من حاييم ليفي لتوجو مزراحي.. يهود تركوا بصمتهم للتاريخ في فنون مصر
كان اليهود المصريون جزء من الشعب المصري، فلم يتقوقعوا على أنفسهم وإنما اندمجوا وشاركوا في كل مناحي الحياة لاسيما الفن الذي احتضن عدداً من مواهبهم. «شبابيك» يستعرض في هذا التقرير عدداً من الشخصيات اليهودية التي تركت بصمتها في الموسيقى والغناء والسينما.
داوود حسني
كان علماً من أعلام التلحين ورائداً من رواد النغم، واسمه الحقيق دافيد حاييم ليفي. ولد في القاهرة عام 1870، وعمل بتجليد الكتب، ثم تفرغ للموسيقى فتعلم العزف على العود ودرس على يد المطرب محمد شعبان بالمنصورة الموشحات القديمة والأدوار، واحترف الغناء في القاهرة، وحاز على إعجاب المستمعين، وتميز ببراعته في تقليد أشهر مطربي الجيل محمد عثمان.
انتقل داود حسني من الغناء إلى التلحين، فأبدع فيه وكان كثير الإنتاج سريع التلحين. أخذ المطربون يقبلون على ألحانه مثل عبده الحامولي، وزكي مراد، وصالح عبدالحي، وعبداللطيف البنا، ومحمد عبدالمطلب، ومن المطربات منيرة المهدية، وأم كلثوم وفتحية أحمد، وليلى مراد، ورجاء عبده.
ليلى مراد
أشهرت إسلامها وهي في ذروة عطائها الفني، وبالتحديد في عام 1946، ثم أسلم ظاهرياً شقيقها موريس الشهير بمنير مراد عندما اقترن بالفنانة سهير البابلي، وظل على ديانته اليهودية حتى آخر يوم في حياته كما ثبت من أوراقه الرسمية.
اقترنت ليلى مراد بالفنان أنور وجدي، وبعد وفاته تزوجت بالمخرج السينمائي فطين عبدالوهاب، وأنجبت ابنها زكي، ثم تزوجت وجيه أباظة، وأنجبت ابنها أشرف.
كان والدها زكي مراد من نجوم الطرب والتلحين وتلميذاً للفنان داوود حسني، وأنجب بالإضافة إلى ليلى وموريس، ملك، ومسيحة، وإبراهيم، وهؤلاء ظلوا على ديانتهم الأصلية.
في عام 1953 تم منع عرض أفلام ليلى مراد في دمشق، وذلك نتيجة حملة مغرضة ضدها أريد بها الإضرار بصناعة السينما المصرية.
في ذلك الوقت ترددت شائعات لدى الحكومة السورية أن «ليلى» يهودية وأنها تتردد على إسرائيل وتتبرع لها، ففرضت السلطات السورية حظراً على أفلام المطربة المصرية، ما دفع السفارة المصرية في دمشق لإبلاغ القيادة السورية أن ليلى مراد مسلمة، ومصرية، ولم تزر إسرائيل أو تتبرع لها، وأن شركات الأفلام التي مثلت منها إنتاجها ومنها أفلام مصر الحديثة، وأفلام محمد فوزي، والأفلام المتحدة، تقدمت بالشكوى من استمرار هذا الحظر.
وبناء على ذلك طلبت السفارة المصرية من وزارة الخارجية السورية التدخل لدى السلطات المختصة لكي تعدل رقابة الأفلام السورية عن قرار منع عرض الأفلام التي تشارك فيها ليلى مراد.
اليهود في مصر.. بين الثراء والتأميم ثم الانقراض
راقية إبراهيم
اسمها الحقيقي راشيل إبراهام ليفي. لعبت أدوار البطولة في عدد من الأفلام في الأربعينات والخمسينات أمام نخبة من أشهر نجوم السينما المصرية، منها فيلم «رصاصة في القلب» أمام الفنان محمد عبدالوهاب، و«أجنحة الصحراء» أمام الفنان أحمد سالم عام 1938، وكان أول فيلم من إخراجه، و«زينب» أمام الفنان يوسف وهبي، و«جنون الحب» وكان آخر فيلم للفنان أنور وجدي.
بدأت راقية إبراهيم حياتها في حي السكاكيني حائكة ملابس، إلا أنها أغرمت بفن التمثيل، فالتحقت بالفرقة القومية، وصعد نجمها في مسرحية «سر المنتحرة» لتوفيق الحكيم عام 1938.
تزوجت بمهندس الصوت مصطفى والي، وغادرت مصر في عام 1956 إلى الولايات المتحدة الأمريكية/ وعملت بقسم الاتصال والإعلام الخاص بالوفد الإسرائيلي في هيئة الأمم المتحدة. زارت «راقية» إسرائيل أكثر من مرة، وامتلكت بوتيكاً لبيع المنتجات والتحف الإسرائيلية في نيويورك.
إلياس مؤدب
شارك في العديد من الأفلام أمام أشهر نجوم الكوميديا، وعلى رأسهم الفنان إسماعيل ياسين. كان إلياس مؤدب يقيم في شارع سوق الفراخ بحارة اليهود في الفترة التي عمل فيها بأحد محال تصليح الساعات بشارع عبد العزيز أمام عمر أفندي، ثم عمل منولوجست في الأفراح الخاصة.
اشتهر بتقليد اللهجة الشامية التي كانت مفتاحه في ولوج عالم السينما والشهرة، وكان من البراعة بحيث رسخ في أذهان الكثيرين – إلى يومنا هذا – أنه من أصل لبناني أو سوري.
نجوى سالم
اسمها الحقيقي نينات شالوم. لمعت في فرقة الريحاني، وامتد نشاطها إلى العديد من الفرق المسرحية، واقترنت لفترة بالناقد الصحفي عبدالفتاح البارودي، وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات قد منحها شهادة تقدير ومعاشاً استثنائياً مدى الحياة وتوفيت عام 1988.
صحف ومجلات مصرية دعمت الصهيونية.. تعرف عليها
توجو مزراحي
برز اسمه في مجال صناعة السينما كواحد من رواد هذا الفن، فهو أول من أدخل التجارة على السينما بمعاونة شركة «جوزي فيلم» التي كانت تملك وتدير 10 دور للسينما في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس. كان «مزراحي» يرى أن السينما هي المجال الأكثر ضماناً للربح لذا اتجه إلى امتلاك وإدارة بعض دور السينما.
زاول «مزراحي» فن التمثيل في أفلام من إنتاجه وإخراجه تحت اسم أحمد مشرقي منها «الكوكايين» عام 1930، و«خمسة آلاف وواحد» عام 1942 والذي اشترك فيه مع عدد من الممثلين اليهود المغمورين مثل فنان يدعى شالوم، وفتاة يهودية عملت معه باسم مستعار هو حنان رفعت.
«مزراحي» أنتج وأخرج عدداً من أفلام علي الكسار، وفؤاد الجزايرلي، وغيرهم، كما أنتج فيلم «ليلة ممطرة» للفنان يوسف وهبي.
جوزيف موصيري
في مجال إنتاج وتوزيع أفلام السينما، برزت شركة «جوزي فيلم» التي أسسها جوزيف موصيري عام 1915، والتي شيدت أستوديو للإنتاج السينمائي، وكانت تحتكر استيراد وبيع الأفلام الخام، وكان مقرها في شارع الأنتخانة المصرية (محمود بسيوني حالياً بوسط القاهرة).