هذه مفاتيح اللغز التي توّجت «ماكرون» لرئاسة فرنسا.. هكذا يفعلها الشباب

هذه مفاتيح اللغز التي توّجت «ماكرون» لرئاسة فرنسا.. هكذا يفعلها الشباب

بعد أن فاز بالانتخابات الفرنسية أصبح «إيمانويل ماركون» ظاهرة في حد ذاته، فقد استطاع في وقت قياسي ومنذ أن أعلن ترشحه للرئاسة هذا العام، أن يتحدى أكبر الرموز السياسية التي نافسته في سباق الانتخابات.

لم يتجاوز الرئيس الفرنسي الجديد الـ39 عاما حين فاز بالانتخابات؛ ليصبح مثالا على ما يمكن أن يحققه الشباب من تغيير.. فما الدروس التي يمكن أن يتعلمها منه المصريون وهم على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة؟

الاستفادة من المنافسين في الانتخابات 

كونك مرشحا شابا لا تمتلك الخبرة الكافية في العمل السياسي، أو ينافسك مرشحين لهم شعبية وثقل سياسي كبير.. كل هذا لا يعني أن فرصتك منعدمة من الفوز؛ يمكنك البدء من الآن في قلب الوضع لصالحك.. فكيف تفعلها؟

منذ دخوله الانتخابات الرئاسية، كان أمام «ماركون» منافسين أقوياء، غير أن أكثرهم خطورة على مستقبله كرئيس لفرنسا المرشحة «مارلين لوبان» التي تتصف بميولها اليمينية المتطرفة.

«لوبان» التي ورثت رئاسة حزب «الجبهة الديمقراطية» عن والدها السياسي الزعيم اليميني «جان ماري لوبان»، لديها خطاب متطرف سواء ضد الأقليات أو الفرنسيين أنفسهم. تنادي بوقف الهجرة واستقبال اللاجئين، وإغلاق المساجد في فرنسا؛ إضافة لوعودها بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، ومنع مجانية التعليم.

في المرحلة الأخيرة من الانتخابات كانت «مارلين لوبان» ذات الميول المتطرفة تشكل تهديدا كبيرا على مستقبل «ماركون» كرئيس لفرنسا

وفي الوقت الذي أثارت فيه «لوبان» الكثير من الاستياء والمخاوف؛ كان «إيمانويل ماركون» يقدم نفسه على أنه وسطي معتدل يحترم الأديان والأقليات، ويؤكد أن سياسته ستقوم على المزيد من تقديم الدعم للاجئين وفتح باب الهجرة.

وبهذا استطاع «ماكرون» استطاع بذكاء أن يكسب أصوات كتلة مهمة في الانتخابات وهم الفرنسيون من أصول عربية وإسلامية.

العمل في صمت قبل إعلان الترشح

الانتخابات الرئاسية هي مجال لمنافسة قد تكون غير عادلة تماما، وقد تتحول إلى منافسة شرسة للغاية، خاصة إذا تدخل الإعلام لصالح أحد المرشحين.

لم يعلن «ماكرون» عن رغبته في خوض الانتخابات الفرنسية، حتى جاء العام 2017؛ فمنذ استقالته من منصب وزير الاقتصاد والصناعة، كان الرئيس الفرنسي المحتمل يعمل في صمت تام، ويبتعد بنفسه عن أي صراعات أومنافسة سابقة لأوانها.

يؤسس مبادرته الجديدة «إلى الأمام» أو «En Marche» التي تتحول فيما بعد لحزب سياسي.. يعمل على جذب أكبر قدر ممكن من الأشباب، حتى أصبح الحزب الأسرع نموا في فرنسا.. يتحدث الجميع عن أنه سيحقق اكتساحا في الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ ثم بعد أن يحظى «ماركون» ومبادرته بهذه الشعبية الكبيرة وسط الشباب، ومعارضي اليمين واليسار؛ يقرر أن يخوض الانتخابات الرئاسية.  

اعرف كيف تجذب الشباب في حملتك

في عالم سئم فيه الناس من المرشحين «العواجيز» سواء في الشرق أو العرب؛ فإن فرصتك كمرشح رئاسي شاب كبيرة للغاية.

بعد استقالته من الوزارة بدأ «ماركون» في تأسيس مبادرة «إلى الأمام».. عرف الرئيس الفرنسي المحتمل كيف يجذب الشباب إليه جيدًا؛ بأفكاره الجديد.. فالحركة وسطية ليبرالية، لا تنحاز لليمين أو لليسار.. تدين الإرهاب لكنها ترفض بشدة أن تربطه بدين معين.. الحركة سياسية اجتماعية، لكنها ترحب بأعضاء الأحزاب الأخرى وترفض التخوين.

«منير محجوبي» مدير الحملة الرقمية لـ«ماركون»

هناك شيء آخر وهو اعتماد «ماركون» على الشباب بشكل أساسي في حملته الانتخابية.. كان «منير محجوبي» هو مدير الحملة الرقمية، وهو شاب فرنسي من أصول مغربية، لم يتجاوز الثلاثين عاما، كما تذكر «HuffPost».

وقد يكون الأمر راجعا أيضا لشخصية «ماركون» نفسه وتمتعه بروح الشباب؛ فهو يختار في حياته الشخصية قرارات غير تقليدية؛ يتزوج بامرأة تكبره، ويستقيل من منصب رفيع مثل وزارة التجارة ليغامر بالترشح في الانتخابات.  لقد شعر الشباب أن «ماركون» هو المرشح «النظيف» الذي لم يتلوث بعد بالصراعات السياسية، والقادر عن التعبير عنهم؛ كما تصفه شبكة «Sky News».

التلميذ الذي عشق معلمته فاصطحبته للقصر.. تابعوا قصة صعود الرئيس الفرنسي

استخدام التكنولوجيا في الحملة الانتخابية

أغلب الشباب لا يهتمون بالسياسية أو حتى باختيار مرشح رئاسي.. لكن بإمكانك أن تجعلهم يهتمون عندما يشاهدوك وأن تتحدث بلغة عصرهم وهي التكنولوجيا.

بجانب حملته الانتخابية الأساسية، وضع الرئيس الفرنسي حملة موازية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بمواقع مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«إنستجرام» سواء تلك الخاصة بالحملة الانتخابية أو حركة «إلى الأمام».

وعود واقعية في البرنامج الانتخابي

في الانتخابات الرئاسية يَعِدُ  جميع المرشحين  بالاصلاحات الاقتصادية التي تصبح جذابة جدًا.. لكن لماذا سيصدقك الناس أنت بالتحديد دونًا عن جميع المرشحين؟

لننظر إلى مسيرة الرئيس الفرنسي الجديد ونتعلم منها..

عندما جاء العام  2004 كان «ماكرون» قد تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، ليعمل في أحد البنوك، ثم ينضم إلى حزب اشتراكي، ويبدأ مشواره السياسي الذي يوجه فيه كل خبرته لإصلاحات اقتصادية حقيقية، عندما تولى وزارة الاقتصاد والصناعة في العام 2014، واستطاع أن يتبع سياسيات لتخفيض نسبة البطالة.

الشباب الفرنسي يعتبرون «ماركون» رئيسا يحمل أفكارا جديدة ولم يتلوث بالصراعات السياسية 

وعندما بدأ حملته الرئاسية؛ لم يتحدث «ماكرون» عن إنجازات كبرى حققها ووعود براقة، بل كان صريحا مع الشعب في حديثه عن العوائق الموجودة بالفعل بالشركات الفرنسية والإدارات، مع تقديم خطط للتغلب عليها للتخلص من الأزمة الاقتصادية؛ وفقا لـ«France 24».

الخطاب الوسطي الذي تبناه «ماكرون» يعود ويصب هنا في خطته الاقتصادية؛ فبينما يعد الفرنسيين بإعفاء 80% منهم من ضريبة الدخل؛ فإنه يقدم البديل على الفور، وهو إعادة دمج اللاجئين في المجتمع، وتعليمهم اللغة الفرنسية وتدريبهم على الوظائف المطلوبة في سوق العمل؛ وتسهيل الهجرة لأصحاب المواهب ورجال الأعمال والباحثين؛ ليشكلوا داعما للاقتصاد الفرنسي.

لا تسهين بالأقليات في الحملة الانتخابية

عندما تتجمع الأقليات معًا، فإنها تشكل أكثرية قد تصنع فارقا في فوز مرشح بعينه أو سقوطة؛ ففي الانتخابات الرئاسية كل رقم صغير في أعداد الناخبين قد يغير مستقبل بلد بأكملها.

وبالنسبة للرئيس الفرنسي الجديد، فقد كان واضحًا أنه يخصص جزءا من حملته الانتخابية لمخاطبة الأقليات العرقية والدينية.

لم يقتصر «ماركون» على وعود بفتح أبواب الهجرة ومساعدة اللاجئين؛ بل يذهب لخطوة أكثر جرأة بإدانته للاستعمار الفرنسي للدول العربية، ويصرح أنه وإن كان له تأثيرات حضارية إلا أنه كان يتعامل مع المواطنين الأصليين بوحشية وهمجية؛ وذلك في خلال زيارته للجزائر.

وعلى قدر ما دفعت هذه التصريحات لاتهام البعض لـ«ماركون» بالخيانة لتاريخه الوطني؛ إلا أنه زادت من تأييد الفرنسيين ذوي الأصول العربية له.

المصدر


  •  

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال