هي دي حكاية عيد الأم من إيزيس لسلامو عليكو

هي دي حكاية عيد الأم من إيزيس لسلامو عليكو

عيد الأم من أهم المناسبات السنوية في الدول الأجنبية والكثير من الدول العربية، خاصة مصر، لكن يختلف موعد الاحتفال به من دولة لأخرى، وترجع قصة اختيار يوم 21 مارس في مصر إلى الشقيقين مصطفى وعلي أمين، مؤسسا جريدة أخبار اليوم، ليكن أول احتفال بعيد الأم في عام 1956م. 

لكن في الحقيقة لم يكن هذا العام هو بداية الاحتفال بعيد الأم في مصر، فمتى بدأ الاحتفال به في مصر والعالم؟ وكيف كانت مظاهر الاحتفال؟ هذا ما ستتعرف عليه من «شبابيك».

متى كانت البداية؟

هناك اعتقاد سائد بأن الاحتفال بعيد الأم بدأ في الغرب، منحدرا عن احتفالات الربيع لدى الإغريق والرومان للاحتفاء بالآلهة الأمهات أو يوم أحد الأمومة «Mothering Sunday»، الذي يأتي قبل عيد الفصح بثلاثة أسابيع، لدى مسيحيين أوروبا منذ عام 1600م، لكن في الحقيقة بدأت أول احتفالات بعيد الأم في مصر الفرعونية.

أقام قدماء المصريين احتفالا سنويا لتكريم الإلهة إيزيس، التي كانت رمزا للأم والزوجة المثالية، فوفقا لعلم الأساطير كانت إيزيس زوجة أوزوريس وأخته أيضا، وقتل أخاها «ست» أوزوريس، فقامت إيزيس بجمع أشلاء جسد زوجها، التي تم توزيعها على أقاليم مصر، ثم أصبحت حاملا بابن أوزوريس «حورس» الذي انتقم لموت أبيه وقتل «ست» ليصبح أول حاكم لمصر.

ونتيجة لذلك اعتبرت إيزيس أما للملوك الفراعنة وأصبحت رمزا للأمومة، وكان يُقام احتفال سنوي تكريما لها، ليكن الفراعنة بذلك هم أول من احتفلوا بعيد الأم. في البداية كان يتم تصوير إيزيس وهي تضع تاج لعرش خال على رأسها تجسيدا لسلطة وقوة الفرعون.

وفيما بعد، أصبحت تصور بتاج لديه قرني بقرة بينهما قرص الشمس أو إلهة مجنحة، وهو رمز للحماية والقدرة على بعث الحياة في الموتى. وفي المملكة الجديدة، بعض الرسوم أظهرت إيزيس ترضع ابنها حورس، واعتبر هذا التمثال رمزا لعيد الأم.

إيزيس
تعتبر إيزيس رمزا للأمومة منذ أن جمعت أشلاء زوجها وأنجبت إبنها حورس

وهذا ما أكده الباحث في التراث الشعبي، مسعود شومان، حيث أوضح لـ«شبابيك» أن تقديس القدماء المصريين للأم والاحتفال بها بدأ مع قصة إيزيس وأوزوريس، حيث اعتبروا إيزيس رمزا للأمومة، بعدما جمعت أشلاء زوجها، وأنجبت ابنها حورس.

وبالتالي يكون القدماء المصريين أول من احتفل بعيد الأم كعيد مقدس ابتداء من الدولة القديمة، واستمر حتى أواخر عهد البطالسة، وقد ورد ذكر عيد الأم في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، خاصة كتابي آبي ونبستي.

ووجد ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات التي حوت نماذج من النصوص التقليدية للأم في عيدها. كما عُثر في إحدى رسائل تل العمارنة التي تركها القدماء المصريين ورقة كتبها طفل يحتفل بعيد أمه وأعد رسالة تثبت احتفال المصريين قديما بعيد الأم.

مظاهر الاحتفال

اختار المصريون القدماء آخر شهور فيضان النيل للاحتفال بعيد الأم، عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور – أو بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض، وهو شهر هاتور في التقويم المصري القديم. وهاتور أو حتحور تعبر عن ربة الجمال ومعنى «حت- حور» في نفس الوقت مرضعة الإله حور، لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير.

وتمثلت مظاهر الاحتفال بعيد الأم عند المصريين القدماء، في وضع تمثال إيزيس وهي تحمل ابنها حورس، في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور والقرابين ويضعون حوله الهدايا المقدسة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس التي يعتبرون نورها وأشعتها رسالة من إله السماء للمشاركة في تهنئتها.

إيزيس تحمل ابنها حورس

مكانة المرأة والأم عند الفراعنة

تشهد آثار مصر القديمة بلوحاتها ونقوشها الرائعة على المكانة المتميزة للمرأة عموما وللأم خصوصا، حيث تخيل الفراعنة السماء أما تلد الشمس كل صباح بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من الآلهة كانوا من الأمهات مثل ايزيس ونفتيس وغيرهما.

وأكد على ذلك، عالم المصريات، دكتور وسيم السيسي، حيث قال لـ«شبابيك» إن المرأة والأم تحديدا احتلت مكانة كبيرة عند المصريين القدماء، فمثلا كان من قوانين الميراث أنه إذا مات الأب تتولى الأم توزيع الثروة بين الذكور، فضلا عن البرديات التي تحمل نصائح من الآباء لأبنائهم للاعتناء بالأم.

وأشار «السيسي» إلى نصائح الحكيم الفرعوني «آني» لابنه «جنس حتب»، وقد جاء فيها: «إذا ما ترعرعت واتخذت لك زوجة وبيتا فتذكر أمك التي ولدتك، لا تدعها تلومك وترفع أكفها إلى الله فيسمع شكواها، ولا تنس أمك وما عملته من أجلك، ضاعف لها غذاءها وأحملها كما حملتك فإذا نسيتها نسيك الإله. لقد حملتك تسعة أشهر وحينما ولدتك حملتك ثانية حول رقبتها وغذتك سنوات ولم تشمئز من قذاراتك».

ونقرأ في إحدى البرديات المصرية القديمة، ما يدل على تكريم الزوجة أيضا: «أحب زوجتك في إخلاصك لبيتك كما هو واجب عليك، أطعمها واكسها وأسع إلى ما يدخل السرور إلى نفسها طالما أنت على قيد الحياة».

وأشار «السيسي» إلى أن الزوجة عند المصريين القدماء كانت تتمتع بالكثير من الحقوق، فكان لها الحق في أن تهجر زوجها، لذلك لم يظهر المحامين إلا في العصر الروماني، وكان للزوجة الحق في أن تشكو زوجها أمام القاضي.

أسماء أبو بكر

أسماء أبو بكر

عن كاتب المقال: صحفية مصرية حاصلة على كلية الإعلام من جامعة القاهرة، تهتم بشؤون الطلاب