مش بس فرعوني.. الآثار الإسلامية في أسوان هتاخد عقلك
عندما تصل إلى أسوان، وقبل أن تبدأ جولتك السياحية في المدينة، يجب أن تأخذ قسطا كبيرا من الراحة وتجهز نفسك للخروج في الصباح الباكر. تناول فطورك جيدا، ومشروبك المفضل كذلك، فأمامك رحلة ممتعة مع الآثار الإسلامية في أسوان، والتي لن ترى فيها معالم دينية فقط، بل ستجرب فيها تسلق المرتفعات، والصعود لأعلى قمة في أسوان، وستستمع لقصص رومانسية إسلامية على شاطئ النيل العجيب، وأخيرا ستدور في الموالد الصوفية على الطريقة الأسوانية.
لن تذهب إلى أسوان للتجول بين المباني الأثرية وحسب؛ فأمامك الكثير من الأنشطة للقيام بها، والكثير من الصور الرائعة التي لن تجد لها مثيل في مصر كلها، فاستعد لرحلتك الممتعة جدا في هذه المواقع.
البقيع الأسواني
عندما تدخل إلى الجبانة الفاطمية أو البقيع الأسواني ستلاحظ مزيجا عجيبا من المقابر والأضرحة، تخبرك عن مراحل تاريخية تعاقبت في هذا المكان.
هناك المقابر الرملية البسيطة التي تعود إلى القرن الأول الهجري والتي دفن بها الصحابة والتابعين الذين عايشوا الفتح الإسلامي لمصر واستشهدوا في أسوان خلال معارك خاضوها للدفاع عن حدود مصر بعد الفتح، حتى أن هذه المنقطة تُلقب بـ«البيقع الأسواني».
وبمجرد أن تقع عيناك على الجبانة ستلاحظ أيضا المقابر الفاطمية ذات القباب المرتفعة، والتي كان يدفن بها الأمراء الفاطميين قديما، وأخذت منها التسمية «الجبانة الفاطمية» فالفاطميون هم من ابتكروا وضع القباب على الأضرحة.
الكاميرا يجب أن تكون صديقتك المقربة في هذه الرحلة، ولا تخرج من الجبانة قبل أن تعثر على النقوش الفرعونية والرومانية العجيبة.
هنا ستعرف أن هذه المقابر الإسلامية بُنيت فوق المحاجر الفرعونية القديمة، وهنا أيضا كان الطريق الذي يؤدي لجزيرة «فيلة» الفرعونية قبل أن تغرقها مياه السد العالي.
وقبل أن تترك المنطقة يمكنك المرور أيضا على مواقع أثرية قريبة، مثل متحف النوبة، الذي يضم آثار النوبة التي غرقت بسبب السد العالي. وهناك خزان أسوان إذا كنت من محبي المعالم الحديثة.
آثار فرعونية ونوبية لا تفوتك زيارتها في أسوان
مسجد الطابية
قبل زيارة مسجد الطابية استعد جيدا؛ فأمامك تجربة مرحة مع تسلق المرتفعات، وإن كانت مرهقة قليلا، ولا تنسَ أن تحضر معك زجاجة مياه.
المسجد يقع بأعلى «تل» في مدينة أسوان، والصعود إليه يكون من خلال سُلّم من مائة درجة، أو المطلع الذي يمكن الصعود إليه بالأقدام أو بالسيارة، لكن معظم الزوار وحتى أهالي البلدة يفضلون تجربة التسلق الممتعة.
وبمجرد أن تصعد آخر درجة، جهز نفسك لاستراحة تقضيها في حديقة المسجد، التي تضم أشجارًا ونباتات نادرة، لتخلق جوا أثريًا للمكان.
ومن هذا المرتفع ستشاهد مدينة أسوان بالكامل، وتلتقط الصور سواء في الحديقة ومدرجاتها البديعة، أو صورًا لهذه القمة مع خلفية المدينة التي تبدو من تحتها.
وبعد أن تنهي استراحتك ابدأ جولتك بالمسجد، ولكن قف قليلا خارج المبنى لتتأمل عمارته، هناك المآذن الشاهقة على الطراز المملوكي، وقبة المسجد الضخمة على الطراز الفاطمي.
وبمجرد أن تدخل إلى ساحة المسجد، يجب أن تكون عيناك معلقة بالسقف، لتستمتع بالتحف الفنية، مثل القبة التي يتدلى منها القنديل الضخم، والمشكاة المضيئة والمزينة بالخط الكوفي.
وبعد الانتهاء من تفاصيل المسجد، جهز نفسك للصعود لأعلى المئذنة، مع العدسات المكبرة التي ستكون قد أحضرتها معك، حتى تشاهد معالم المدينة كلها من هناك، كأنك في برج عالي.
زيارة مسجد الطابية في شهر رمضان أو الأعياد لها نكهة خاصة بالتأكيد، حتى تعايش تجربة استطلاع هلال رمضان من أعلى المئذنة، التي تعتبر أعلى قمة في أسوان كلها.
ورغم أنه بمجرد أن تنظر إلى واجهة المسجد سشتعر كأنك أمام أحد المساجد الأثرية القديمة؛ لكن يجب أن تعلم أن هذا المسجد العجيب ليس أثريا وإن كان معلما سياحيا هاما بأسوان، ففي هذا المكان بنى عليها «محمد علي» باشا أول كلية حربية في مصر.
