أسوان.. جزر ومحميات كأن غابات أفريقيا على شط النيل

أسوان.. جزر ومحميات كأن غابات أفريقيا على شط النيل

هل تريد أن تقضي إجازة سعيدة في أسوان وتستمتع بقدر كبير من الاسترخاء والهدوء؟ إذًا لا يجب أن تقتصر زيارتك على المعالم الأثرية في المدينة، بل استعد وجهز حقيبتك لرحلة ممتعة وسط الطبيعية؛ فهنا ستعيش في جو منعزل بين الجزر النباتية والمحميات الطبيعية والقرى النوبية البسيطة.

جزيرة النباتات

من حسن حظك أنك لن تستطيع الوصول لجزيرة النباتات إلا من خلال مركب في النيل. ففي الرحلة «ستنسى نفسك» فعلا، فهنا لا يوجد إلا مياه النيل والجزر والصخور التي تبرز بين المياه بألوان وأشكال عجيبة، وطيور نادرة تحلق وتلتقط الأسماك من المياه. أو تستريح قليلا على هذه الضخور. ستشعر كأنك في رحلة أفريقية بين الأنهار والغابات.

 وعندما تقترب من جزيرة النباتات اسأل عن المدخل الرئيسي؛ فمن هذا المدخل ستسير في  ممر طويل وعلى جانبيك أشجار نخيل عمرها مائة عام؛ ومساحات خضراء إلى مالا نهاية. التقط  لنفسك الصور في هذا الممر البديع.


تمشى بهدوء في جزيرة النباتات وخذ نفسا عميقا واستشعر النسيم المليء براحة الورود الذي يغسل روحك؛ فأنت الآن في غابة مصغرة.. جزيرة كاملة من النباتات فقط. هنا ستتجول بين 600 نوع من الزهور والنبتات والأشجار النادرة. سيغريك هذا المنظر بالتقاط الكثير من الصور؛ لكن لا تفعل ذلك  فورا؛ واسترخِ وسط الطبيعة وانسَ كل شيء.


وبينما تسير بداخل الجزيرة ستشاهد مجموعة من الطيور النادرة؛ بالأوانها البديعة وأشكالها الغريبة، لكن احترس فالصيد ممنوع في الجزيرة.

وعندما تشعر بالتعب من كثرة التجوال اذهب إلى شاطئ النيل؛ وهناك ستجد الكافيهات لتناول بعض المشروبات أو الوجبات الخفيفة.

أخرج النظارة المكبرة التي ستكون قد أحضرتها معك، واستمتع بالتفاصيل؛ من هنا ستشاهد جزيرة إلفنتين وقبة الهواء؛ وما عليهما من معابد وآثار فرعونية ونوبية.

قبل أن تخرج من الجزيرة يجب أن تزور متحف الحديقة الذي يضم مجموعة مدهشة من النباتات المجففة والأحياء المائية.

متحف أنماليا

عندما تعبر الجانب الآخر من جزيرة النباتات ستجد جزيرة إلفنتين النوبية التي تشمل الكثير من المعابد الفرعونية والنوبية؛ اترك كل هذا هذه المرة؛ وتمشى قليلا على الجزيرة النوبية، وبين منازلها الملونة.

من الخارج سيظهر لك منزل نوبي كبير؛ عليه لافتة صغيرة مكتوب عليها «Animalia».. أنت الآن في أحد المتاحف المخصصة للحياة البرية.

عندما تدخل إلى المتحف سيستقبلك عم «محمد صبحي» وزوجته الست «أسماء»، فهما يحرصان على متابعة كل شي بنفسيهما بعد أن حولا منزلهما النوبي الكبير إلى متحف طبيعي.

هنا في أنيماليا ستنسى الجدران حولك وتشعر أنك في محمية طبيعية أو غابة برية، جهز الكاميرا؛ لأنك ستلتقط الكثير من الصور لحيوانات برية وطيور محنطة عاشت قديما في النوبة.

لا تجعل التصوير ينسيك التأمل في كيفية تحنيط هذه الحيوانات؛ فهي ليست محنظة بالعصر الفروعوني؛ ولكن الست «أسماء» هي من حنطتها.

عندما تنتهي من مشاهدة الحيونات، ستجد غرف أخرى بالمتحف؛ تحكي عن تاريخ النوبة ومأساة التهجير؛ وعادات وتقاليد النوبة وأساطيرهم في جميع العصور؛ الفرعونية والمسيحية والإسلامية. ويجب أن تمر أيضا على قسم المشغولات اليدوية؛ فهناك الأواني والإكسسوارات والأقمشة.

وعندما تشعر بالتعب من التجول في المتحف؛ اصعد إلى «الروف» لتجد الاستراجة النوبية التي «ترد الروح». استرخِ قليلا، واستمتع بهذه «القعدة» البسيطة على المفارش النوبية الجميلة، وتناول مشروبك الساخن في الأوعية الفخارية النوبية. وإذا قررت تناول وجبة؛ فيجب أن تجرب الطعام النوبي هذه المرة.

محمية سالوجا وغزال

عندما تصل إلى جزيرتا سالوجا وغزال ستشعر أنك في غابة أفريقية صغيرة؛ فأنت هنا في محمية طبيعية متكاملة.

سترسو بك مركب في النيل عند شاطئ الجزيرة؛ وفي هذه المرة ستبدو مياه النيل صافية وهادئة وتميل إلى الخضرة، بسبب انعاكاسات الأشجار الكثيفة حولها؛ وهنا ستجد أشجارا عمرها مئات السنين تنمو بلا تهذيب حتى تتدلى أوراقها الكثيفة في مياه النيل.


وقبل أن تصعد إلى الجزيرة ستقابلك تشكيلة فنية من الأحجار؛ التي كانت ترقد يوما تحت مياه النيل؛ وتنكشف عندما ينحسر النيل في الشتاء، قف قليلا والتقط الصور، ثم اجلس قليلا لتراقب تشكيلة الأسماك المختلفة التي تحملها مياه النيل إلى الجزيرة.

يمكنك ممارسة الكثير من الأنشطة هنا؛ أخرج النظارة المكبرة واستمتع بمراقبة 60 نوع مختلف من الطيور بأشكالها العجيبة.


اجلس على الصخور متأملا جمال الطبيعية والأشجار النادرة من حولك. ما رأيك أن تأخذ «فوتو سيشن» في هذا المكان الذي لن يتكرر؛ خصوصا لو كنت أحضرت معك بعض الأوشحة أو الاكسسوارات النوبية؟

وبعد أن تنتهي من الطيور، تجول في الجزيرة وابحث عن الثعلب الأحمر، فهو حيوان نادر، ولا يعيش بهذه الجزيرة، ولكنه يهاجر إليها عن طريق السباحة في النيل.. ما رأيك أن تلتقط له بعض الصور.. ألا يبدو لطيفا؟

 القرية النوبية 

جمع أصدقائك واذهبوا لقضاء يوم في قرية «غرب سهيل» النوبية، فهناك ستعيش الحياة النوبية الريفية «على أصلها».

ويجب أن تضع «التمشية» في شوارع القرية على برنامجك لهذا اليوم؛ فالتمشية بين البيوت المبهجة المرسومة بالفن النوبي هي متعة في حد ذاتها؛ خاصة أن على جانبيك سيكون نهر النيل والمساحات الخضراء.

وإذا أعجبك أحد البيوت النوبية ادخله على الفور وبلا استئذان؛ فهذه القرية بالذات مصممة لتكون قرية سياحية أشبه بالمتحف المفتوح.


في البيت النوبي اجلس قليلا في الاستراحة الريفية، وجرب مشروب «الحلفا بر» النوبي؛ وهناك أيضا مشروبات نوبية معتادة مثل الكركديه والشاي بالنعناع إذا كنت لا تفضل المشروبات الغريبة.

وبعد أن تستريح قليلا، تجول في أركان البيت النوبي، فكل ركن فيه يحمل طابعا خاصا؛ هناك ركن التماسيح، الذي يربي فيه النوبيون التماسيح. جرّب أن تلعب مع التماسيح الصغيرة فهي ليست مؤذية، والتقط الصور معها.

وبالنسبة للفتيات فهناك ركن لرسم الحناء؛ والتي سترسمها لك سيدات نوبيات.

ومع هذا الجو المليء بالفن والبساطة ستشعر أنك بحاجة للاسترخاء؛ لذلك اذهب إلى ركن الموسيقى والأغاني النوبية، ولا تفوت مشاركة الرقصات مع الفرق النوبية، ستشعر بالمزيد من البهجة.

بعد ذلك اصعد إلى «الروف» لتشاهد مظهر النيل من أعلى، تحيط به سلسلة الجبال إلى مالا نهاية. والآن يمكنك طلب وجبة  طعام، فهناك الأكلات النوبية اللذيذة مثل الفطير والعسل والمش؛ والبامية الويكا، والملوخية الأتر التي تصنع من أوراق الخُبيزة. تناول الطعام على مهل بينما تستمع بهذا المشهد البديع.


وعندما تخرج من البيت النوبي، فأمامك شيئين؛ الأول ستذهب لركوب الجمال التي ستير بك على شاطئ النيل.

وبعد ذلك يجب أن تمر على السوق الذي يعرض مختلف المنتجات اليدوية النوبية. وهناك ستجد كل شيء، المشروبات والتوابل، والملابس والأقمشة والسجاد والحقائب.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال