تصوير: أحمد عبده

تصوير: أحمد عبده


إبراهيم الهدهد: طلاب الأزهر وجنود الداخلية إخوات، وهذه حقيقة علاقتي بالإخوان

أجرى الحوار: حسين السنوسي وأحمد عبده

داخل الجامع الأزهر، وبعد انتهائه من مدارسة كتاب «درة التزيل وغرة التأويل» في بيان آيات القرآن المتشابهات مع تلاميذه، يُدافع رئيس جامعة الأزهر السابق إبراهيم الهدهد عن تواجد الشرطة داخل حرم الجامعة، ويتحدث عن استخدامه لـ«السوشيال ميديا» في إخماد مظاهرات الطلاب.

وردّ الهدهد  في حوار اختص به «شبابيك» على اتهام جامعة الأزهر بتخريج «إرهابيين» وكشف عن طريق تنقيح المناهج من أفكار التطرف، وآلية تحويل التعامل الإداري في الجامعة للطريقة الإلكترونية.

والدكتور إبراهيم صلاح الهدهد، هو القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر السابق، ولد بقرية طلحة بالقليوبية في الخامس من مايو عام 1964، وحصل على الدكتوراه في اللغة العربية في البلاغة والنقد من جامعة الأزهر عام 1994، وتدرج في المناصب حتى عُين نائبا لرئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، ثم قائما بأعمال رئيس الجامعة منذ 2015 حتى مارس 2017.

وإلى نص الحوار:

  • ما أبرز المشاكل التي واجهتك أثناء توليك رئاسة الجامعة؟

الوضع المعلوماتي للجامعة، فأي جامعة تتخلف تكنولوجيا لن يكون لها وجود على خريطة التعليم في العالم، وجامعة الأزهر تحتاج إلى موقع إلكتروني تفاعلي، فتم إنشاء شبكة «فايبر» لتربط الجامعة من الإسكندرية إلى أسوان بتكلفة 220 مليون جنيه، بديلا عن المتهالكة المنشأة سنة 2000، وبدأت المرحلة الأولى منها بتكلفة 60 مليون جنيه لربط قطاع مدينة نصر ببعضه وقاربت على الانتهاء.

وكذلك فإن النظام الإداري القائم يؤدي إلى صعوبة التعامل مع الملفات الورقية، فوضعنا خطة لتحويل الجامعة لإدارة إلكترونية عبر الإنترنت، واستعنّا بصندوق تكنولوجيا المعلومات لتدريب 11 إدارة على التعامل مع الملفات الإلكترونية، وأنشأنا مكتبا للتميز الدولي لتدخل لجامعة في سباق التصنيف.

  • عملت أستاذا وقائما بأعمال رئيس الجامعة.. أيهما تفضل؟ ولماذا؟

لا يفضل أي أستاذ جامعي سوى أن يكون أستاذا لأنها وظيفته الأساسية، فصحيح أن العمل الإداري يبعد كثيرا عن العمل العلمي ويؤثر على العقل العلمي، ولكن أثناء إدارتي للجامعة لم أنقطع عن العلم يوما، وكنت أؤدي دروسي وأتقدم بأبحاث علمية في المؤتمرات، لحرصي على حياتي العلمية وعقلي العلمي ولذلك لم أتأثر كثيرا، وإن كان إنتاجي العلمي في هذه المرحلة لم يتناسب مع ما أطمح إليه.

  • أبرز الملفات المطروحة أمام رئيس الجامعة الجديد وأيها يتعين عليه التعامل معها أولا؟

من الأمور العاجلة قطاع المستشفيات الجامعية فالمستشفى التخصصي الذي يقام على مساحة 124 ألف فدان يحتاج إلى استكمال المرحلة الثانية وفتح المستشفى للجماهير، ومستشفى أسيوط المكون من ستة مباني، متوقف منذ عام 2000، ودفعنا 18 مليون جنيه مقدما لشركة «إيجيكو»، والعمل به مستمر ويجب أن يُسلم في نهاية هذا العام.

وأيضا استكمال إنشاء قاعة مجلس الجامعة الجديدة، التي تتسع لـ187 عضو وتعمل عبر الـ«فيديو كونفرانس» حتى يسهل التعامل مع قطاعات الجامعة الأخرى في أي اجتماعات يمكن أن تعقد بصورة عاجلة، وأنا تركت الإنشاءات والتكييف المركزي قد تم والتشطيبات قد تمت وملحق بهذه القاعة مكاتب إدارية وريسبشن 437 متر وقاعة 612 متر مربع.

  • هل أنت مرشحا رسميا لرئاسة الجامعة؟

لا، بل أعتذر عن كل المناصب وأفضل عملي أستاذا في الجامعة.

  • لماذا هاجمتم الإعلام في بيان حمل توقيع مجلس الجامعة، وإلى أي مدى ترى تعامل الإعلام مع الأزهر؟

هل الهجمة الإعلامية لينة اللهجة حتى نقابلها ببيان لين اللهجة؟ فنُحاسب على رد الفعل ولا نحاسب على الفعل، وهذا الهجوم من فريقين إما فريق مغرض وإما آخر جاهل بحقيقة الأشياء ولا يعلم ما يدور بداخل الأزهر.

وهناك خطأ في النظرة لهذا الهجوم على أنه حديث، فهل نسينا الهجوم على الشيخ سيد طنطاوي، والذي اضطره لرفع قضايا ضد الإعلام؟ أم نسينا الهجوم على الشيخ جاد الحق الذي كان صلبا في الحق؟ فهي سلسلة متتابعة منذ عهد طويل من أيام محمد علي والهجوم على الأزهر مازال مستمرا ونحن واعون بهذا جيدا.

  • هل تقف الجامعة مع شيخ الأزهر ضد الدولة؟

الأزهر وشيخه لم يكونا ضد الدولة يوما ولكنهما في تاريخه كله مع الدولة والشعب، قد تكون هناك أفهام أخرى، ولكن حقيقة التاريخ للأزهر ورجاله أنهم لا يقفون ضد الدولة على الإطلاق، إلا أنه قد يكون هناك وقوف ضد أشخاص وهو أمر وارد، لأن الأشخاص متغيرون ولكن الدولة من الثوابت، والأزهر لا ينسى أنه مؤسسة كبرى تعمل داخل الدولة.

  • كيف تنظر لدعوات التجديد واتهام الأزهر برعاية مناهج التطرف؟

 هو هجوم دون العلم بحقائق الأمور، فهو ليس معقولا، وهناك من المناهج ما تم تغييرها ومع هذا لم يثبت بها ما يدعو للتطرف.

  • هل طوّرت مناهج جامعة الأزهر أثناء توليك قيادتها؟

على الرغم من أنني كنت أدير الجامعة لكنني في الوقت نفسه كنت شريكا أساسيا في مناهج التعليم قبل الجامعي وأشرفت على منظومة مقررات اللغة العربية على المراحل الإعدادية والثانوية حتى أخرجنا 19 مقررا وكتابا جديدا لم تكن موجودة من قبل، تضمنت ما يرسخ الانتماء للإسلام وقيمه وللوطن وأهميته وللأزهر كمؤسسة، وهذا العام الثالث لتطبيقها، كما هو شأن كل المناهج الأخرى غير اللغة العربية.

أما التعليم الجامعي فلدينا لجنة الخطط والمناهج المكونة من العلماء بأعضاء هيئة التدريس تنظر في المناهج باستمرار لتطويرها.

  • هل تستطيع كليات الشريعة في جامعة الأزهر أن تضع استراتيجية لمواجهة التطرف؟

هي الوحيدة القادرة على وضع تلك الاستراتيجية، ولا يمكن على الإطلاق أن يحل محلها المؤسسات أو الأفراد الذين يقولون أنهم سيكونون بديلا عنها، لأن جامعة الأزهر بها من أعضاء هيئة التدريس وعلماء الشريعة واللغة وأصول الدين من هم الأقدر على التجديد لأنهم تربوا على مثلث منهجي، فدرسوا علوم الدنيا والمنقول وعلوم العقل التي تعين على فهم النص ومن أجل هذا لا يوجد لهذه المؤسسة نظير في العالم.

  • ما الطريق لتواصل جامعة الأزهر مع المجتمع الغربي لنشر رسالة الإسلام الوسطية؟

الإمام الأكبر حينما كان رئيسا للجامعة أنشأ ما يسمى بالدرجة الخاصة في الكليات الشرعية، يُدرس فيها اللغة الإنجليزية للطلاب المتفوقين، على يد معلمين بريطانيين، واللغتين الفرنسية والألمانية اختياريا بهدف إعدادهم للتواصل مع الغرب ومواجهتهم.

وكلية اللغات والترجمة بها خمسة أقسام للدراسات الإسلامية، يدرسون الفقه وأصوله والشريعة الإسلامية باللغات الأردية والأسبانية والألمانية والإنجليزية والفرنسية، وهذه الكوادر التي تتخرج كل عام لا تقل عن 500 أو 600 فرد مكونين تكوينا خاصا للتواصل مع الغرب وهم الذين ينتفع منهم مرصد الأزهر الشريف ودار الإفتاء.

  • لماذا لا تدرّس جامعة لأزهر لطلابها اللغة العبرية؟

لا ندرّس العبرية لأنها لغة مجتمع ليس أرضا للدعوة للإسلام فاليهود ينغلقون على أنفسهم ولا يدعون لاعتناق دينهم ولا يقبلون هذا لأنهم يعتقدون أنهم جنس سامي.

  • الجامعة والأمن
  • كيف استطعتم القضاء على المظاهرات داخل الجامعة؟

الالتحام مع الطلاب وسياسة الباب المفتوح تقضي على كل المشكلات، فكنت في وسط الطلاب وقمت بزيارة 76 كلية من أصل 80 لبعد مسافات الأربع كليات المتبقية في لقاءات مباشرة مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بكل كلية، فكنت أقول لهم أهلا بكل سؤال ممنوع ولا حرج على سائل ولا أحتاج اسم سائل فهم أبناؤنا فتخيل لو أن ابني أساء الأدب هل أقتله؟ أم أعالجه وأربيه، وكنت أتواصل معهم من خلال «الفيس بوك»، و«الواتس آب» لأنه من الممكن أن يكون هناك موظفين يحولون بين شكاوى الطلاب وبيني.

  • بعد انتهاء المظاهرات، هل الجامعة بحاجة الآن لاستمرار تواجد قوات الشرطة بداخلها؟

عندنا قاعدة شرعية تقول: «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة» فحينما يحدث أي انفلات بين أعداد الطلاب الكبيرة التي نتعامل معها وتحدث له آثار سيئة وقتها نقول ليتني فعلت؟ والسؤال: هل وجود أفراد الشرطة أثر على أي طالب في الجامعة في فترة إدارتي؟. الطلاب والجنود إخوان فهم جاءوا لحماية الطلاب ممن يتصرف تصرفات سيئة فيجب أن يتعامل الطلاب مع الشرطي على أنه جاء لحمايته ولم يأت لمعاداته فلماذا خطاب العداء والكراهية الموجود عندنا كشعب تجاه الشرطة؟ يجب أن يزول.

  • لماذا لم تجري جامعة الأزهر انتخابات اتحادات الطلاب كباقي الجامعات؟

لم تستقر الأمور بالجامعات الأخرى عندما تمت بها الانتخابات فلماذا نرى غيرنا يجرب ولا تستمر التجربة ولا تنتهي ثم نصّر على أن نجرب كما جربوا هم؟ ولماذا نمشي في ذات الطريق الذي انتهى بالفشل ونسير فيه؟ ونحن  اتخذنا مسارا بديلا في تفريغ طاقات الطلاب.

  • كيف ترى النشاط الطلابي عموما؟

أراه شيئا أساسيا في تكوين الطالب خارج الدائرة الرسمية المكونة من الكتاب والقاعة، فصنعنا البديل من خلال مكاتب رعاية الشباب وأنا وضعت خطة لإقامة الأنشطة وحصل طلابنا على مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية وتفوقت على الجامعات التي أقيمت فيها انتخابات.

  • كيف تعاملت مع الطلاب أصحاب الانتماءات الفكرية؟

نحن قطعنا الطرق على الآخرين فحينما نقترب من الطلاب ونكون بينهم ونتفاعل معهم ونعاملهم معاملة الوالد تقطع على الآخرين أي تدخل وأي إثارة لأنهم لن يجدوا طريقا ولن يجدوا أسبابا  يقيمون عليها، الطالب المؤدلج يكون غير واضح فحينما أكون بين الطلاب أعامله كابني وكطالب، ولكن الأدلجة لا تظهر إلا إذا أوجدت لها أرضية من الضغط فتنتشر.

  • كيف ترى عمل التنظيمات الإسلامية داخل الجامعة؟

يساعد على الاستقطاب ولا يساعد في سير العملية التعليمية وهم كانوا موجودين في الجامعة ككل الجامعات الأخرى فهل الأزهر هو الذي أنشأهذه الجماعات داخل الجامعات الأخرى أم المجتمع كله فلماذا يُحمّل الأزهر هذا؟

  • هل من حق الطلاب الاحتجاج داخل الجامعة؟

إذا كانت الوقفات ترجع إلى القانون وإلى اللوائح الجامعية فلكل مظلوم حق في أن يطالب بحقه بالطرق القانونية، ولكن ثقافة المصريين الآن لا تسمح بالوقفات الاحتجاجية على النحو الذي نراه في أمريكا وأوروبا وغيرها الذي يُحدد له اللافتات التي سيرفعها والزمن الذي سيقف فيه ونوعية الجماهير والمكان.

  • مالذي يمنع دراسة الطلاب مع الطالبات داخل قاعات جامعة الأزهر وكيف ترى الاختلاط؟ 

أنا ضد الاختلاط في التدريس لأن قانون الأزهر ينص على هذا وهي من خصوصيات الجامعة، وما الذي يعيق دراسة الطلاب مع الطالبات في المرحلة الثانوية في التعليم العام؟ هل تعد هذه إعاقة أم وقاية؟

ويسأل عن هذا الأمر علماء التربية المتخصصين الذين قالوا بالفصل بين الطلاب والطالبات في المرحلة الثانوية.

  • يقول البعض بأنك على صلة بجماعة الإخوان في قريتك.. بماذا ترد؟

أنا أصنع البر في كل مكان لأن الله أمرنا بهذا أما علاقتي بالإخوان في صناعة البر أو غيره فهي غير صحيحة، فإن كانوا يصنعون البر فلماذا انقطعوا عنه؟ فنحن نصنع البر لله وحده وعندما يكون كذلك فهو يكون مستمرا لكن البر إن كان بأغراض الحصول على أصوات أو غيره فنحن واعون بهذا تماما، فأنا كنت أصنع البر في قريتي ودائما المجتمع القروي يكون فيه أقارب وليس معنى أني أصنع البر في إحدى العائلات التي فيها أحد من الإخوان أن يكون هذا دال على علاقة لي بهم.

حسين السنوسي

حسين السنوسي

صحفي مصري متخصص في الشأن الطلابي، رئيس قسم الجامعة بموقع شبابيك، متابع لأخبار التعليم ومقيم بمحافظة الجيزة