هكذا اصطحب خطاب 3 يوليو سلّم العمل الطلابي لـ«فووق»
تشهد الجامعات المصرية في الآونة الأخيرة هدوءا لم تعتده في السنوات الأخيرة فلا عمل سياسي ولا مظاهرات أو حتى أوجه ظاهرة للنشاط الطلابي المرتبط بالأحداث العامة للوطن.
كانت الجامعات المصرية مصدرا للتنوع السياسي منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير وازدهرت الحريات قبيل عزل «مرسي»، واستمرت كذلك بعد خطاب 3 يوليو إلا أنها أخذت في الخمود سنة تلو الأخرى حتى اختفت، فهل كان خطاب 3 يوليو بداية نهاية مسار العمل الطلابي الذي اعتادته الجامعات عقب ثورة يناير؟
تقييد ممثلو الطلاب
يبدو أن الاتحادات الطلابية هي الكيانات الأكثر تضررا من 3 يوليو 2013، فيتفق ممثلو الاتحادات الطلابية أن السنوات التي أعقبت 3 يوليو شهدت تضييقا في مساحات العمل الطلابي المشروع من خلال الاتحادات الطلابية. وقال رئيس اتحاد طلاب جامعة المنوفية، عمرو الشريف، «إن الدولة سعت لحصر دور الاتحاد في الأنشطة الرياضية البسيطة كدورات الشطرنج وكرة القدم».
وأكد الشريف منع الاتحادات من العمل على توعية الطلاب والتعنت في استقدام خبراء في المجالات الاجتماعية للمشاركة في الندوات، قائلاً: «مش مسموح جوه الجامعة غير إنك تجيب حد يقول تيران وصنافير سعودية، والعمل السياسي داخل الجامعة أشبه للنظام الناصري اللي بيشتغل بنظام هسمح للسياسة في الجامعة بس المهم تدعو للاشتراكية».
الأمن يتحكم
وعن الانتخابات الطلابية زعم رئيس اتحاد المنوفية أن «جهاز الأمن الوطني مازال يتحكم في اختيار ممثلي الطلاب كعهد مبارك»، ويرى أن الفارق الوحيد كان قبل ثورة يناير متعارف على الأفراد التابعين لأمن الدولة والمسئولين عن اختيار الطلاب بعكس الآن.
وانتقد نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة بنها، خالد نعيم، السياسات التي تتبعها وزارة التعليم العالي في التضييق على الاتحادات الطلابية، مشيرا إلى حل جميع الأسر المحسوبة على قوى سياسية، وما وصفه بالمماطلة في إعداد لائحة جديدة لوقف نشاط الاتحاد، بالإضافة إلى ما يراه بخلق أذرع طلابية تابعة للسلطة وهو ما برز من دعم قوائم بعينها بالموارد البشرية والمالية في انتخابات العام الدراسي 2015-2016.
السياسة ممنوعة
أجمع ممثلو حركات طلاب مصر القوية والاشتراكيون الثوريون وتيار الكرامة على أن خطاب 3 يوليو قضى على مكتسبات الجامعات المصرية من ثورة يناير، فأشار عضو حركة الاشتراكيون الثوريون، مصطفى التركي، أن الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير شهدت توسعا في مساحات الحراك الطلابي وظهور للحركات الطلابية، مشددا على أن تلك الفترة لم تشهد وصاية على الطلاب ما جعلهم يرون الأشياء على حقيقتها دون تضليل.
ووصف التركي ما يراه من تغير للوضع داخل الجامعات مع انطلاق السنة الدراسية التالية لعزل مرسي، بمنع أي صوت معارض وتضييق على الجامعات النشطة كالقاهرة والأزهر، بالحصار لمنع أي حراك سياسي، وهو ما اعتبره الأمين العام لطلاب مصر القوية، عمرو الزاهد، «قتلاً للنشاط الطلابي».
وفضّل عضو طلاب الاشتراكين الثوريون عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن العهد الحالي، لافتا أن الوضع حينها كان لا يتعدى المضايقات الأمنية لفاعليات معينة فيما وصل الأمر الآن لمنع أي نشاطات توعوية حتى ولو كانت بعيدة عن السياسة.
طلاب الإخوان السبب
ويحمّل عضو طلاب تيار الكرامة، مجدي طارق، طلاب جماعة الإخوان المسلمين جزءًا من مسئولية الوضع الذي وصلت إليه الجامعات الآن، متهمًا إياهم بإعطاء الفرصة لقوات الداخلية لاقتحام الحُرم الجامعية وفرض سيطرتها عليها من خلال نقل مواجهاتهم العنيفة مع الداخلية إلى داخل الجامعات.
ويستنكر طارق سوء الوضع الذي ترتب على تلك الأحداث حتى صار الأمر أشبه بتأميم الجامعات وتفريغها من النشاط على حد تعبيره، مشيرًا إلى فراغ تشهده الجامعات نتيجة اختفاء كيانات الإخوان وعدم قدرة النظام على خلق ظهير طلابي قوي يناصره، وضعف صدى الكيانات الأخرى.
لكن لـ3 يوليو مكتسبات
وعلى الجانب الآخر أشاد المنسق العام لصوت طلاب مصر، سعد النديم، بتجريد الجامعات المصرية من الكيانات السياسية المتواجدة بها، والقضاء على العمل السياسي بداخلها، مشددا على خطورة استقطاب الطلاب لأفكار واتجاهات معارضة داخل الجامعات.
وأكد على حق الطلاب في تلقي دروسهم العلمية داخل الحرم الجامعي دون شغب، قائلاً: «المظاهرات كانت مضايقة طلاب كتير لإن الجامعة مش مكان للمظاهرات والكاوتشات المحرقة والسياسة».
ويرى النديم بوجود مشكلات أكثر أهمية تتعلق بتطوير التعليم ومساعدة الطلاب غير القادرين ماديا. ولفت أن اتحاد الطلاب هو الكيان الشرعي الوحيد المسموح له بالعمل داخل الجامعة.
خسائر الطلاب في 3 سنوات
في مطلع مايو الماضي نشر مركز عدالة للحقوق والحريات تقريرا عن ما تعرضت له الحركة الطلابية في الفترة من 2013 حتى 2016 تحت عنوان «تأميم الجامعات.. السياسات الأمنية للسيطرة على الجامعات».
كشف التقرير عن مقتل 21 طالبا داخل الجامعات 18 منهم في العام الدراسي الذي أعقب بيان 3 يوليو، واحتجاز ما يقارب 3100 طالبا، وحظيت جامعة الأزهر بالنصيب الأكبر من أعداد القتلى والمحتجزين بنسبة تتخطى الـ50%.
يوضح مسئول الملف الطلابي بالمركز، أحمد عطا الله، أن هذه الأرقام الكبيرة نتيجة للسياسات الأمنية التي اتبعتها الدولة لإحكام سيطرتها على الطلاب، من خلال اقتحام الحُرم الجامعية، والملاحقات الأمنية للطلاب وإحلال الأمن الإداري محل الحرس الجامعي ومحاولات تجنيد الطلاب.
ويضيف أن الانتهاكات الأمنية رافقتها سياسات جامعية تعسفية بدءا من إعطاء الحق لرؤساء الجامعات بفصل الطلاب لأسباب التخريب أو التظاهر، بالإضافة إلى التعنت في أمر الانتخابات واللائحة الطلابية. وأشار إلى فصل 120 عضو هيئة تدريس على أثر خلفياتهم السياسية.