رئيس التحرير أحمد متولي
 بعد أحداث 11 سبتمبر.. أفلام أجنبية دافعت عن العرب والمسلمين

بعد أحداث 11 سبتمبر.. أفلام أجنبية دافعت عن العرب والمسلمين

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، اختارت بعض الأفلام الأجنبية أن تنحاز للعرب والمسلمين ضد الإدارة الأمريكية، وأن تبتعد عن الصورة التي تتبناها بعض وسائل الإعلام أو أفلام هوليود، والتي تصور العرب والمسلمين باعتبارهم متطرفين أو إرهابيين.

هذه الأفلام سلطت الضوء على الاضطهاد والعنصرية التي يعانيها العرب المقيمين في أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر. ومن هذه الأفلام ما كان أكثر جرأة واتهم الحكومة الأمريكية بتلفيق الأدلة لتبرير حرب العراق أو تعذيب العرب في السجون دون أي دليل.

أفلام انتقدت الحرب الإعلامية ضد المسلمين

  • Civic Duty 

منذ أن اندلعت أحداث 11 سبتمبر، وصاحبها حملة إعلامية للحرب على الإرهاب، تصور كل ما هو مسلم أو عربي على أنه مصدر للإرهاب.

الحملة لم تُثر شكوك العرب حول العالم فقط، ولكن لفتت انتباه المخرج الكندي جيف رينفور لينتج فيلمًا مستقلا بعنوان Civic Duty  أو «واجب وطني» وينتقد فيه حملة «غسيل المخ» التي يتعرض لها الأمريكيين على يد وسائل الإعلام.

في الفيلم نشاهد بيتر كروس وهو يؤدي شخصية محاسب أمريكي، تهزه هجمات 11 سبتمبر العنيفة، حتى إنه يسلم عقله لكل ما يقال عن العرب والمسلمين في وسائل الإعلام.

الهوس بالحرب على الإرهاب وكره المسلمين يصل بـ«كروس» إلى الحد الذي يراقب فيه جاره العربي الذي يؤدي دوره خالد أبو النجا؛ والذي جاء إلى أمريكا للدراسة. يحاول «كروس» إثبات بأي شكل أن جاره على صلة بمنظمات إرهابية؛ حتى أنه يبلغ عنه مكتب التحقيقات الفيدرالية دون دليل؛ وكأنه يؤدي «واجب وطني».

في النهاية سيكون «كروس» هو من يختطف الطالب العربي ويحتجزه ويهدده بالقتل. ليطرح الفيلم تساؤلا ضمنيا: «هل تدري حقا ما هو الإرهاب»؟

أفلام تناقش مشاكل المسلمين بعد 11 سبتمبر

  • My name is Khan

اختار مخرج فيلم «My name is Khan» أن يبتعد عن السياسة كثيرا، ليتوجه برسالته إلى المجتمع الأمريكي، وغيره من المجتمعات التي هاجمت العرب والمسلمين بعد 11 سبتمبر.

الفيلم يدخل في حياة الشاب المسلم رضوان خان الذي يجسد شخصيته الممثل الهندي الشهير «شاروخان». يركز الفيلم على أفكاره وعلاقاته الإنسانية وتفاصيل حياته اليومية؛ ليقول إن المسلم مثل أي إنسان، لا تحكم عليه من مجرد الاسم.

«خان» هو شاب مصاب بالتوحد منذ طفولته، وهو يعيش حياة مسالمة ومليئة بتقبل الآخر، فهو يحب الفتاة الهندوسية «مانديرا» التي سبق لها الزواج والإنجاب، فيتزوجها ويرعى طفلها أيضا.

حياة «خان» تبدو مثالية جدا، حتى تأتي أحداث 11 سبتمبر، ويُقتل ابن «مانديرا» على يد المتطرفين الأمريكيين الذين يكرهون كل ما يمت للمسلمين بصلة.

يرتكب الأمريكيون أخطاء كثيرة يريد الفيلم أن يقول إنها تندرج تحت مسمى التطرف أيضا. فهم يتعرضون للمسلمين بالأذى، وقوات الأمن تعذب شخصا معاقا لأنه مسلم.

