حماس «إرهابية واقتحمت السجون واغتالت النائب العام»، لكن هناك حسابات أخرى
كان عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، شرارة البدء لتوتر كبير في العلاقات بين الحكومة المصرية وحركة حماس.
فبعد 30 يونيو 2013، اعُتقل «مرسي» على خلفية اتهامه في عدة قضايا، كان أبرزها التخابر مع حماس، واقتحام سجن وادي النطرون، وتهريب المعتقلين؛ خلال ثورة 25 يناير.
لكن اتهام حماس نفسها بالتورط في هذه القضية يعود لأيام قليلة فقط، قبل الإطاحة بـ«مرسي» عندما قضت محكمة جُنح الإسماعيلية في 24 يونيو 2013 بإحالة قضية اقتحام السجون للنائب العام.
وعندما طلبت المحكمة من النائب العام أن يخاطب «الإنتربول» للقبض على عناصر من «حماس» و«حزب الله» وتنظيم القاعدة شاركوا في الاقتحام؛ كانت توجه اتهامًا صريحا لـ«حماس» بوجود علاقة وبينها وبين هذه الأطراف.
2014 .. مصر تحظر حركة حماس
لم تمر شهور كثيرة، حتى جاء يوم الرابع من شهر مارس عام 2014، وقضت محكمة الأمور المستعجلة بحظر جميع أنشطة حركة حماس في مصر، وغلق جميع مكاتبها، والتحفظ على أموالها.
الحكم جاء بعد الدعوى الذي رفعها المحامي سمير صبري، وقال إن حماس قد تحولت عن مسارها من دعم القضية الفلسطينية، إلى دعم الإخوان المسلمين وتنفيذ عمليات إرهابية في مصر؛ على رأسها اقتحام سجون وادي النطرون وتهريب المعتلقين.
2015.. كتائب القسام جماعة إرهابية
التوتر بين الدولة المصرية وحماس، تصاعد في العام 2015، إلى الحد الذي أصدرت محكمة الأمور المستعجلة قرارا يعتبر أن كتائب عز الدين القسام – الذراع العسكري لحماس – جماعة إرهابية.
الحكم اعتبر أيضا أن كل من ينتمي لهذه الجماعة داخل مصر، سيصنف ضمن العناصر الإرهابية.
القرار جاء بعد عمليات مسلحة استهدفت الجيش المصري في سيناء، منها عملية «كرم القواديس» عام 2014 - والتي اعتبرت العملية الأكثر عنفًا، وراح ضحيتها أكثر من 30 جنديا.
وحمل قرار المحكمة اتهامًا لكتائب عز الدين القسام باستغلال الأنفاق للتسلل إلى حدود مصر وتنفيذ عملية «كرم القواديس».
- الأمور المستعجلة: حماس جماعة إرهابية
وبعد ثلاثة أيام فقط من هذا الحكم أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكما بإدراج حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية.
قضية اقتحام السجون تصبح الاتهام الرئيسي الذي وُجه لحماس، إلى جانب مساعدة أعضاء جماعة الإخوان على الهرب من السجون، والمشاركة في قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير.
محكمة الأمور المستعجلة، علقت على الحكم بأن هناك أدلة تثبت هذه التهم بالدليل القاطع، ومن ضمنها تسجيلات وشهادت مسئولين أمنيين.
القرار زاد من حدة التوتر بين الحكومة المصرية وحماس؛ حتى اعتبرت الأخيرة الحكم قد صدر لاعتبارات سياسية، ويعبر عن تغيير جذري في رؤية المقاومة الفلسطينية.
ولم تمضِ أكثر من ثلاثة أيام أخرى حتى اتهمت وزارة الداخلية في غزة الجيش المصري، بتعمد إطلاق النار على نقاط تتبع الأمن الفلسطيني.
- إلغاء الحكم
ستة أشهر أخرى تالية، وتحديدا في شهر يونيو من العام 2015، كانت كفيلة بأن تتراجع الحكومة المصرية عن قرارها، باعتبار حماس منظمة إرهابية.
وجاء التراجع كنوع من تأكيد مصر موقفها الإيجابي للقضية الفلسطينية؛ بعد أن قدمت هيئة قضايا الدولة، طعنا على قرار محكمة الأمور المستعجلة باعتبارها غير مختصة في نظر القضايا التي تتعلق بالمنظمات الإرهابية، وفقا لقانون صدر في فبراير من العام نفسه، وبعد صدور حكم «الأمور المستعجلة» بأيام.
القرار لقي تأييدًا من الجانبين المصري والفلسطيني؛ كانت مصر تشدد على دورها الداعم للقضية الفلسطينية، بعد أن تصاعدت نبرات الغضب من جانب حماس، بأن مثل هذه الأحكام، ستعبر تغييرا في سياسات مصر تجاه القضية.
لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن.
2015 .. اتهام حماس باغتيال النائب العام
العلاقة بين الطرفين كادت أن تعرف بعض الهدوء، بعد التراجع عن اعتبار حماس منظمة إرهابية، لولا حادث اغتيال النائب العام.
فبعد ستة أشهر فقط؛ وتحديدًا في نهاية شهر يونيو 2015؛ اغتيل النائب العام، هشام بركات في حادث انفجار سيارة مفخخة، استهدفت موكبه بعد خروجه من بيته متوجها إلى عمله.
الحادث الذي هز الشارع والحكومة المصرية على السواء، دفع وزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار، إلى اتهام حركة حماس بالتخطيط للحادث والتدريب عليه، بالتعاون مع عناصر إخوانية تولت التنفيذ داخل مصر.. قال «عبد الغفار» إن هذا الاتهام مبني على أدلة حقيقية وعلى اعتراف منفذي العملية أنفسهم.
وعندما ننظر إلى تصريحات المتحدث باسم حركة حماس في ذلك الوقت، سامي أبو زهري، فسنرى أن الفترة قبل اغتيال النائب العام، شهدت محاولات جدية لإعادة العلاقات بين الطرفين؛ فالمتحدث كشف عن أنه كانت هناك محاولات بين وفد حماس والمخابرات المصرية، لزيارة القاهرة، وتصحيح مسار العلاقات بما يخدم القضية الفلسطينية.
2017 .. حماس وقطع العلاقات مع قطر
لم يكن أحد يتوقع أن عام 2017 تحديدا، سيحمل مواقف متباينة تجاه حماس.
ففي بداية يونيو 2017 وعندما اشتعلت أزمة قطع العلاقات مع قطر، والدول الأربعة مصر والسعودية والإمارات والبحرين، كانت أحد الانتقادات الموجهة لقطر هي دعم حركة حماس وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وتمويل الجماعات الإرهابية.
وفي الوقت الذي يشير فيه هذا الاتهام إلى احتمال تصاعد التوتر من جديد بين حركة حماس والحكومة المصرية، نجد تصريحا لنائب رئيس حركة حماس، خليل الحياة، بأن العلاقات بين مصر وحماس آخذة في التحسن.
كان الحية «يأسف» في تصريحه للزج باسم حماس في هذه الأزمة القطرية، والذي قد يضيع مجهود 15 شهرًا سابقا من اللقاءات بين المسئولين من الجانبين، لتطوير العلاقات وإعادة فتح معبر رفح.
تقارير إعلامية كثيرة تحدثت على أنه حتى في ظل الأزمة القطرية فإن هناك الكثير من التفاهمات التي تظهر بين الحكومة المصرية وحماس، بعد أن أدرك الطرفان أن لديهما مصالح أمنية مشتركة، كان على رأسها تأمين حدود مصر ضد تسلل العناصر الإرهابية في وقت تشهد فيه سيناء الكثير من العمليات ضد عناصر متطرفة؛ أما من ناحية حماس، فكانت تأمل في إعادة فتح معبر رفح بما يخدم القضية الفلسطينية وأبناء غزة.
وفي أواخر يونيو الماضي، أسفرت هذه القاءات عن فتح معبر رفح لمرور شاحن محملة بالوقود لحل مشكلة انقطاع الكهرباء بقطاع غزة.
- المخابرات المصرية والتصالح مع حماس
بينما كان موقف مصر السياسي من حماس لا يزال محل شكوك؛ نجد قيادات حماس يصرحون بأن المخابرات المصرية قررت أن تقود لقاءات وتفاوضات بين الجانبين.
العلاقات تحسنت كثيرا بالفعل؛ ففي 17 سبتمبر 2017، أعلنت الحركة عن إعادة فتح مكتب لحركة حماس بالقاهرة، برئاسة، روحى مشتهى؛ بعد ثلاثة أعوام من حظر أنشطة الحركة في مصر.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فكانت نتيجة المصالحة بين مصر و«حماس»، أن أعلنت الحركة حل اللجنة الإدارية التي تدير قطاع غزة.
هذا يعني أن «حماس» ستترك إدارة القطاع، للتفاوض مع حركة فتح، لتشكيل حكومة الوفاق وإنهاء الانقسام بين الحركتين، عملا بوثيقة 2011.
وبهذا تتحقق أهداف الوثيقة التي وقعت في مصر أيضا قبل أعوام طويلة من توتر العلاقات بين مصر وحماس. ففي مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، وقعت فتح وحماس على حكومة وحدة وطنية مكونة من أعضاء الحركتين؛ لإنهاء الانقسام الفلسطيني بينهما.