الجهاد في مناهج الأزهر.. ممنوع قبل الجامعة لكنه مشروط بعد ذلك
في مشهد يتكرر بعد كل تفجير يستهدف الكنائس المصرية. سيل من الاتهامات صوب مؤسسة الأزهر تتهمها بتخريج «إرهابيين» يستبيحون دماء الأقباط.
لكن بعيدا عن الاتهامات.. هل تتضمن مناهج الأزهر التعليمية ما يدعم نظرية قتل القبطي لمجرد أنه غير مسلم، وما مفهوم قيادات الأزهر للجهاد في الإسلام، وماذا يقولون للطلاب في هذا الشأن؟
في مناهج جامعة القاهرة.. تارك الصلاة وفاطر رمضان كافر يجب قتله
لا جهاد قبل مرحلة الجامعة
في بحث سريع لمواد الفقه المقررة على طلاب الأزهر في المرحلتين الإعدادية والثانوية، تبين خلوّها من أحكام الجهاد في الإسلام، واقتصرت في مجملها على أبواب العبادات والمعاملات والجنايات.
يؤكد عضو المكتب الفني لقطاع المعاهد الأزهرية، بشير عبدالله، أن مناهج مراحل التعليم قبل الجامعي في الأزهر تخلو من أي دعوات للعنف، موضحا أن الأزهر يعلم طلابه الرفق بالإنسان أيا كان دينه وجنسيته وكذلك بالحيوان والجماد.
عميد كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة، الدكتور جاد الرب عبد المجيد، لفت إلى حرص الأزهر على تدريس الآراء المتطرفة للطلاب بغرض تجنيبهم الوقوع فيها، موضحا أنها حُذفت من مناهج مراحل التعليم قبل الجامعي خوفا على الطلاب من العمل بها نظرا لمحدودية قدراتهم العقلية.
مسح لـ7 فضائيات تهاجم مناهج الأزهر: «يتحدثون دون دليل».. تابع معنا ما رصدناه
عبدة النار معصومين
عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، الدكتور عبد الفتاح العواري، كشف أن أحكام الجهاد في الإسلام يتم تدريسها لطلاب الكلية من خلال تفسير آيات القتال في القرآن، مؤكدا أن الجهاد في الإسلام لا يكون بسبب المخالفة في الدين أو الكفر بعقيدة المسلمين، وإنما في حالة الاعتداء فقط «الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ».
وأضاف العواري: «الكافر الذي لا يؤمن بدين سماوي كعبدة النار معصوم الدم، ومحرم ماله ونفسه وما دام لم يحاربنا فله حق الأخوة الإنسانية»، مستدلا بقول النبي «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».
ولفت إلى تفسير بعض آيات القتال في كتاب «مفاتيح الغيب في تفسير الرازي» المقرر على طلاب الكلية، واستنكر إطلاق حكم الآية التاسعة في سورة التوبة «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» على من ينفّذ التفجيرات.
وفسّر الحكم الموجود بالآية المشار إليها، بأنه ينطبق على الجنود الذين يدافعون عن دينهم وأوطانهم، وقال بأن الانتحاري ينطبق عليه حكم قتل الناس، ويزيد عليه بأنه تسبب في قتل الآخرين.
ودافع عن طلاب الأزهر: إنهم وحدهم المحصنين فكريا بخلاف غيرهم ممن يظنون أن غيرهم من غير المسلمين دمهم مباح، قائلا: «من يقومون بالعمليات الإرهابية هم خريجي الدبلومات الصناعية أو الزراعية والعاملين وقليلي الثقافة من غير الأزهريين».
نظرة قانونية في تطبيق الطوارئ داخل الجامعات.. المحظور والمسموح للطلاب
أحكام الجهاد تتغيّر
رغم عدم إقراره بتدريس أحكام الجهاد في الإسلام ضمن مقررات الكلية، أكد عميد كلية الدعوة الإسلامية جمال فاروق، أن دروس الجهاد تُلقى على الطلاب ضمن المناقشات التي يفتحها الأساتذة معهم.
وشّدد على ضرورة عدم الخلط بين تدريس الآراء الفقهية والأخذ بها، موضحا أن الأحكام تتغير بتغير الزمان «أحكام الجهاد فيها ما هو ثابت وما يقبل التغير، وكون الطالب قد يتأثر بالآراء التي يدرسها، يحتاج لتحقيق ودراسة هل يمكن تطبيقها على أرض الواقع أم لا».
وأضاف أن حماية الطلاب فكريا يحتاج لتنفيذ آليات الرقابة على الجامعات، مشيرا أن إلزام الطلاب بحضور المحاضرات كفيل بحل مشكلة استدراج الطلاب من جانب التيارات الفكرية خارج الجامعة.
السلْم أصل العلاقات
وكشف رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، الدكتور عطا السنباطي، أن مناهج الكلية فيما يتعلق بالجهاد، تتمثل في تعريفه، وبيان أن أصل العلاقات السلم، وضوابط وأخلاقيات الحرب من خلال الدراسات المقارنة والقانون الدولي والعلاقات الدولية.
وتابع «من يدرس الجهاد والدين خارج الأزهر هو من يقع في التطرف، ومناهجنا تحت يد الجميع وعلى المدعي أن يأتي بالدليل».