وفي كل هذا يخوض «خان» رحلة مرهقة ويتعرض لألوان كثيرة من الاضطهاد، ليقابل الرئيس الأمريكي ويقول له شيئا واحدا: «أنا اسمي خان وأنا لست إرهابيا».

«إنه أكثر من مجرد اسم»، هذا هو الشعار الذي يحمله الفيلم، ليسلط الضوء على مفهوم الإسلام وأخلاقياته وقدرة المسلمين على التعايش مع الآخر؛ فلا تحكم عليهم من اسمهم أو دينهم.

  • Moozlum.. أو «مُسلم»


السينما المستقلة تعود مرة أخرى بفيلم «Moozlum» أو «مُسلم» ليكون لها وجهة نظر مخالفة لما تروجه الحكومة الأمريكية.

المخرج هنا سيكون الأمريكي المسلم قاسم بصير، الذي يقول عن فيلمه: «أردت للمسلمين الأمريكيين عندما يرون الفيلم أن يقولوا هذا يمثلنا».

الفيلم يترك السياسة قليلا، ويدخل في تفاصيل حياة عائلة أمريكية مسلمة. فهذا هو الطفل «طارق» الذي يحاول معلمه في المدرسة أن يعزله هو وأصدقاءه عن المجتمع حوله، فلا يتحدث أو يصحاب غير المسلمين، ومن يفعل غير ذلك يتعرض للضرب.

يكبر «طارق» ويدخل الجامعة، ويصطدم فكره بالحرية غير المحدودة التي يتيحها مجتمعه الأمريكي، بعيدا عن مجتمعه الإسلامي المنغلق.

الأمر يزداد سوءا بعد أحداث 11 سبتمبر، بالنسبة له ولأصدقاءه المسلمون الذين يتعرضون لاضطهاد، حتى إن «طارق» يفكر أن يترك دينه ليتخلص من هذه المشاكل.

وفي هذه الحيرة الشديدة واللحظة الحرجة، تظهر في حياة «طارق» شخصيات تعطي نظرة صحيحة عن الإسلام. أستاذه الجامعي ووالدته وصديقه، يستطيعون احتضان «طارق» ويجعلونه أكثر فهما للإسلام وتمسكا به، بعيدا عن الأفكار المتطرفة.

  • American East

المخرج والممثل هذه المرة هو أمريكي من أصل مصري، يدعى سيد بدرية، والفيلم هو «American East».

في الفيلم يستلهم «بدرية» الكثير من حياة العرب المقيمين في الولايات المتحدة، ونظرتهم للحلم الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر.

فبطل الفيلم هو رجل يعيش حياة هادئة ومسالمة للغاية، يحلم بمستقبل أفضل له ولأطفاله، ولتحقيق ذلك، يبدأ في توسيع المطعم الشرقي الخاص به، ويشارك أعز أصدقاءه الذين يثق بهم، وهو أمريكي يهودي.

حتى الآن لا تظهر أي مشكلة كبيرة، ولكن عندما تندلع أحداث 11 سبتمبر، وما يصاحبها من حملة ضد الإرهاب؛ يصبح «بدرية» متهما ومحل شكوك من الحكومة بأن له صلات بالإرهابيين.

وعلى الجانب الآخر تؤثر كل هذه الأحداث على ابنه الصغير، الذي يفكر في ترك الإسلام.

الفيلم يتخذ أوضاع العرب في أمريكا كوسيلة ليغوض كثيرا في نفوسهم وما يحملونه من أحلام وطموحات ومخاوف وشكوك بعد هجمات سبتمبر. هذه الحيرة تجسدها مقولة بطل الفيلم: «لا أزال أؤمن بهذا البلد»، يعني أمريكا. بينما يتهمه صديق مسلم بأنه أصبح «بلا هوية».

أفلام أجنبية انتقدت غزو العراق

  • Fair Game 

وبعد هذا الحشد الإعلامي الرهيب، تنجح الولايات المتحدة في الحشد لتأييد شعبها لحرب العراق، بعد عامين من هجمات 11 سبتمبر.

في الفيلم سنشاهد جانبا آخر من الرأي العام الأمريكي يصطدم بقوة مع الإدارة الأمريكية، فالمخرج الأمريكي دوج ليمان يوجه اتهاما صريحا للحكومة الأمريكية، باختلاقها أسبابًا وهمية لتبرير حرب العراق.

في فيلم Fair Game أو «لعبة العدالة» نرى الجميلة ناعومي واتس تحولت إلى عملية للمخابرات الأمريكية، وتُكلف بالتحقيق في صفقة يورانيوم مشع بين العراق والنيجر؛ بالتعاون مع الممثل المصري خالد النبوي.

«ناعومي» تجمع الكثير من الأدلة والوقائع التي تثبت عدم حدوث هذه الصفقة، لكن الحرب على العراق تمضي في طريقها.

في النهاية يكون مصير العميلة الفيدرالية هو حملة مكثفة ضدها تشوه سمعتها وتفسد علاقتها بزوجها الذي وقف إلى جانبها في القضية؛ ثم يصبح أطفالها في خطر.

لم يكن Fair Game مجرد رأي آخر يتبناه مخرج الفيلم أو أبطاله، فهو مأخوذ عن مذكرات عملية الاستخبارات الأمريكية فاليري بلايم التي هزت الرأي العام بمذكراتها التي صدرت عام 2005، بعنوان «لعبة عادلة: حياتي كجاسوسة وخيانة البيت الأبيض لي».

  • Green Zone 

ورغم أن Fair Game هو الأكثر جدلا لاعتماده على مذكرات حقيقية؛ لكن هناك فيلم آخر وهو Green Zone أو «المنطقة الخضراء» لا يقل أهمية في نظرته للعرب والمسلمين ولغزو العراق تحديدا.

أهمية الفليم لا ترجع إلى محتواه فقط، فهو إنتاج أمريكي- بريطاني- فرنسي؛ وكأن البعض من أبناء هذه الدول اجتمعوا لرفض رؤية الإدارة الأمريكية تجاه العرب.

الفيلم يناقش السبب الحقيقي وراء غزو العراق في مشهد النهاية الذي يصور بطل الفيلم «مات ديمون» وهو متجه إلى آبار البترول، بعد أن فشل في إثبات وجود أسلحة نووية بالعراق.

فطوال الفيلم كان «ديمون» رجل الاستخبارات الأمريكي المكلف بالبحث عن الأسلحة النووية بالعراق.

وبعد سلسلة طويلة ومرهقة من البحث، بدأ يشكك في الرواية الرسمية لوجود تلك الأسلحة من الأساس، ثم يلتقي بأحد القادة العراقيين الذي يقنعه بالذهاب والإدلاء بشهادته بتوقف البرنامج النووي للعراق منذ التسعينيات، لكن هذا القائد يُقتل، وتضيع معه الأدلة للأبد.

أفلام أجنبية انتقدت تعذيب المسلمين في السجون

  • Rendition

يأتي فيلم «Rendition»  لينتقد التعذيب داخل السجون الأمريكية. الفيلم إنتاج أمريكي؛ أما البطل الرئيسي في الفيلم فهو الممثل الأمريكي المصري الأصل عمر متولي بجانب الأمريكية ميريل ستريب.

«متولي» يؤدي شخصية مهندس شاب من أصول عربية يدعى «أنور الإبراهيمي» ناجح في عمله، ومتزوج من فتاة أمركية جميلة، ولديه وظيفته المضمونة وراتبه الكبير.

وفي خلال عودته من مؤتمر بالخارج، تعتقله الـ«سي آي إيه» لاشتباهها في علاقته ببعض الجماعات الإرهابية، وتلقيه أموالا ضخمة منها لتنفيذ عملية إرهابية.

«أنور الإبراهيمي» يتعرض لكل أنواع التعذيب لإجباره على الاعتراف، دون وجود أي دليل يدينه.

وهنا يسلط الفيلم الضوء على تواطؤ بعض الدول العربية في جرائم التعذيب، بتسليمها لبعض المشبه بهم أو مشاركتها في التحقيق، دون وجود أدلة حقيقية ضد المتهمين.

الشيء الذي يشعل السخرية والسخط من الإدارة الأمركية، هو أن الفيلم ينتهي بإطلاق سراح «الإبراهيمي» بعد أن تكتشف الـ«سي آي إيه» أنها أخطأت في بيانات المتهم؛ وأنه ليس هو الشخص المطلوب، بعد كل هذا!

​​​​​​​

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال