟
التجديد حركة أمة.. فلا يقتصر على الأزهر أو مؤسسة أخرى لوحدها، لأن ذلك نوع من العبث والجهل.
عوامل كثيرة تحكم التجديد في الإسلام، أهمها أن يكون في ظل مناخ يكون العقل فيه محررا من القفص الحديدي المحيط به والأهم من ذلك أن يكون في دولة مدنية مرجعيتها دينية، مستندا في ذلك إلى نهج المجددين الأوائل محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وقال بأن «من لايستشير أهل العلم والدين فعزله واجب».
ويرى أن التجديد أيضا يكون من خلال الآتي:
- تفسير خالص من الإسرائيليات يعمم على بيوت المسلمين
- مجمع للأحاديث النبوية الصحيحة دون الخوض في الأحاديث المختلف عليها
- كتاب ميسر للفقه الإسلامي بمثابة المرجع لكل أسرة، على غرار كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق
تحذير ورخصة
وحذر مما وصفه بالأفكار الشيطانية المتلبسة بزي الصالحين التي تمارس «الغش الثقافي» الذي يسوقه الحداثيون في زي الخطاب الإسلامي.
واعتبر عمارة حديث الإعلام عن تجديد الخطاب الديني مسرحية خبيثة هدفها الهجوم على الإسلام، فالتجديد ثقافة حضارية تشترك فيها كل العلوم والحضارات.
ولم يمانع من الاستفادة بكل علوم الإنسانية والدنيوية، فيما وصفه بالمشترك الإنساني العام، إلى أن هناك خصوصية حضارية لكل دين ينبغي التمسك بها (الثوابت).
أهل الجمود يريدون إحلال النقل محل العقل، أما الغربيون فيحلون العقل محل النقل، لكن ما يميز التجديد في الإسلام أنه يعتمد على مصدر المعرفة الثابت«القرآن» ويجمع بين العقل والنقل.