تخليدا لهذا المكان الموقع الأثري، بنى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مسجد الطابية على طراز المساجد القديمة في العصر المملوكي والفاطمي.
ضريح أغا خان
بعد رحلتك المرهقة في مسجد الطابية، ستحتاج إلى مكان هادئ وسط الطبيعة، وهنا عليك زيارة ضريح أغا خان، المبني على الطراز الفاطمي.
المركب الشراعية وسط النيل التي ستصل بها إلى الجزيرة التي يقع فيها الضريح، كفيلة بأن تنسيك التعب تماما، خاصة بعد أن تجد أمامك هذا المنظر العجيب الذي يجب أن تلتقط له الكثير من الصور؛ النيل والأشجار، وفيلا أغاخان التي بناها بالقرب من الضريح، ومن بعيد يبدو فندق كتراكت الشهير الذي صُور فيه مسلسل «جراند أوتيل»، وستشاهد من بعيد الجزء الجنوبي لحديقة النباتات.
زيارة ضريح أغا خان، ستكون أفضل ساعة العصاري وحتى المساء؛ حتى تستطيع الاستمتاع بمعالم الجزيرة؛ وفي نفس الوقت تستمتع لحكاية أغا خان الرومانسية مع زوجته، وقصة دفنه في هذا الضريح، من خلال عرض الصوت والضوء.
ففي هذا الضريح ستعايش أجمل قصة رومانسية في القرن الماضي؛ فأغا خان هو أمير هندي وأحد زعماء الشيعة، نصحه الأطباء بالقدوم إلى أسوان للعلاج من الروماتيزم، وعندما تم شفائه بالفعل، قرر أن يقيم في أسوان للأبد وبنى فيها القصر والضريح.
وبعد وفاة الأمير، ظلت زوجته تزور قبره يوميا وتضع عليه وردة كل يوم، إلى أن توفت هي الأخرى ودفنت إلى جوار زوجها في عام 2000.
أسوان.. جزر ومحميات كأن غابات أفريقيا على شط النيل
المسجد العمري بإدفو
هذا المسجد تحديدا يجب أن تزوره في الصباح، وسيكون عليك الاستيقاظ مبكرا، لأنك ستحتاج يوما كاملا لتنتقل من أسوان إلى مدينة إدفو القريبة، فالطريق يستغرق أكثر من ساعة سواء بالسيارة أو المركب.
كل شيء في المسجد سيوحي لك بالقدم والعراقة؛ فالنوافذ لا تزال مصنوعة من الخشب الذي يشبه المشربيات القديمة، ويسمح بتسلل أشعة الشمس الخافتة، مما يجعل زيارته في النهار أفضل كثيرا.
هذه المرة لا تشغل نفسك كثيرا بالتقاط الصور أو كثرة التجول، بل اسمح لنفسك بالجلوس والاسترخاء قليلا في هذا الجو الروحاني الجميل.
منذ اللحظة الأولى التي ستدخل فيها المسجد العمري ستشعر أنه مكان أثري عتيق، فالمسجد بني على أنقاض معبد قديم، وستلاحظ أنه قائم على الأعمدة الفرعونية على شكل زهرة اللوتس، بجوار الأعمدة ذات الطراز الروماني. كما أن الجامع بني في العصر المملوكي، وتحديدا في العام 797 هجريًا.
لا تفوت كذلك تجربة الصعود إلى المئذنة، فبخلاف الطراز المعماري المستوحى من العصر الفاطمي؛ فالمسجد بني على أحد التلال ويعتبر أحد المساجد المعلقة بالمنطقة. ومن فوق هذه المئذنة ستسطيع مشاهدة المعالم والمعابد الفرعونية القريبة بالمنطقة، وأهمها معبد إدفو.
مسجد الحاج حسن
لا مانع من الاحتفال والبهجة خلال زيارتك للآثار الإسلامية، فأنت الآن في مسجد «الحاج حسن» أحد أهم المساجد الصوفية بأسوان.
وفي هذا المسجد يوجد مقام الحاج حسن، أحد شيوخ الطريقة الشاذلية، وقد بني هذا الجامع ليدعو فيه الناس للطريقة الصوفية عام 313 هجريًا.
في وسط المسجد ستجد الضريح، وستشاهد طقوس أهالي أسوان في التبرك بالأولياء؛ النساء هناك يضعون أوراق النعناع ذات الرائحة المنعشة والقوية، كنوع من التبرك بدل الشموع.
مرة أخرى لا تنهمك في التصوير، بل استمتع بمشاهدة هذه الطقوس، وتحدث مع رواد المسجد، واسمح لنفسك بالتعرف على عاداتهم في التبرك بالأولياء.
وإذا أردت الاستمتاع بهذه الطقوس كاملة، فلا تفوت زيارة المسجد في أواخر شعبان وبداية رمضان حين تقام احتفاليات بمولد الحاج حسن، وتقام فيها الولائم وتوزع المشروبات، مع المدائح النبوية والدروس الدينية.
وقبل أن تترك المسجد لتستكمل رحلتك في الخارج؛ لا تنسَ أن تمر ببائعي المنطقة الذين يبيعون العطور والبخور والمسابح والجلاليب، لتشتري لك تذكارا من هناك.