رئيس التحرير أحمد متولي
 «عم صلاح» صانع الفوانيس.. حكاية 50 سنة وحوي

«عم صلاح» صانع الفوانيس.. حكاية 50 سنة وحوي

في الغورية، وتحديدا شارع متفرع من أحمد ماهر باشا، ينصب صلاح أبو العتب «فرشة» الفوانيس التي استمر في تصنيعها منذ نحو عام، أي بعد أن يودعه رمضان بعيد الفطر إلى أن يقترب «شهر الفوانيس». 

حكاية «عم صلاح»، 68 عاما، مع صناعة الفوانيس تعود لنحو 50 عاما أو أكثر، أي حوالي نصف قرن، فهي مهنة ورثها عن أبيه، ويعمل بها منذ أن كان طفلا وحتى غطى الشيب رأسه. يقول: «ورثت المهنة دي عن أبويا، وبدأت اشتغل فيها من وأنا عندي 15 سنة يعني بقالي دلوقت ييجي 50 سنة أو أكتر شغال فيها».

لم يفكر «عم صلاح» في تغيير شكل الفوانيس التي اعتاد على صناعتها رغم ظهور الكثير من الأشكال والخامات الأخرى المستخدمة فيها، فهو يفضل التمسك بالأصل والتاريخ، ليظل شكل الفانوس مرتبط بذلك المستخدم في العصر الفاطمي، مع إدخال بعض التعديلات عليه.

ورغم ذلك «عم صلاح» أنه استفاد من التكنولوجيا الحديثة في تطوير الفوانيس التي يصنعها: «زمان كنت بصنع الفوانيس من غير حفر فيها، يعني كانت بتبقى سادة، لكن دلوقت بقيت باختار من النت شكل أو اسطنبة واحدة وأبدأ اعمل الفوانيس بنفس الاسطنبة».



خامات وأدوات بسيطة يعتمد عليها «أبو العتب» لتصنيع فوانيس رمضان، وهي: الصفيح المستورد من الصين، والأزير المستخدم في لحامها، ويضيف: «الكتابة والنقوش اللي موجودة على الفانوس فيه واحد تاني بيكون مسئول عنها، بيستخدم فيها حاجة اسمها شبلونة عشان يطبع الكلام والرسومات على الفانوس، وفيه واحد تاني بيكون مسئول عن اللحام».

صناعة الفوانيس ذات الأحجام الكبيرة يمكن أن تستغرق 3 أيام، ومتوسط عدد الفوانيس التي يصنعها «أبو العتب» في العام الواحد يصل إلى حوالي 150 ألف فانوس، حيث يتم تصدير الكثير منها إلى دول الخليج والدول العربية وعلى رأسها الأردن، ويوضح «أبو العتب»: «بس أنا ببيع للتجار الكبار وهم اللي بيصدروا للدول دي، وباقي الفوانيس بعرضها في الفرشة».

الشاق في هذه المهنة بالنسبة إلى «عم صلاح» هو المطاردات التي يعاني منها من قبل مسئولي الحي و«البلدية»: «كل  شويه بتوع الإشغالات والبلدية يعملولي محضر عشان إشغال الطريق، مع إن الشارع واسع، وأنا بقف شهر واحد بياخدوا مش أقل من 500 أو 600 جنيه عشان أقدر أقف في الشارع».

ويتابع: «رغم إننا بنصدر بره، وبشغل عمالة لكن الحكومة مش بتساعد حد، وكمان الأسعار زادت كتير عن السنين اللي فاتت وده خلى الحال يقف، ومبقاش فيه إقبال زي الأول، يعني قبل كده زي اليومين دول كنا بنبقى مقربين نخلص بضاعة».

لم تسلم صناعة الفوانيس من موجة الغلاء التي اجتاحت مصر، فحتى الأدوات التي يعتمد عليها «عم صلاح» زاد سعرها 3 أضعاف تقريبا: «الأزير اللي كان الأول بـ220 جنيه دلوقت بقى بـ600 جنيه.. وأسعار الفوانيس كمان زادت، بقت تبدأ من 25 جنيه لحد 600 جنيه».

مع نهاية الموسم يلم «عم صلاح» بضاعته ليعود لوظيفته الأساسية، وهي العمل بمطاحن ومحامص البن.

          

أسماء أبو بكر

أسماء أبو بكر

عن كاتب المقال: صحفية مصرية حاصلة على كلية الإعلام من جامعة القاهرة، تهتم بشؤون الطلاب