امرأة مصرية أشعلت أول انتفاضة خبز في التاريخ.. هذه قصتها
كتب- محمد أحمد:
لا يعلم كثيرون أن المرأة كانت حاضرة وبقوة في الانتفاضات التي خرج فيها المصريون يطالبون بالخبز، ويكفي أنها قادت مظاهرة في العصر الفاطمي تنادي بتوفيره بعد أن اختفى إثر أزمات اقتصادية أصابت البلاد. في كتابه «ثورات مصر الشعبية» يروي الدكتور عمرو عبد العزيز منير قصة السيدة المصرية التي قادت أول مظاهرة في التاريخ ضد الجوع.
في زمن خلافة المستنصر الفاطمي وتحديداً سنة 457هـ/1046م، قصّر النيل في فيضانه، فقلت المحصولات وقلت الأقوات - خاصة القمح والخبز - من الأسواق، واستغل التجار المحتكرون الجشعون الفرصة كالعادة واختزنوا الغلال والدقيق ليبيعونها في السوق السوداء، ويطلبون بذلك الثراء الحرام الفاحش على حساب أرزاق الناس.
ظل النيل على قصوره حتى اختفى الخبز تماماً من أسواق القاهرة والفسطاط، وطلب الناس الرغيف الواحد بـ15 ديناراً، فما وجدوه.
ويروي التاريخ أن سيدة ثرية من نساء القاهرة آلمها صياح الأطفال من الجوع فاشترت كيساً من الدقيق مقابل عقداً ثميناً من اللؤلؤ قيمته 1000 دينار، واستأجرت بعض الرجال يحملون لها الكيس حتى تصل إلى بيتها، ولكنها لم تكد تمشي بضع خطوات حتى هاجمها الجياع من كل ناحية، فاغتصبوا الكيس وما فيه ولم يتبق لها سوى حفة دقيق، فخبزتها ثم أخفتها في ملابسها وخرجت إلى الشارع وفي عنقها طبلة كبيرة تدقها وهي تنادي: «الجوع.. الجوع.. الخبز.. الخبز».
والتف الرجال والنساء والأطفال حول السيدة وقادت بهم مظاهرة سلمية حتى قصر الحكم، ووقفت تصيح في الناس وهي ترفع قرص الخبز في يدها: «أيها الناس، فلتعلموا أن هذه القرصة تقومت علىّ بألف دينار، فادعوا معي لمولاي السلطان!».
كانت تلك المظاهرة هي بداية لاتخاذ السلطة الحاكمة إجراءات أكثر صرامة لمنع الاحتكار في الأسواق التي امتلأت خلال ساعات قليلة بالقمح ووقف الباعة أمام حوانيتهم ينادون على الخبز كل رطلين بدرهم وطعم الشعب وفرح، وخرجت سيدة الأمس فقادت مظاهرة أخرى تهزج أهازيج الفرح وتنشد أناشيد الشكر للخليفة.
بذلك "قادت تلك المرأة المصرية المجهولة أول مظاهرة لنساء القاهرة قبل مظاهرة النساء في باريس بسبعة قرون" حين قامت إحدى نساء باريس في 5 أكتوبر سنة 1789 بمظاهرة من باريس إلى فرساي، وهي تحمل في عنقها طبلة تدقها منادية: «الخبز.. الخبز».