رئيس التحرير أحمد متولي
 الدول العربية.. تاريخ من القطيعة ترويه حكايات من العراق لقطر

الدول العربية.. تاريخ من القطيعة ترويه حكايات من العراق لقطر

في تاريخ الدول العربية وحكاياتها معا سنجد الكثير من العلاقات والدعم، والكثير من الخلاف والتناحر أيضا الذي يصل إلى حد القطيعة، بسبب خلاف سياسي أو عسكري أو حتى صراع حول الزعامة.

تلتفت مجموعة من الدول وتتفق فيما بينها أو يحدث الأمر بمحض الصدفة ربما؛ لتقرر مقاطعة هذه الدولة الشقيقة أو تلك.. مقاطعة تصل في أحيان إلى شيء أشبه بالعزلة السياسية أو الحصار الاقتصادي.

مقاطعة الدول العربية لمصر 

عندما وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد في العام 1979، التي تتضمن معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل؛ كانت النتيجة النتيجة هي قطع الدول العربية علاقتها بمصر.

المقاطعة الدبلوماسية تبعتها مقاطعة اقتصادية، ووقف الرحلات الجوية وتعليق عضوية مصر من الجامعة العربية، ونقل مقر الجامعة من مصر إلى تونس.

وحتى قبل توقيع الاتفاقية كانت هناك الكثير من البوادر التي تقول إن رد الدول العربية سيكون عنيفا؛ فقد عقدت الدول العربية بزعامة العراق قمة أطلقت عليها «جبهة الرفض» احتجاجا على هذه الاتفاقية؛ لكن مصر لم تتراجع.

وردت مصر بسحب سفارائها من بعض هذه الدول منها السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وتونس؛ لتستمر القطيعة عشر سنوات كاملة، فلم تُفعل عضوية مصر بالجامعة العربية إلا في العام 1989 عندما تحركت بعض الدول العربية لإعادة علاقاتها بمصر والموافقة على قرار بعودتها إلى جامعة الدول.

وتحدث الجانب المعارض لهذه الاتفاقية في مصر وخارجها عن أن مصر خسرت الكثير من الدعم الاقتصادي بعد هذه القطيعة، التي آثارت استياء كبيرا عند الجانب المصري، لكن الموقف المصري لم يتغير من اتفاقية كامب ديفيد أو حتى يحاول مهادنة الدول العربية؛ فالرئيس محمد أنور السادات كان دائم المهاجمة لهذه الدول، ووصف كامب ديفيد بأنها «شماعة» تعلق عليها الدول العربية رغبتها في الزعامة.

 

دول عربية تقاطع العراق

  • السعودية تقاطع العراق

بعد غزو العراق للكويت عام 1990 أعلنت المملكة السعودية قطع العلاقات وأغلقت سفارة العراق بالسعودية لأكثر من 25 عاما. فقد رأت السعودية أن العراق تنفذ مطامع إيران في المنطقة.

وكانت السعودية قد دعمت العراق في حربها ضد إيران فيما عرف بحرب الخليج الأولى؛ التي بدأت عام 1980 وانتهت 1988.

 وانقلب الموقف السعودي تماما من العراق، بعد تركها ساحة الحرب مع إيران لتغزو الكويت.

وحتى بعد مرور سنوات طويلة وعندما اشتعلت الأزمة السورية عام 2011 قالت السعودية إن العراق تساند نظام الرئيس بشار الأسد، وتسهل دخول المساعدات العسكرية الإيرانية له؛ وفقا لتقرير «سي إن إن».

انتهت هذه المقاطعة في العام 2016 بإرسال سفير للسعودية في بغداد، وزيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير للعاصمة العراقية.

كان الهدف الظاهر من عودة هذه العلاقات هو رغبة السعودية في الاستمثار في بنية التحتية للعراق وإعادة إعمارها؛ أما الأهداف السياسية والدبلوماسية فكانت رغبة الدولتين في اتخاذ خطوة نحو الحرب ضد الإرهاب؛ ورغبة السعودية في إيجاد وسيط بينها وبين إيران.

لكن التوتر عاد إلى السطح بسرعة عندما أعدمت السعودية القيادي الشيعي نمر باقر النمر، بتهمة الإرهاب.

وكان النمر قد طالب بإقالمة دولة شيعية في السعودية وهدد بانفصال بعد مدنها. وقالت العراق إن هذه التهمة يجب أن توجه لجماعات «داعش» ومن يعاونونها وليس من يعبر عن رأيه.

  • مصر تقاطع العراق


العلاقات بين مصر والعراق شهدت توترا في أكثر من مرحلة، منها المرحلة التي أعقبت اتفاقية كامب ديفيد، عندما سارعت العراق بعقد قمة لاستبعاد مصر من جامعة الدول العربية.

والمرحلة الثانية خلال غزو الكويت، عندما ساندت مصر الكويت في حربها ضد العراق، وأرسلت قوات من الجيش المصري لتحرير الكويت.

استمرت العلاقات في التدهور بعد الحرب على العراق، خاصة بعد مقتل سفير مصر بالعراق «إيهاب الشريف» عام 2005 في عملية خطف واغتيال أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها.

ومع العام 2009 عادت العلاقات بالتدريج وأرسلت مصر سفيرا جديدا إلى العراق، تمهيدا لتعاون على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي ومكافحة الإرهاب.

الدول العربية تقطع العلاقات مع قطر

في فجر الاثنين 5 يونيو 2017، أعلنت مجموعة من الدول العربية هي السعودية والإمارات والبحرين واليمن ومصر وليبيا، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وغلق الحركة الجوية والبحرية إلى قطر.

القرار جاء بعد تصريحات منسوبة إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بموقع وكالة الأنباء القطرية الشهر الماضي، قال فيها من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها.

وتقول هذه الدول أن تصريحات مثل هذه تؤكد استمرار قطر في سياستها بدعم الإرهاب في المنطقة سواء كان دعما عسكريا أو إعلاميا متمثلا في قناة الجزيرة.

لكن وزارة الخارجية القطرية تنفي هذه التصريحات المنسوبة وتقول أن موقع وكالة الأنباء القطري تعرض للقرصنة.

ونتيجة قطع العلاقات هبطت مؤشرات البورصة القطرية في الساعات الأولى من يوم الاثنين إلى أكثر من 7.5%، وفقا لـ«سكاي نيوز».

مقاطعة قطر لم تقتصر على الدول العربية فقد أعلنت جمهورية جزر المالديف مقاطعة قطر لأنها لا تسمع بأي أعمال تدعم الإرهاب.

ولم تكن تلك هي المقاطعة الأولى بين الدول العربية وقطر؛ فكانت السعودية قد رفضت من قبل المشاركة في القمة الإسلامية بقطر عام 2002، ثم سحبت سفيرها من الدوحة.

وفي العام 2014 أعلنت السعودية والبحرين والإمارات ومصر سحب سفرائها من قطر؛ فعلى مدى الأعوام السابقة شهدت العلاقة بين قطر وهذه الدول تعقيدات كثيرة وتصريحات يهاجم فيها كل جانب الآخر.

وسحبت قطر سفيرها من مصر عام 2015، بعد تصريحات تبادل الجانبان فيها اتهامات بعد استهداف من لتنيظم داعش في ليبيا بعد ذبحة 21 مسيحيا مصريا.

الدول العربية تقاطع سوريا


في العام 2012 أعلنت كل من السعودية والمغرب طرد السفير السوري في خطوة تصعيدية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، ولدعم الشعب السوري في ثورته.

الخطوة نفسها اتخذتها تونس في العام نفسه، بقيادة الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

السياسية نفسها اتبعها الرئيس الحالي لتونس الباجي قائد السبسي، الذي قال إن عودة العلاقات بين سوريات وتونس مرهون باستقرار البلاد.

وفي يونيو 2013  أعلن الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي مقاطعة سوريا وطرد السفير؛ وذلك خلال حديثه بمؤتمر «الأمة المصرية لدعم الثورة السورية».

لم تدم هذه القطيعة طويلا أو يدم «مرسي» نفسه في الحكم، بعد اندلاع تظاهرات في 30 يونيو أدت إلى الإطاحة بحكمه. أما النظام الجديد في مصر فقد أعلن دعمه للحكومة السورية، في «مواجهة التدخل الأجنبي والإرهاب».

وعندما جاء العام 2014 أعلنت الأردن هي الأخرى عن إغلاق السفارة السورية وطرد السفير السوري.

ثم شهدت العلاقات السورية الأردنية الكثير من الشد والجذب بعد أن انضمت الأردن لجبهة الحرب ضد داعش.

 واتهم بشار الأسد الأردن بأنها تحارب الإرهاب من جهة وتدعمه من جهة أخرى في الوقت نفسه؛ وذلك في حوار له مع شبكة روسيا اليوم بالعام 2015.

 

دول عربية  تقاطع الجزائر

  • المغرب والجزائر مقاطعة تامة

العلاقت بين المغرب والجزائر وصلت إلى قطيعة تامة  في العام 1976 لتستمر عشرات السنين من القطيعة السياسية والدبلوماسية التامة وإغلاق الحدود بين البلدين.

المقاطعة جاءت على خلفية مجموعة من الأحداث، منها أحداث إرهابية ضد منشآت سياحية في المغرب عام 1994 تورط فيها مواطنين جزائريين بجانب المغاربة؛ ثم حرب الرمال عام 1963 التي نشبت بين البلدين بسبب نزاع على الحدود، بعد حصول الجزائر على الاستقلال من الاحتلال الفرنسي.

حتى إن المغرب قد بنت جدارا حدوديا بينها وبين الجزائر استمر بناءه 7 أعوام؛ واعتبرت الجزائر أن بناء هذا الجدار هو اتهام صريح للجزائر بتسللل العناصر المسلحة لتنفيذ عمليات إرهابية بالمغرب.

وبدأت العلاقات في العودة  بحذر في العام 1988 يتخللها الكثير من التوتر حول المسألة السورية وتحميل الجزائر مسئولية بع العمليات المسلحة التي تنفذ بين الحين والآخر في المغرب.

  • الجزائر ومصر توتر أوشك على المقاطعة

لم يصل الأمر إلى القطيعة، ولكن هناك توتر كبير نشب بين مصر والجزائر في العام 2009، أعقبه سحب مصر سفيرها بالجزائر للتشاور.

بداية الأزمة كانت تعرض مجموعة من مشجعيي كرة القدم المصريين لهجوم، خلال ذهابهم لحضور المبارة بين مصر والجزائر بالخرطوم للتأهل لكأس العالم.

وتبادلت الاتهامات بين البلدين ساهم الإعلام في إشعالها، وتحميل كل جانب منهم المسئولية عما تعرض له المشجعين من هجوم.

العلاقات بعد هذا الحادث شهدت توترا وفتورا كبيرا، وبدأت العلاقات في معاودة نشاطها مرة أخرى في العام 2014 بعد توقيع للاتفاق على تعاون دبلوماسي واقتصادي.

 

 

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال